تألَّم ومات وقُبر

نحن هنا أمام سرٍّ عميق. ابن الله الذي تجسَّد، صار إنسانًا، مرَّ في الألم والموت. وفي النهاية، قُبر، وُضع "كدتُ أقول" تحت التراب. شأنه شأن جميع البشر. لكنَّ حظَّه كان أفضل من حظِّهم. وُضع في قبر جديد، سبق يوسف الرامي وأعدَّه لنفسه فصحَّ فيه كلام النبيّ إشعيا: "دُفن مع الأغنياء." من كانت له دفنة مثل هذه الدفنة: "خليط من المرِّ والعود وزنه نحو مئة درهم" (يو 19: 39). من دفنَه؟ يوسف الراميّ ذاك الوجيه في قومه، ونيقوديمس ذاك "المعلِّم في إسرائيل" (يو 3: 9). "حَملا جسد يسوع وسكبا عليه الطيب ولفَّاه في كفن" (آ40). وما كان هذا كافيًا، بل هو نال التكريم قبل دفنه: "تناولت مريم قارورة طيب غالي الثمن من الناردين النقيّ وسكبتها على قدمي يسوع..." (يو 12: 3). احتجَّ البعض. لماذا لم يُوهَب ثمن هذا الطيب للفقراء. أجاب يسوع: "اتركوها! هذا الطيب حفظته ليوم دفني" (آ7).

أجل، جعلت الكنيسة في أوَّل تعابير إيمانها نهاية حياة يسوع: "المسيح مات من أجل خطايانا، كما جاء في الكتب، دُفن وقام في اليوم الثالث كما في الكتب" (1 كو 15: 34). أيُّ كتب؟ إشعيا أوَّلاً في نشيد عبد الربِّ الرابع: "بالظلم أُخذ وحُكم عليه... انقطع من أرض الأحياء... وُضع مع الأغنياء قبره ومع الأغنياء لحده... لذلك أُعطي نصيبًا مع العظماء وغنيمة مع الجبابرة. بذل للموت نفسه...".

هذه الكتب قرأها يسوع مع تلميذين ماضيين من أورشليم إلى عمّاوس. كما قرأها مع الأحد عشر. وذلك بعد أن وبَّخهم على قلَّة إيمانهم: "هذا ما جاء فيها: وهو أنَّ المسيح يتألَّم ويقوم من بين الأموات في اليوم الثالث، وتُعلَن باسمه بشارة التوبة لغفران الخطايا إلى جميع الشعوب." (لو 24: 46).

مات يسوع. وقُبر. فكان مثل حبَّة القمح التي وقعت في الأرض وماتت. وبما أنَّها قبلت أن تموت أخرجت حبًّا كثيرًا (يو 12: 24). هكذا كان موت يسوع ودفنه. قام فكان بكر الراقدين، ومعه نقوم من أجل حياة جديدة.


 

إنجيل لوقا 23: 50-56

ورجلٌ ما شريف، اسمُهُ يوسف، مِنَ الرامةِ مدينةِ اليهوديَّة، كان رجلاً صالِحًا وصدِّيقًا. هذا ما كان مُوافقًا لمَشيئتِهم ولعمَلِهم، ومُنتظرًا كان ملكوتَ الله. هذا اقتربَ لَدى بيلاطسَ وطلَبَ جسَدَ يسوع. فأنزَلَهُ ولفَّهُ بكفَنٍ من كتّان ووضَعَهُ في قبْرٍ مَحفور، وما كان وُضعَ فيه إنسانٌ حتّى اليوم. ويومُ الجمعةِ كان، والسبتُ مُنبلِجًا كان. وقريباتٍ كانتِ النساءُ اللواتي أتَينَ معه من الجليل. فرأَينَ القبْرَ وكيف وُضعَ جسدُه. وعُدْنَ فأعدَدْنَ حَنُوطًا وطُيوبًا، وفي السبتِ استَرَحْن كما هو مأمور.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM