الذي من أجلنا

مع هذا التأمُّل، يبدأ التدبير الإلهيّ. ذاك الذي كان لدى الله، جاء إلى البشر. وها هو قصد الله يتحقَّق في التاريخ بعد أن تحقَّق في الخليقة. في البدء رأى الله جميع ما خلقه، فإذا هو حسَنٌ جدًّا. أمّا في التاريخ، فلا بدَّ أن يأتي إلينا الابن.

قال الربُّ: "هكذا أحبَّ الله العالم حتَّى إنَّه أرسل ابنه إلى العالم." ما الذي دفع الآب لكي يُرسل الابن؟ محبَّته. والعالم يدلُّ هنا على البشريَّة. فالهدف هو البشر الذين يعيش معهم الابن، كما قال الكتاب: "سروري أن أقيم وسط البشر."

لا. لم يأتِ الابن إلى العالم لحاجةٍ في نفسه، وكأنَّ شيئًا ينقصه. جاء لأنَّه يحبُّ ولأنَّه المحبَّة. ففي بداية مسيرة الآلام سمعناه يقول: "لمّا علم يسوع أنَّ ساعته أتت لينتقل من هذا العالم إلى الآب، أحبَّ خاصَّته، أحبَّهم حتَّى غاية المحبَّة." ودلَّ على محبَّته حين ركع على أرجلهم وبدأ يغسلها.

لا. ما جاء الابن إلى العالم من أجل نفسه، بل من أجل البشريَّة. رأى أنَّها في حالة ضياع، والخطيئة تنخرها نخرًا، فجاء إلينا ليكون معنا. رآنا في الألم، فجاء يتألَّم معنا. رآنا غارقين، فجاء ينتشلنا. رآنا ضعفاء، فجاء يقوِّينا. حضوره يكفي، فماذا يكون عمله؟

رأى إخوته وأخَواته، كما رأى الشعب العبرانيَّ في عبوديَّة مصر. وسمع صراخهم كما الربُّ سمع أولئك الذين يعملون كالعبيد. يقولون: وهل نستحقُّ؟ وهل الأمُّ تتساءل إذا كان طفلها يستحقُّ أن تسهر عليه؟ لو كنَّا أبرارًا؟ ولكنَّنا خطأة. وإذا كنَّا خطأة، وإذا كنَّا مرضى؟ فهو ما جاء من أجل الأبرار، بل من أجل الخطأة. وهو ما جاء من أجل الأصحَّاء، بل من أجل المرضى. فتعال أيُّها الربُّ يسوع. نحن مرضى وأنتَ تشفينا. نحن خطأة وأنتَ تغفر لنا فتقدِّسنا لنكون تقدمة تُرضي أباك السماويّ.


 

إنجيل يوحنّا 4: 31-42

وأثناء ذلك، طالبينَ منه تلاميذُه كانوا، وقائلينَ له: "رابّان، كُلْ!" أمّا هو فقالَ لهم: "لي مأكلٌ آكلُه، وأنتم غيرُ عارفين أنتم." فقالَ التلاميذُ فيما بينَهم: "هل أتى إنسانٌ له بشيءٍ ليأكلَ؟" فقالَ لهم يسوعُ: "مأكلي الخاصُّ هو أن أعملَ مشيئةَ مَنْ أرسلَني، وأكمِّل عملَه. أما أنتم قائلون: بعد أربعةِ أشهرٍ الحصادُ آتٍ؟ وها أنا قائلٌ لكم: ارفَعوا عيونَكم وانظُروا الأراضي التي ابيضَّتْ وبلغَتْ للحصادِ منذُ الآن. فالحاصدُ آخذٌ أجرَه، وجامعٌ الثمارَ للحياةِ الأبديَّة. فالزارعُ والحاصدُ معًا يفرحان. فبهذا تكونُ كلمةُ الحقِّ: آخَرُ هو زارعٌ وآخَرُ حاصدٌ. أنا أرسلتُكم لحصادِ شيء ما تعبتُم أنتم فيه. فآخرون تعِبوا وأنتم دخلتُم على عملِ أولئك."

ومنْ تلك المدينة، سامريّون كثيرونَ آمنوا به من أجلِ كلمة تلك المرأة، التي كانَتْ شاهدة: "قالَ لي كلَّ شيءٍ فعلتُ." وعندما أتى إليهِ هؤلاء السامريّون، طلبوا منه أن يكونَ عندَهم، وكانَ عندَهم يومينِ اثنَين. وكثيرون آمنوا به لأجلِ كلمتِه. وكانوا قائلينَ لتلكَ المرأة: مِنَ الآن، ما نحنُ مؤمنون به من أجلِ كلمتِك، فنحنُ سمعْنا وعرفْنا أنَّ هذا هو حقًّا المسيح، مخلِّص العالم."


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM