البارقليط وحضور المسيح

لفظ نقرأه فقط في الأدب اليوحنّاويّ. هو يدلُّ على الوظيفة لا على الطبيعة. هو المدعوّ ليكون بجانب. هو يلعب دورًا فاعلاً: هو المعاون، المحامي، المساند، المعزِّي. هي وظيفة يقوم بها يسوع المسيح في السماء على ما نقرأ في رسالة يوحنّا الأولى: "إن خطئ أحدٌ منّا، فلنا يسوع المسيح البارّ، بارقليط (شفيع، محامي) عند الآب، فهو كفَّارة لخطايانا (2: 1). أمّا على الأرض، فالروح القدس هو البارقليط. هو الذي يجعل حضور يسوع آنيًّا، اليوم، في حياة المؤمنين.

البارقليط هو حضور يسوع في الكنيسة. ومجيئُه ارتبط بانطلاق يسوع: "صدِّقوني! من الخير لكم أن أذهب. فإن كنتُ لا أذهب لا يجيئكم البارقليط. أمّا إذا ذهبتُ فأرسله إليكم" (يو 16: 7). فمجيء البارقليط يشكِّل مرحلة جديدة في تاريخ حضور الله وسط البشر. ففي الخطبة بعد العشاء الأخير، أعلن يسوع أنَّه سيأتي أيضًا. لا في نهاية الأزمنة فقط (يو 14: 3: أرجع وآخذكم)، بل أيضًا حين يتراءى للتلاميذ، فيسمح لهم أن يروه. ولكنَّ حضوره وسط أخصَّائه لن يكون ملموسًا ("لا تلمسيني"، لا تستطيعين بعد اليوم، يو 20: 17)، بل "روحيًّا". حتَّى الآن، لبث مع أخصَّائه (14: 25: "وأنا معكم"). أمّا الآن، فباسمه وبناء على صلاته يرسل لهم الآب "بارقليطًا آخر" (آ16).

هذا البارقليط يرسله يسوع نفسه: أنا "أرسله لكم". فالروح هو "غير" يسوع، هو شخص غير شخص يسوع، وهو يوصل حضور يسوع في العالم إلى كماله. كما يسوع هو "فيهم"، في أخصَّائه، كذلك الروح أيضًا. "هو روح الحقِّ الذي لا يقدر العالم أن يقبله، لأنَّه لا يراه ولا يعرفه. أمّا أنتم فتعرفونه، لأنَّه يقيم معكم وهو فيكم" (آ17). هكذا لن يكون "التلاميذ يتامى" (آ18)، بدون معين ولا سند.

وكما كان يسوع "معهم"، هكذا يكون الروح القدس معهم، لا في وقت محدَّد، بل إلى الأبد. "إذا كنتم تحبُّوني عملتم بوصاياي، وأطلب من الآب أن يعطيكم بارقليطًا يبقى معكم إلى الأبد" (آ16).


 

إنجيل يوحنّا 14: 15-21

إن أنتم مُحبّونَ لي، فاحفظوا وصاياي. وأنا أطلبُ من أبي فيهبُ لكم بارقليطًا آخرَ ليكونَ معكم للأبد، روحَ الحقِّ، ذاك الذي العالمُ غيرُ قادرٍ على قبولِه، لأنَّه ما رآهُ ولا عرفَه. أمّا أنتم فعارفونَه أنتم، لأنَّه عندكم ساكنٌ وفيكم هو. أنا لا أتركُكم يتامى، لأنّي آتي إليكم. قليلاً آخرَ والعالمُ غيرُ راءٍ لي، أمّا أنتم فترونني لأنّي أنا حيٌّ وأنتم أيضًا تحيونَ. في ذلك اليومِ تعرفونَ أنّي أنا في أبي، وأنتم فيَّ، وأنا فيكم. مَنْ كانتْ لديهِ وصاياي وهو حافظٌ لها، فذاكَ هو المُحبُّ لي. والمحبُّ لي يُحَبُّ من لدُنِ أبي وأنا أحبُّه وأُظهرُ له نفسي.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM