الناطق بالأنبياء

كيف صار عاموس، ذاك الراعي لقطعان الملك والعامل في جميزاته، نبيًّا؟ الروح هو من أعطاه أن يرى الوضع الاجتماعيّ فندَّد به، ووبَّخ الملك والرؤساء في السامرة. وهوشع. قال إنَّ الله هو عريس شعبه وأمَّته التي هي عروسه. هل نسي ما يصوَّر في العالم المحيط به؟ أدونيس وعشتاروت، أوزيريس وأوزيس (في مصر) هدد وأترغاتي في بلاد آرام. كيف تجاسر هوشع على الكلام هكذا؟ هو الروح أعطاه الشجاعة وأفهمه أنَّ هذا الكلام لن يتوقَّف عند حقبة من الحقبات ولا عند شخص من الأشخاص. بل يصل إلى إرميا النبيّ وبعض إشعيا ونشيد الأناشيد.

بما أنَّ الروح هو المتكلِّم في العهدين، فكلامه في العهد القديم لا بدَّ أن يجد صداه في العهد الجديد. تكلَّم إشعيا عن زوجة الملك التي تحبل وتلك ابنًا، وهكذا يتأكَّد الملك أنَّ سلالته تدوم وأنَّ الله هو عمانوئيل، إلهنا معنا. حمل الروح هذا الكلام فانطبق على العذراء مريم التي حبلت بيسوع حين قال الملاك: الروح يحلُّ عليك وقوَّة العليّ تظلِّلك. ورأى النبيُّ ميخا أنَّ الملك الداوديّ الخارج من أورشليم فشل فشلاً ذريعًا ولم يكن بحسب قلب الله. فمضى إلى بيت لحم، إلى الجذور. "لكن، يا بيت لحم أفراتة، صغرى مدن يهوذا، منك يخرج لي سيِّد على بني إسرائيل، يكون منذ القديم، منذ أيَّام الأزل" (مي 5: 1). من علَّم هذا النبيَّ أنَّ بيت لحم سوف تصبح كبيرة. وأنَّ الآتي منها هو "منذ القديم، منذ الأزل"، يعني هو الله؟ الروح القدس. فكتب متى متطلِّعًا إلى يسوع المولود في زمن هيرودس الكبير، المتوفِّي سنة 4 ق.م.:  "يا بيت لحم، أرض يهوذا، ما أنتِ الصغرى في مدن يهوذا، لأنَّ منك يخرج رئيس يرعى شعبي إسرائيل" (مت 2: 6).

وراح إشعيا "يتحدَّث" عن آلام يسوع، ذاك الذي حمل أوجاعنا وأخذ أمراضنا. وزكريّا عن الملك المتواضع الراكب على جحش ابن أتان، يسوع المسيح، يوم الشعانين. وينظر إلى الذي طعنوه، يسوع المسيح على الصليب (يو 19: 37؛ رج زك 12: 10).

من تكلَّم في العهدين؟ الروح. من ألهم الأنبياء؟ الروح. ومن دفع الإنجيليِّين إلى الكتابة: الروح القدس الذي ذكَّر التلاميذ بتعليم يسوع وأكمل التعليم.


 

نبوءة إشعيا 53: 2-12

نما كنبتةٍ أمامَه، وكعِرْقٍ في أرض قاحلة. لا شكلَ له فننظرَ إليه، ولا بهاءَ ولا جمالَ فنشتهيَه. محتقرٌ منبوذٌ من الناس، وموجعٌ متمرِّسٌ بالحزن. ومِثلُ مَن تُحجَبُ عنه الوجوهُ نبذناهُ وما اعتبرناه.

حملَ عاهاتِنا وتحمَّلَ أوجاعَنا، حسِبناه مُصابًا مضروبًا من الله ومنكوبًا وهو مجروحٌ لأجلِ معاصينا، مسحوقٌ لأجل خطايانا. سلامُنا أعدَّه لنا، وبجراحِه شُفينا. كلُّنا كالغنم ضلَلنا، مالَ كلُّ واحدٍ إلى طريقه، فألقى عليه الربُّ إثمَنا جميعًا. ظُلمَ وهو خاضعٌ وما فتَحَ فمَه. كان كنعجةٍ تُساقُ إلى الذبح، وكخروفٍ صامتٍ أمام الذين يُجزُّونَه لم يفتَحْ فمَه.

بالظلم أُخذَ وحُكمَ عليه، ولا أحدَ في جيلِه اعترَفَ به. انقطعَ من أرضِ الأحياء وضُربَ لأجلِ مُعصيةِ شعبِه. وُضع مع الأشرار قبرُه، ومع الأغنياء لحدُه، مع أنَّه لم يمارسِ العنفَ ولا كان في فمِه غشّ.

لكنَّ الربَّ رضيَ أن يسحقَه بالأوجاع ويُصعدَه ذبيحةَ إثم، فيرى نسلاً وتطولُ أيَّامُه، وتنجحُ مشيئةُ الربِّ على يده. يرى ثمرةَ تعِبِه ويكونُ راضيًا، وبوداعتِه يُبرِّرُ عبدي الصدِّيقُ كثيرينَ من الناس ويحملُ خطاياهم.

لذلك أُعطيهِ نصيبًا مع العظماءِ وغنيمةً مع الجبابرة. بذلَ للموتِ نفسَه وأُحصيَ مع العُصاة، وهو الذي شفعَ فيهم وحملَ خطايا كثيرين.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM