البارقليط ذاكرة حيَّة في الكنيسة

دعا يسوع التلاميذ ليتركوا صيد السمك ويُمسوا "صيادي بشر" (لو 5: 10). ولكن ما إن غاب يسوع، حتَّى عادوا إلى صيد السمك (يو 21: 3). نسوا ما طلب منهم يسوع. فجاءهم وانتظرهم على الشاطئ (آ4). وكان يسوع قد كلَّمهم مرارًا أنَّه يتألَّم ويموت ويقوم في اليوم الثالث. لم يفهموا. لا خلال حياة يسوع ولا بعد صلبه. راحت النسوة وبشَّرت التلاميذ. هي الحيرة، وعدم التصديق والانطلاق إلى البعيد كما فعل التلميذان اللذان تركا الإخوة وتوجَّها إلى عمّاوس، البعيدة بضعة كلم عن أورشليم.

أحسَّ يسوع في وقت من الأوقات أنَّ "الحِمل" صار ثقيلاً عليهم. هو لا يستطيع أن يقول لهم كلَّ شيء. قال الربُّ في الخطبة الثانية بعد العشاء: "عندي كلام كثير أقوله لكم بعد، ولكنَّكم لا تقدرون أن تحتملوا، فمتى جاء روح الحقِّ أرشدكم إلى الحقِّ كلِّه، لأنَّه لا يتكلَّم بشيء من عنده، بل يتكلَّم بما يسمع ويخبركم بما يحدث" (يو 16: 12-13).

البارقليط هو روح الحقّ. روح يسوع المسيح الذي هو الطريق والحقّ (يو 14: 6). يأخذ من يسوع ويعطي الكنيسة. دوره دور المرشد الذي يوجِّه المؤمنين في عمل الرسالة كما الأمر ظاهر في سفر الأعمال. عرف الرسل بعض التعليم. ولكنَّ الوصول إلى الحقيقة كلِّها يحتاج إلى دفعٍ من الروح.

الروح يتكلَّم. ولكنَّه لا يُرى. أمّا نحن فبالإيمان نراه وبالإيمان نسمعه. هو يخبرنا كما الابن أخبرنا عن الآب (يو 1: 18). وإن نسينا فهو يذكِّرنا بما تعلَّمناه من يسوع. فهو المعلِّم بعد أن صعد "المعلِّم" يسوع المسيح إلى السماء. وهو الذاكرة. وهو الحافظة التي منها تستقي الكنيسة لتقدِّم إنجيل المسيح إلى العالم.

نحن هنا في قلب الثالوث. الابن يأخذ ممّا للآب (يو 16: 15: "كلُّ ما للآب هو لي")، وتعليمه هو تعليم الآب (يو 14: 10). وكذلك الروح يأخذ ممّا للابن ويوصله إلى الكنيسة. وكما أنَّ من رأى يسوع رأى الآب، كذلك من سمع الروح سمع الابن. وهكذا يشهد الروح للمسيح في قلب الكنيسة ويعطي التلاميذ أن يشهدوا به ومعه كما قال يسوع :"هو يشهد لي، وأنتم أيضًا تشهدون لي" (يو 15: 27).


 

إنجيل يوحنّا 14: 15-17، 25-27

إن أنتم مُحبّونَ لي، فاحفظوا وصاياي. وأنا أطلبُ من أبي فيهبُ لكم بارقليطًا آخرَ ليكونَ معكم للأبد. روحَ الحقِّ، ذاك الذي العالمُ غيرُ قادرٍ على قبولِه، لأنَّه ما رآهُ ولا عرفَه. أمّا أنتم فعارفونَه أنتم، لأنَّه عندكم ساكنٌ وفيكم هو.

بهذه تكلَّمتُ إذ كنتُ أنا عندَكم، أمّا ذلك البارقليط، الروحُ القدس، ذاك الذي يُرسِلُه أبي باسمي، فهو يعلِّمُكم كلَّ شيء وهو يُذكِّرُكم بكلِّ ما أنا قائلٌ لكم. السلامَ أنا تاركٌ لكم. سلامي الخاصّ أنا واهبٌ لكم. ما كانَ كما العالمُ واهبٌ، أنا واهبٌ لكم أنا. لا يضطربُ قلبُكم ولا يخافُ.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM