الروح في قلب الثالوث

حين نتكلَّم عن التدبير الإلهيّ، نعرف أنَّ الثالوث كثالوث هو الذي يعمل بحيث لا ينفصل الواحد عن الآخر في مشروع خلاصنا. ففي البشارة مثلاً، الله الآب أرسل الملاك جبرائيل. والابن دخل في حشا مريم. والروح هو الذي حلَّ على مريم فكوَّن جسد يسوع. وكذا نقول في معموديَّة يسوع. الابن نزل في الماء، والروح حلَّ عليه بشبه جسم حمامة، والآب أطلق صوته من أعلى السماء: هذا هو ابني الحبيب.

أمّا القدِّيس بولس فقسم عمل الثالوث، فجعل المواهب للروح، والخِدم للربِّ يسوع، والأعمال لله الآب. الله الآب هو المبدأ وهو يعمل معنا وفينا. هو الذي أرسل ابنه إلى العالم لئلاَّ يهلك كلُّ من يؤمن به. والروح ينبثق من الآب كما الابن خرج من الآب وأتى إلى العالم وهو يترك العالم ويعود إلى الله. من الآب نتعلَّم أن نعمل. ومن الابن نعرف كيف تكون الخدمة. هو ما جاء ليُخدم، ليخدمه الناس، بل جاء ليخدمنا ويبذل حياته عنّا. وترك للروح المواهب. فإذا أردنا أن نعمل في الكنيسة، يوزِّع علينا الروحُ المواهب، فينال كلُّ واحد موهبة خاصَّة به. فكلُّ إنسان فريد في نظر الله. وعمل كلِّ واحد يتميَّز عن عمل الآخر. فلست أنا نسخة عن أبي أو أمِّي، ولا نسخة عن أيِّ شخص آخر: أقلِّده في ما يعمله. هي أفضل طريقة لأن ننسى إنسانيَّتنا ونعود إلى الوراء.

روح واحد. يعطي مواهب عديدة. وكلُّها تعود لخير الجسد الواحد، جسد يسوع المسيح، الكنيسة. ربٌّ واحد وزَّع الخدم، كما يقول الإنجيل، بحيث يتكاتف الواحد مع الآخر، ويكمِّل الواحد عمل الآخر. فإن نجح واحد نجح الجميع. وإن فشل واحد فشلَ الجميع. ولكن الحمد لله أنَّ يسوع المسيح يكمِّل نقصنا ويوصله إلى الكمال. والإله واحد. لنا أب واحد وهو في السماء. يهتمُّ بكلِّ واحد منّا، أقلَّه كما يهتمُّ بطير السماء وزنابق الحقل. إلهنا عائلة ونحن ندخل فيها ونعيش كلُّنا بدالَّة البنين الأحبّاء ودلال البنات، بحيث تجتمع صورة الله كما كانت في البدء وتبلغ إلى ملئها في يسوع المسيح.


 

الرسالة الأولى إلى أهل كورنتوس 12: 1-14

أمّا على الروحيّات، يا إخوتي، فأنا مُريدٌ أن تعرفوا. أنَّكم وثنيّين كنتم، ومُنصرفين للأوثانِ التي ليس لها صوتٌ ولا تمييز. من أجلِ هذا أنا مُعرِّفكم أنْ ليس إنسانٌ مُتكلِّمٌ بروحِ الله وقائل: محرومٌ هو يسوع. وأيضًا ليس إنسانٌ قادرًا على القولِ يسوعُ هو الربُ إلاّ بالروحِ القدس. فتقسيماتُ المواهبِ موجودةٌ، لكنَّ الروحَ واحدٌ هو. وتقسيماتُ الخدماتِ موجودة، لكنَّ الربَّ واحدٌ هو، ووُجدتْ تقسيماتُ القوّاتِ لكنْ واحدٌ هو الله الصانعُ الكلَّ في كلِّ إنسان. لكن يُوهَبُ لإنسانٍ إنسانٍ تجلّي الروحِ كما هو نافعٌ له.

فمنهم من وُهبَ له بالروحِ كلمةُ الحكمة، ولآخرَ كلمةُ المعرفةِ بهذا الروح، لآخَرَ الإيمانُ بالروحِ عينِه، لآخَرَ مواهبُ الشفاء بهذا الروح، لاخَرَ القوّات، ولآخَرَ النبوءة، ولآخَرَ تمييزُ الأرواح، ولآخَرَ أنواعُ الألسنة، ولآخَرَ ترجمةُ الألسنة. لكنْ كلُّ هذه هو الروحُ الواحدُ عاملُها، ومُقسِّمًا لكلِّ إنسانٍ كما هو مُريدُ.

فكما أنَّ الجسدَ واحدٌ هو وفيه أعضاءٌ كثيرة، وكلُّ أعضاء الجسد إذْ هي كثيرة، هي جسدٌ واحد، هكذا المسيحُ أيضًا. فنحنُ أيضًا كلُّنا في روحٍ واحدٍ اعتمدْنا لجسدٍ واحد، إن يهودًا وإن أمميّين، وإن عبيدًا وإن أحرارًا، وكلُّنا شرِبنا روحًا واحدًا. لأنَّ الجسدَ أيضًا ما كان عضوًا واحدًا بل (أعضاء) كثيرون.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM