الناطق بالرسل

خاف موسى. كيف له أن يتكلَّم؟ كيف يمضي إلى فرعون؟ وأخيرًا قال: أنا لثغ اللسان. واعتبر إرميا أنَّه صبيّ ولم يصل بعد إلى عمر يسمح له بأن يحمل كلام الله في الجماعة. والرسل؟ هم صيَّادو سمك. هم أمِّيُّون. قال لهم يسوع: "حين يسلمونكم لا تهتمُّوا بما تقولون ولا بما تدافعون عن أنفسكم. فما أنتم المتكلِّمين، بل روح أبيكم السماويّ يتكلَّم فيكم" (مت 10: 20). وفي إنجيل يوحنّا نعرف أنَّ الروح هو من يعلِّم الرسل.

وما قاله يسوع لرسله، ظهر في بداية رسالتهم. منذ العنصرة، حلَّ الروح عليهم جميعًا، وعلى كلِّ واحد منهم. وما إن وجد بطرس نفسه أمام الجموع حتَّى انطلق لسانُه وكأنَّه خطيب من خطباء العالم القديم: "أصغوا إلى كلامي" (أع 2: 14). فأصغوا. حدَّثهم عن الروح الفائض على البشر. ثمَّ راح يشهد ليسوع في موته وقيامته. ويعود إلى الكتب المقدَّسة وكأنَّه درس على يد المعلِّمين اليهود. أورد المزمور. ثمَّ شرحه وطبَّقه على شخص المسيح بعد أن بيَّن أنَّ الكلام يتعدَّى داود، ذاك الذي مات وقبره معروف.

ومرَّة ثانية تكلَّم بطرس فاصطاد كما فعل من قبل. ثمَّ اكتشف كذب حنانيا وسفيرة فنالا عقاب كذبهما. والجماعة عرفت كيف تصلِّي المزمور الثاني: لماذا ارتجَّت الأمم، ورأت فيه بيلاطس وهيرودس اللذين يواصلان اضطهاد الكنيسة الأولى. وحين أرادت كنيسة أنطاكية أن تختار أشخاصًا من أجل الرسالة، نوَّرها الروح القدس وقال: "خصِّصوا لي برنابا وشاول" (أع 13: 2). وتفهم أنَّ من أرسلهما ليس فقط كنيسةُ أنطاكية، بل "الروح القدس" (آ4). عندئذٍ "نزلا إلى سلوقية".

وأمام صعوبات الرسالة حتَّى الوصول إلى عقبة لا يمكن تجاوزها، نسأل: كيف نستقبل الوثنيِّين في الكنيسة؟ وقرَّ الرأي على الحرِّيَّة. فكتبت الجماعة الملتئمة في أورشليم: "فالروح القدس ونحن رأينا..." (15: 28). فالروح يرافق الرسل ويطلقهم من مدينة إلى مدينة، كما ينبِّههم فيمنعهم من السير في هذه الطريق أو تلك (16: 6-7). فهو القائد الأعلى في مسيرة الإنجيل. وسفر الأعمال انتهى مع كلام بولس كما شرحه لليهود الذين أتوا إليه وهو في سجن رومة: "صدق الروح القدس حين قال..." (28: 25).

الروح ناطق في الرسل، عاملٌ فيهم وهو يعمل فينا حتَّى عودة الربِّ يسوع.


 

إنجيل متّى 10: 16-28

ها أنا أُرسِلُكم مثلَ الحملانِ بينَ الذئاب. فكونوا حكماءَ مِثلَ الحيَّاتِ وودعاءَ مِثلَ الحمام. فاحذَروا من الناس. لأنَّهم يُسلمونَكم إلى المحاكمِ وفي مجامِعِهم يَجلدونَكم. ويُقرِّبونَكم أمام الملوكِ والولاةِ من أجلي، شهادةً لهم وللشعوبِ. فمتى يُسلِّمونَكم لا تهتمُّون كيف أو بماذا تتكلَّمون، لأنَّ ما تتكلَّمون به يُعطى لكم في تلك الساعةِ. فما أنتم المُتكلِّمونَ، بل روحُ أبيكم هو المُتكلِّمُ فيكم. ويُسلِّم الأخُ أخاهُ للموت والأبُ ابنَه، ويقومُ الأبناءُ على آبائِهم ويقتلونَهم. وتكونون مُبغَضين من كلِّ إنسانٍ لأجلِ اسمي. ومَنْ يحتَملُ حتّى الآخرةِ فهو يحيا. وحين يَضطهِدونَكم في هذه المدينةِ، اهرُبوا أنتم إلى أخرى. آمين، فأنا قائلٌ لكم: لا تُكمِّلونَ كلَّ مدنِ إسرائيلَ هذه حتّى يأتيَ ابنُ الإنسان. لا تلميذٌ أفضلَ من معلِّمه، ولا عبدٌ من سيِّده. يكفي التلميذُ أن يكونَ مثلَ مُعلِّمِه والعبدُ مثلَ سيِّده. إذا هم دعَوا ربَّ البيتِ بعلَ زبوب، فكم بالحريِّ أبناءُ بيتِه. إذن، لا تخافون منهم، لأنَّ لا شيءَ خفيًّا لا يَنجلي، ومخبَّأً لا يُعرَف. وما أنا قائلٌ لكم في الظلام، قولوه أنتم في النور، وما أنتم سامعون بآذانِكم، اكرِزوا به على السطوح. ولا تخافون مِنَ الذين قاتلون الجسد هم، لكن غيرُ قادرين على قتل الجسد والنفس. بل خافوا بالحريِّ من القادرِ أن يُهلكَ النفسَ والجسدَ في جهنَّم.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM