الروح المحرِّر

مرَّات عديدة نبَّهنا يسوع ورسله إلى العبوديَّة. اعتبر اليهود أنفسهم أحرارًا لأنَّهم أبناء إبراهيم. قال لهم يسوع: "من يصنع الخطيئة يصبح عبدًا للخطيئة" (يو 8: 34). ويتواصل الكلام: "العبد لا يُقيم في البيت إلى الأبد، ولكنَّ الابن يقيم إلى الأبد" (آ35). "فإذا حرَّركم الابن صرتم أحرارًا حقًّا" (آ36). ولكنَّ الابن الذي صعد إلى السماء ترك الروح يواصل تحريرنا.

تحريرنا أوَّلاً من الخطيئة، ومن شهوات اللحم والدم والميل إلى الخطيئة. هنا قال الرسول: "فمع أنَّكم كنتم عبيدًا للخطيئة... تحرَّرتم من الخطيئة وأصبحتم عبيدًا للبرّ" (رو 6: 17-18). من عبوديَّة إلى عبوديَّة. من عبوديَّة تحرِّرنا إلى الأعماق فتوصلنا إلى جهنَّم، إلى عبوديَّة تلصقنا بالله فترفعنا إلى مستوى الله. بعد اليوم، تصير أعمالكم بحسب مشيئة الله، وحياتكم تدخل في مخطَّط الله فتكونون حيث المسيح يكون. فيا لسعادتنا حينذاك!

كنّا عبيدًا للخطيئة فتحرَّرنا. وكنّا عبيدًا للشريعة، فتحرَّرنا. قال الرسول: "شريعة الروح الذي يهبنا الحياة في يسوع المسيح، حرَّرتك (أيُّها المعمَّد، أيُّها المؤمن) من شريعة الخطيئة والموت" (رو 8: 2). الختان (أو: التطهير) ضروريّ لتكون ابن إبراهيم! والإيمان؟ احتفظْ من بعض المأكولات لأنَّها نجسة! ولكنَّ الكتاب يقول: كلُّ ما خلقه الله هو حسن، جميل، طيِّب. فمن أنت أيُّها الإنسان حتَّى تعلِّم الله ما يجب أن يفعل وما ينبغي أن يفكِّر. أعلن يسوع: "كلُّ الأطعمة طاهرة". شريعة الجسد، شريعة اللحم والدم، والطعام والشراب وغيرها من ممارسات الإنسان، كلُّ هذا حرَّرنا منه الروح.

ويُتَّهم المسيحيُّون أنَّ لا شريعة عندهم! بكلّ تأكيد. مثل هذه الشريعة تجاوزناها بفعل الروح. شريعتنا هي المسيح. فالشريعة هي ما رسم الله لنا. من فتح لنا من طريق، ومن سدَّد خطانا وصوَّبها فصارت مستقيمة. ذاك ما فعله يسوع المسيح ابن الله. فمن يجسر أن يبدِّل في ما عمل. شريعته هي الذروة. فمن تركها عاد إلى الوراء، وهذا ما نراه في مجتمعنا حين يعود الناس إلى العبوديَّة على مستوى الطعام واللباس والعلاقة مع الآخرين. كبَّرَنا المسيح فرفعَنا، ونحن نريد أن ننزل وأن ننزل فنقارب الحيوان. ما أتعسنا!


 

رسالة القدِّيس بولس إلى أهل رومة 8: 1-11

إذًا، ليس مِن شجْبٍ لأولئك اللاسالكين في اللحم (والدم) بيسوعَ المسيح؟ لأنَّ الناموسَ الذي هو روحُ الحياةِ الذي بيسوعَ المسيح، حرَّرك من ناموسِ الخطيئةِ والموت، لأنَّ الناموسَ كان ضعيفًا بيدِ ضعفِه في البشريّ، فأرسل اللهُ ابنَه في شبهِ بشرِيَّةِ الخطيئةِ من أجلِ الخطأةِ لكي يَشجبَ الخطيئةَ في بشرِيَّته. لكي يُتمَّمَ برُّ الناموسِ فينا، لأنَّنا غيرُ سالكين في البشريِّ نحن، بل في الروحِ. لأنَّ الذينَ في البشريِّ هم، فهم البشريَّ مراعون، وأولئك الذين في الروح هم، مراعون الروحَ هم. فضميرُ البشريِّ موتٌ هو، وضميرُ الروحِ حياةٌ وسلام. لأنَّ ضميرَ البشريِّ عداوةٌ هو لدى الله، لأنَّ الناموسَ غيرُ خاضعٍ لله، لأنَّه غيرُ قادرٍ. وأولئك الذين في البشريِّ هم غيرُ قادرينَ على أن يُحسِنوا أمام الله.

أمّا أنتم فلستم في البشريِّ بل في الروح، إذا حقًّا روحُ الله ساكنٌ فيكم. فالإنسانُ الذي ليس فيه روحُ المسيح، هذا ليس خاصَّته. وإذا المسيحُ فيكم، فالجسدُ ميتٌ هو بسببِ الخطيئة. أمّا الروحُ فحيٌّ هو من أجلِ البرِّ. وإذا روحُ ذاك الذي أقامَ ربَّنا يسوعَ المسيحَ من بينِ الأموات ساكنٌ فيكم، فهذا الذي أقامَ يسوعَ من بين الأمواتِ يُحيي أيضًا أجسادَكم الميِّتة من أجلِ روحِه الساكنِ فيكم.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM