الروح المحيي

 

هذا ما نقول حين نتلو قانون الإيمان: "ونؤمن بالروح القدس الربِّ المحيي". أي هو يعطي الحياة. منذ البداية، رفَّ على المياه الأولى فأخرج منها الحياة. وفي انطلاقة جديدة مع الابن، أخرج من نهر الأردنّ الحياة ووهبها لجميع المؤمنين. قال الرسول: كنّا أمواتًا في الخطيئة. وها نحن "أحياء لله في المسيح ربِّنا" (رو 6: 11). وسبق الرسول فقال: "بإنسان واحد دخلت الخطيئة في العالم وبالخطيئة الموت. وهكذا عمَّ الموت جميع الذين خطئوا" (رو 5: 12).

أجل، بالخطيئة متنا. والروح هو الذي أحيانا. كما سبق وأحيا العظام الميتة على ما أخبرنا النبيّ حزقيال، فقامت جيشًا كبيرًا جدًّا. ووصل الكلام إلى أهل أفسس وإلينا نحن: "في الماضي، كنتم أمواتًا بزلاّتكم وخطاياكم... ولكنَّ الله بواسع رحمته وفائق محبَّته أحيانا مع المسيح بعدما كنّا أمواتًا بزلاّتنا" (أف 2: 1، 4). وتكرَّر هذا الكلام إلى أهل كولوسّي (2: 13). وهكذا نفهم أنَّنا كنّا "أمواتًا". وها نحن نلنا الحياة. ولكنَّ الخطر يكمن في أن نطلب الموت أيضًا حين نبتعد عن عمل الروح فنصبح عضوًا ميتًا في جسد المسيح أو غصنًا يابسًا في كرمة الربِّ يستحقُّ أن يُرسَل إلى النار فيحترق.

ومتى أحيانا الروح؟ في المعموديَّة حيث صارت المياه "حشا جديدًا" يلد البنين الجدد، كما تقول الليتورجيّا. في ذلك الوقت، ننال الحياة الجديدة، حياة الروح. ننال حياة الله فنعي كلام يوحنّا: "هؤلاء لم يُولَدوا من لحم ودم (في ممارسة الزواج) ولا من رغبة رجل، بل من الله وُلدوا." من ولدهم؟ من جعل فيهم الحياة؟ الروح القدس. وعمله لا يتوقَّف عند فترة محدَّدة، حين نقبل سرَّ العماد المقدَّس. عمله يرافق الإنسان حتَّى النهاية، حتَّى مجيء الربّ. عندئذٍ يقول الروح والعروس (فأنا عروس المسيح وأنتَ وأنتِ): تعال (رؤ 22: 17)، فيأتي الربُّ ويجعلنا معه لنرى المجد الذي كان له من قَبل إنشاء العالم.


 

رسالة القدِّيس بولس إلى أهل رومة 5: 14-21

مَلَكَ الموتُ من آدمَ وحتّى موسى أيضًا على أولئك الذين ما خطِئوا في شبهِ تجاوزِ ناموسِ آدمَ ذاك الذي فيه شِبهُ المزمِعِ (أن يأتي). لكن لا كما الزلَّةُ كانت هكذا الموهبة، لأنَّه إذا بزلَّة واحدٍ كثيرون ماتوا، فكم إذًا بالأحرى نعمةُ الله وموهبتُه تزدادان في كثيرين بسببِ واحدٍ من الناس، يسوعَ المسيح. ولا مثلَ جهالةِ واحدٍ هكذا (كانت) الموهبة، لأنَّ الحكمَ الذي كانَ من واحدٍ كان للشجب، أمّا الموهبةُ فكانَتْ للبِرِّ من خطايا كثيرة. لأنَّه لأجلِ جهالةِ واحدٍ ملكَ الموت، فبالأحرى أولئك الذين أخذوا كثرةَ النعمةِ والموهبةَ والبرَّ في الحياة يملكونَ بيدِ واحدٍ هو يسوع المسيح.

إذًا، كما لأجلِ جهالةِ واحدٍ كان الشجبُ للناسِ كلِّهم، هكذا لأجلِ برِّ واحدٍ تكونُ الغلبةُ للحياةِ للناسِ كلِّهم. فكما من أجلِ لاإطاعةِ واحدٍ من الناس، كثيرونَ كانوا خطأة، هكذا أيضًا من أجل إطاعةِ واحدٍ كثيرونَ صائرون أبرارًا. المدخلُ الذي صارَ للناموسِ لكي تَكثُرَ الخطيئة، وحيثُ كثرتِ الخطيئة هناك توافرتِ النعمةُ. فكما ملكتِ الخطيئةُ بالموت، هكذا تَملكُ النعمةُ بالبرِّ للحياةِ الأبديَّة بيدِ ربِّنا يسوعَ المسيح.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM