أنتم شعب من الأنبياء

ذاك ما قال المجمع الفاتيكانيّ الثاني: المؤمنون شعب من الأنبياء. أي نالوا من الروح موهبة النبوءة. وما هي هذه الموهبة؟ نعمة بها ندخل في سرِّ الله، في قلب الله. نحترق من الاقتراب منه. نشتعل بحبِّه بحيث لا نخاف شيئًا ولا أحدًا. فننطلق ولا نتوقَّف. عندئذٍ تصبح كلمة الله على شفاهنا وفي حركاتنا وفي نظرتنا وتصرُّفنا. من يهب هذه النعمة؟ الروح القدس.

وفي خطِّ هذه الموهبة، أعطانا الروح "تمييز الأرواح". روح الخير وروح الشرِّ يحيطان بنا. أيَّ صوت نسمع؟ أيَّ طريق نأخذ؟ مرَّات عديدة لا نعرف. سمع قايين صوتين. صوت الشرِّ والحسد والغضب والقتل. هكذا أكون "رجلاً". هكذا أفرض نفسي ولا أنتظر نداء حتَّى من الله. وهكذا تقودنا الخطيئة كما يُقاد كلب أو حمار. ولكنَّ صوت الله هو هنا: انتبه يا قايين... صوت عميق. من يعرِّفنا على تمييز صوت الله من أصوات الشرِّ حولنا؟ الروح. هذا يعني أنَّنا نسمعه. أنَّنا تعوَّدنا عليه. قال لنا الرسول: إذا كان الشيطان يتزيَّا بزيّ ملاك فما يكون من تبَّاعه؟ الصداقة مع الآخرين؟ التعامل؟ كيف نختارهم؟ متى نبتعد عنهم؟ الروح يعلِّمنا.

وكانت موهبة اعتبرها الكورنثيُّون أفضل موهبة لما فيها من تبجُّح خصوصًا أنّ الناس لا يفهمون ما نقول. لا. ليست هذه أوَّل موهبة. بل هي آخر موهبة في سلسلة المواهب. وتبقى محدودة إن لم يكن من يترجم ما نقول. هي عطيَّة من الروح إذا كانت في ترتيب، لا في فوضى. هي كلمة الروح. إذا وصل إلى الجماعة معناها حصل لها ملء الفائدة. وإلاَّ كما قال الرسول: لا نفع في ما نقول ولا فائدة. فالأفضل أن أصمت.

هنا يلتقي الروح والعقل. "روحي يصلِّي". هذا رائع. ولكن ينبغي أيضًا أن يصلِّي عقلي. وقال: "أرنِّم بروحي وأرنِّم بعقلي" (1 كو 14: 15). الإنسان يرتفع إلى الله بكلِّ قلبه وكلِّ نفسه وكلِّ قدرته وكلِّ جوارحه. هكذا يكون عمل الروح القدس وإلاَّ نكون في إطار عمل بشريّ مع هدف بشريّ! عندئذٍ نكون بعيدين عن الله.


 

رسالة القدِّيس بولس الأولى إلى أهل كورنتوس 14: 1-8

اركضوا وراء المحبَّةِ وتغايروا في مواهبِ الروح، وبالأحرى تتنبَّأون. فذاكَ المتكلِّمُ بلسانٍ، ما كان للناسِ مُتكلِّمًا بل لله. لأنْ لا إنسانٌ سامعًا الشيءَ المتكلِّمَ به، لكن هو بالروحِ السرَّ مُتكلِّمٌ. وذاك المتنبّئُ مُتكلِّمٌ للناس بالبنيانِ والتشجيعِ والعزاء. فالمتكلِّمُ بلسانٍ بانٍ هو نفسَه، والمتنبّئُ، الكنيسةَ بانٍ. أمّا أنا فمُريدٌ أن تتكلَّموا كلُّكم بألسنةٍ، وبالأحرى أن تتنبَّأوا.

والآنَ يا إخوتي، فذاك المتنبّئُ أعظمُ من ذاك المُتكلِّم بلسان، إذا لا مترجم. أمّا إذا كان مترجمٌ، فالبيعةَ بانٍ. ما نافعٌ أنا لكم إلاّ إذا أتكلَّمُ معكم أو بجلاءٍ أو بمعرفةٍ أو بنبوءةٍ أو بتعليم. لأنَّ تلك الأمورَ أيضًا التي ليس فيها نفس ومعطيةٌ صوتًا من مزمارٍ أو قيثارة، إذا فرقًا هي غيرُ صانعةٍ بين النغمِ ورفيقِه، فكيف يُعرَفُ المعزوفُ أو المنقور. وإذا البوقُ يُطلِق صوتًا لا مُميَّزًا، فمَن يَتهيَّأ للقتال.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM