مع الروح نصلِّي

هناك صلاة وصلاة. صلاة تتوقَّف عند اللسان ولا تصل إلى الأعماق. لا فائدة منها. وإلاَّ نشبه أهل الصين الذين يجعلون الدولاب يدور. والربُّ قال لنا: "إذا صلَّيتم، لا تكونوا ثرثارين مثل الوثنيِّين (الراكعين أمام وثن، أمام صنم، لا يحسُّ ولا يسمع ولا يرى) الذين يظنُّون أنَّه بكثرة صلاتهم يستجاب لهم. فلا تتشبَّهوا بهم." وهناك صلاة الانتفاع، كما قال الذهبيّ الفم: إذا صلَّيت إلى الله وطلبتَ غرضًا فأنت لا تطلب الله، بل الغرض. وعندما تنال الغرض تتوقَّف صلاتك حتَّى تحتاج إلى شيء آخر.

وهناك صلاة لكي يرانا الناس فنتاجر بهذه الصلاة: شخص وجيه! هو يصلِّي. يشاركنا في القدَّاس، كما حصل لدى بعض البلدان الخارجة من الشيوعيَّة. هو يصلِّي! إذًا ننتخبه. هو رجل تقيّ! وإذا كان من نوع الكتبة والفرِّيسيِّين! شجب يسوع هذه الصلاة. ربَّما ربح "المؤمن" بعض الشيء على المستوى البشريّ أو "السياسيّ" أو في المجتمع. ولكنَّ عمله ليس بصلاة، ولا ممارسته ممارسة. "أخذوا أجرهم".

كيف يعلِّمنا الروح أن نصلِّي؟ "ادخل مخدعك وأغلق بابك عليك وصلِّ إلى أبيك في الخفية". أنا أنظر إلى الله وهو ينظر إليَّ، ولا أحتاج إلى مديح من البشر. وأنا الابن (أو: الابنة) أكلِّم الله وهو يكلِّمني. ولكنَّ هذا ليس بالأمر البشريّ. هو نعمة من الله. لهذا يقول لنا الرسول: "بالروح نصرخ إلى الله: أبَّا (كما الطفل ينادي والده)، أيُّها الآب" (رو 8: 15). "فالروح يشهد مع أرواحنا أنَّنا أبناء الله" (آ16). هي الدالَّة. هي الحرِّيَّة. والارتياح والثقة التامَّة. نحن في حضن الآب كالطفل في حضن أبيه أو أمِّه، ونستطيع أن نطلب منه كلَّ شيء "فنناله" (يو 15: 7)، لأنَّنا في طلبنا نمجِّد الآب ونكون للابن تلاميذ (آ8).

من هو معلِّمنا في هذه المسيرة؟ الروح القدس. أرسله الآب إلى قلوبنا هاتفًا: لستم بعدُ عبيدًا، بل أبناء. هل نؤمن بهذا؟ وهل نترك الروح يصلِّي فينا؟


 

إنجيل متّى 6: 5-15

ومتى أنتَ مُصَلٍّ، لا تكونُ مِثلَ الآخِذينَ بالوجوهِ المُحبِّين القيامَ في المجامعِ وفي زوايا الأسواقِ للصلاةِ لكي يُرَوا لدى الناس. فآمين، أنا قائلٌ لكم: قبِلُوا أجرَهم.أمّا أنتَ فمتى (تكونُ) مُصلِّيًا، ادخُلْ مخدَعَك، وأغلِقْ بابَك وصلِّ لأبيك الذي في الخفاء، وأبوكَ الناظرُ في الخفاءِ يُجازيكَ في العلَن.وعندما (تكونون) أنتم مُصلِّين لا تكونون مِهذَارينَ مثلَ الوثنيِّين الظانِّينَ أنَّهم بالكلامِ الكثيرِ مسموعونَ فـ (أنتم) لا تتشبَّهون بهم.فأبوكم عارفٌ ماذا تحتاجونَ قبْلَ أن تسألوه.

فهكذا صلُّوا أنتم: أبانا الذي في السماء، يُقدَّسُ اسمُك،يأتي ملكوتُك، تكونُ مشيئتُك كما في السماء في الأرضِ أيضًا.هبْ لنا خبزَ كفايتِنا اليومَ، واترُكْ لنا ديونَنا كما نحن أيضًا ترَكْنا للمَدينينَ إلينا.ولا تُدخِلنا التجربة، لكنْ نجِّنا من الشرّير، لأنَّ لكَ الملكوتَ والقدرةَ والمجدَ إلى أبدِ الآبدين.

فإذا تركتُم للناسِ جهالاتِهم يَتركُ لكم أيضًا أبوكم الذي في السماء.وإذا ما تركتُم للناس، فلا أبوكم (يكونُ) تاركًا لكم جهالاتِكم.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM