وبالروح القدس

في 19 حزيران سنة 325، أعلن آباء المجمع المسكونيّ الأوَّل المنعقد في نيقية، قانون الإيمان: نؤمن بإله واحد آب... وبربٍّ واحد يسوع المسيح. وكان شرح وإطالة. ولكن حين وصلوا إلى الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس، اكتفوا بالقول: "وبالروح القدس"، وما أضافوا شيئًا. فكان لا بدَّ من التعريف به، لاسيَّما أنَّ البعضَ قالوا إنَّه "خليقة"، كما سبق وقالوا عن الابن إنَّه مخلوق وبالتالي هو أدنى من الله. ونقول: أدنى من الآب. وأعطوا التشبيه: الله يعمل بيديه. يدٌ هي الابن ويدٌ هي الروح. وهكذا عادوا إلى التعليم بوحدانيَّة الله بحيث تركوا التعليم الأساسيّ في المسيحيَّة. نقولها ونعيدها: الله ليس "الواحد" القابع في السماء. شدَّد اليهود على هذه الوحدانيَّة في هجوم على الآلهة المتعدِّدة في العالم الوثنيّ. أمّا الإنجيل فأفهمنا أنَّ إلهنا عيلة: الآب يحبُّ الابن ويعطيه كلَّ ما له. والابن يعطي الآب كلَّ ما له. والروح هو ثمرة هذا الحبِّ بين الآب والابن. إذًا، طبيعة واحدة، جوهر واحد، إرادة واحدة، عمل واحد، مشروع واحد. يشارك فيه بالتساوي، الآب والابن والروح.

من أجل هذا، عاد المجمع المسكونيّ الثاني الذي انعقد في القسطنطينيَّة، في أيَّار -30 تمُّوز 381. كانوا 150 أسقفًا تقريبًا. أتوا من الشرق وأكملوا قانون الإيمان: "وبالروح القدس الربِّ المحيي، المنبثق من الآب، المسجود له والممجَّد مع الآب والابن الذي نطق بالأنبياء". ذاك ما نجد في النصِّ اليونانيّ. أمّا اللاتينيّ فقال: "المنبثق من الآب والابن". وأضيف فيما بعد: "الرسل". فقال التقليد: الناطق بالأنبياء والرسل.

بدأت الهرطقة في مصر: إذا كان الآب والابن متساويين، فالروح هو "خادم". فردَّ عليهم أثناز أسقف الإسكندريَّة. أمّا جماعة ماقيدونيوس، أسقف القسطنطنيَّة، فرفضوا الاعتراف بألوهيَّة الروح القدس. فكتب القدِّيس باسيل، أسقف قيصريَّة في الكبادوك (تركيّا). ولكنَّه مات قبل انعقاد المجمع، فكان أخوه حاضرًا. قالوا: الروح القدس هو الأقنوم الثالث في الثالوث. هو وحيد، مساوٍ للآب والابن. يتميَّز عنهما مع دور خاصٍّ به. هو البارقليط، هبة الله، المقدِّس، الديناميَّة، صورة الابن، المسحة والختم، الحبّ.


 

إنجيل يوحنّا 16: 1-8

بهذه تكلَّمتُ معكم لئلاَّ تعثُروا. لأنَّهم يخرجونَكم من مجامعِهم، وتأتي ساعةٌ يظنُّ كلُّ من يقتلُكم أنَّه مُقرِّبٌ قربانًا لله. وهذه يفعلونَ لأنَّهم ما عرفوا أبي ولا عرفوني. بهذه تكلَّمتُ معكم، حتّى إذا ما أتى وقتُها تذكرونها أنّي أنا قلتُ لكم هذه. ومن قديم ما قلتُ لكم لأنّي كنتُ معكم. أمّا الآنَ فأنا ذاهبٌ إلى مَنْ أرسَلَني، ولا إنسانٌ منكم سائلني إلى أينَ ذاهبٌ أنت؟ قلتُ لكم هذه، فأتتِ الكآبةُ وملأتْ قلوبَكم. لكن أنا قائلٌ لكم الحقَّ: أصلحُ لكم أن أذهب أنا، فإذا أنا غيرُ ذاهبٍ، البارقليطُ غيرُ آتٍ إليكم. لكن إذا أذهبُ أرسلُهُ إليكم. ومتى أتى فهو يوبِّخُ العالمَ على الخطيئة وعلى البرِّ وعلى الدينونةِ.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM