يوم العنصرة

هو يوم الاجتماع العظيم، الذي يذكِّر المؤمنين بعطيَّة الشريعة على جبل سيناء. واليوم، الجبل هو جبل أورشليم. والرسل مجتمعون في العلِّيَّة حيث كسر لهم يسوع الخبز وسقاهم الخمر: هذا هو جسدي. هذا هو دمي.

الروح جاء يواصل عمل الابن. وعد به يسوع ونبَّه الرسل: "انتظروا" (أع 1: 4). عشرة أيَّام بعد الصعود أطلَّ الروح "وملأ البيت الذي كانوا فيه". هو خلق جديد يجعلهم أناسًا مختلفين عمّا كانوا من قبل. كانوا جبناء، صاروا أقوياء. كانوا أميِّين. هذا ما كان الناس يعرفون عنهم. صاروا متكلِّمين. تتخيَّلون بطرس، صياد السمك، يلقي الخطبة بعد الخطبة فتتفطَّر قلوب الحاضرين ويطلبون المعموديَّة!

كانوا مجتمعين. والاجتماع معًا هو الشرط الأساسيّ لحلول الروح. ومع أنَّه نزل على الجميع، إلاَّ أنَّ كلَّ واحد نال حصَّته. كانت الرواية: ألسنة من نار، وعلى كلِّ واحد نزل "لسان". كلُّ واحد نال الروح. واللسان يدلُّ على إمكانيَّة الكلام. ما عادوا مثل موسى أو إرميا اللذين استصعبا الكلام. والنار ترمز إلى حضور الله. فالروح القدس هو الله، كما الآب والابن. هو مثلهما من جوهر واحد.

أتى الروح، كالريح. والكلمة هي ذاتها في اللغات الساميَّة. أبواب مقفلة، فُتحت. نوافذ مغلقة، تخلَّعت. رسل مسجونون، فُتح "السجن". أخرجهم الروح. مكانهم ليس هنا. انطلقوا. لا يستطيع واحد منكم أن يبقى جالسًا هنا، متردِّدًا، والإنجيل ينتظر من يحمله. كانوا صامتين، فأخذوا يتكلَّمون، لا من عندهم، بل على "قدر ما يمنحهم الروح" (أع 2: 4).

كلُّهم امتلأوا. فالروح يُرسَل للجميع. وكلُّ واحد نال. فكلُّ واحد فريدٌ في نظر الله. وكلُّ واحد مدعوّ للانطلاق وحمل الكلمة. كيف نستطيع أن نسكت بعد اليوم؟ مع أنَّ اليهود أرادوا أن يسكتوهم، أن يمنعوهم من ذكر اسم يسوع. الروح يتكلَّم. فمن يقدر أن يَمنع عمل الروح في الكنيسة وفي العالم؟


 

سفر الأعمال 2: 1-13

ولمّا تمَّتْ أيّامُ الخمسين، كانوا كلُّهم مُجتمعينَ معًا. وبغتةً كانَ من السماء صَوتٌ مِثلَ ريحٍ شديدة، فمُلئَ منها كلُّ البيتِ الذي كانوا فيه قاعدِين. وتراءى لهم ألسنةٌ كانَتْ مُنقسمَةً مِثلَ النارِ واستقرَّتْ على واحدٍ واحدٍ منهم، فمُلِئوا كلُّهم بالروحِ القدس، وابتدأوا يتكلَّمونَ بلسانٍ ولسانٍ كما وهبَ لهم الروحُ أن يتكلَّموا.

وكانَ هناك رجالٌ مُقيمون في أورشليم، يهودٌ خائفو الله، من كلِّ الشعوبِ التي تحتَ السماء. ولمّا كانَ الصوتُ ذلك، اجتمعَ الشعبُ كلُّه وتبلبلَ، لأنَّ واحدًا واحدًا منهم كان سامعًا إيّاهم مُتكلِّمينَ بألسنتِهم. وكانوا كلُّهم مُندهِشينَ ومُتعجِّبين، وكانوا قائلينَ الواحدُ منهم للواحد: "هؤلاء المُتكلِّمونَ كلُّهم، أما هم جليليّون؟ فكيف نحن واحدًا واحدًا سامعونَ لسانَه المولودَ فيه: فرتيّون، مادّايون، هلنيّون، وأولئك الساكنونَ بين النهرين، يهودٌ وكبادوكيّون والذين من أرضِ البنطُسِ وآسية، والذين من أرضِ فريجيَة وبَمْفيليةَ ومصرَ وأراضي ليبيا القريبةِ من كيريني وأولئك الذين أتَوا من رومة، يهودًا ودُخلاء، والذين من كريت، والعرب. ها نحن سامعون منهم وهم مُتكلِّمون بألسنتِنا الخاصَّةِ عن عجائبِ الله."

وكانوا كلُّهم مُتعجِّبين ومُنذهلين، وقائلينَ الواحدُ للواحد: "ما هو هذا الأمر؟" أمّا آخرونَ فكانوا مُستهزئينَ بهم وقائلين: "هؤلاء شربوا سُلافًا وارتوَوا."


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM