ليدين الأحياء والأموات

سمع المؤمنون الربَّ يقول قبل الصعود إلى جبل التجلِّي: "في الحاضرين هنا من لا يذوقون الموت حتَّى يشاهدوا مجيء ملكوت الله في مجد عظيم" (مر 9: 1). وهكذا انتظرت الكنيسة الأولى مجيء الربِّ في وقت قريب. ولكن تأخَّر هذا المجيء. ومات بعض المؤمنين، فسألت جماعة تسالونيكي رسولها: ما هو مصير الذين ماتوا؟ هل يكونون في موكب الربّ؟ فأجاب: "إنَّنا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الربِّ لن نتقدَّم (نسبق) الذين رقدوا. لأنَّ الربَّ نفسه سينزل من السماء... فيقوم أوَّلاً الذين ماتوا في المسيح، ثمَّ نُخطَف معهم في السحاب، نحن الأحياء الباقين، لملاقاة الربِّ في الفضاء، فنكون كلَّ حين مع الربّ" (1 تس 4: 15-17).

أجل، الربُّ يدين البشر جميعًا. ويقول يو 3: 19-20: "الدينونة هي أنَّ النور جاء إلى العالم فأحبَّ الناس الظلام بدلاً من النور لأنَّهم يعملون الشرّ. فمن يعمل الشرَّ يكره النور فلا يخرج إلى النور لئلاَّ تنفضح أعماله." فالدينونة تكون للأشرار، لا للصالحين، كما قال الربّ: "الذين عملوا الصالحات يقومون إلى الحياة، والذين عملوا السيِّئات يقومون إلى الدينونة" (يو 5: 28). دينونة عادلة هي (آ30)، لا يقوم بها الآب، بل تركها للابن. قال يسوع: "والآب لا يدين بنفسه أحدًا، لأنَّه جعل الدينونة كلَّها للابن" (آ22). وفي دينونته يميِّز من يسمع له ويؤمن بمن أرسله: "فهذا لا يحضر إلى دينونة، بل ينتقل من الموت إلى الحياة" (آ24).

لهذا لا نخاف نحن الذين تعرَّفنا إلى يسوع في إخوتنا وأخواتنا. لا نخاف نحن الذين آمنّا وثبتنا في المحبَّة. لهذا نستطيع القول مع يوحنّا: "لنا ثقة في يوم الدين" (1 يو 4: 17). "كما هو هكذا نحن." هو ثابت في المحبَّة ونحن ثابتون معه. وهذا التشبُّه بيسوع يجعلنا واثقين. فهنيئًا لنا نمضي إلى استقبال الربِّ الآتي لاستقبالنا.


 

إنجيل يوحنّا 5: 19-29

فأجابَ يسوعُ وقالَ لهم: "آمين آمين أنا قائلٌ لكم: الابنُ غيرُ قادر أن يصنعَ شيئًا من تلقاءِ نفسه، إلاّ الشيء الذي يرى الآبَّ عاملَه، لأنَّ ما الآبُ عاملُه، الابنُ أيضًا مثلَه عاملُه. لأنَّ الآبَ يحبُّ الابنَ ويُظهرُ له كلَّ شيء يعملُه. وهو يظهرُ له وفرةً من هذه الأعمالِ لكي تتعجَّبوا أنتم. فكما أنَّ الآبَ مُقيمٌ الموتى ومحييهم، هكذا الابنُ أيضًا مُحيي من يشاء. لأنَّ الآبَ ما كان دائِنًا لإنسان، بل وهبَ الدينونةَ كلَّها للابن. لكي يوقِّرَ الابنَ كلُّ إنسانٍ كما الآبُ موقَّر، وذاك الذي لا يكونُ موقِّرًا الابنَ لا يوقِّرُ الآبَ الذي أرسلَه.

آمين آمين أنا قائلٌ لكم: سامعُ كلمتي والمؤمنُ بمَنْ أرسلَني، تكونُ له الحياةُ الأبديَّة، وما هو آتٍ إلى الدينونة، بل هو انتقلَ من الموتِ إلى الحياة. آمين آمين أنا قائلٌ لكم: الساعةُ آتية، وهي الآنَ أيضًا، متى الموتى يَسمعونَ صوتَ ابنِ الله وأولئكَ السامعونَ يحيونَ. فكما أنَّ للآبِ الحياةَ بأقنومِه، كذلكَ وهبَ الابنَ أيضًا أن تكونَ الحياةُ بأقنومِه. وسلَّطَه أيضًا لكي يكونَ صانعًا الدينونةَ. لأنَّه ابنُ الإنسان. لا تتعجَّبونَ بهذا! الساعةُ آتيةٌ متى يسمعُ صوتَه الذين في القبورِ كلُّهم، فالذين عملوا الصالحاتِ يخرجونَ إلى قيامةِ الحياة، والذين عملوا السيِّئات إلى قيامةِ الدينونة.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM