الإيمان الفرديّ

وعلى المستوى الفرديّ، ننظر إلى داود ذاك الراعي الذي لا معرفة له بالسلاح: الخوذة والدرع والسيف والرمح. وتجاهه جليات الآتي من منطقة يونانيَّة عرفت السلاح المصنوع من الحديد لا من النحاس أو البرونز. من انتصر؟ داود. بماذا؟ بمقلاع وحجر أصاب صدغ الخصم. هنا نقابل بين القوى البشريَّة وقدرة الله. صوَّر لنا الكتاب جليات مدجَّجًا بالسلاح وضخَّم الأمور "لكي نراها" ولكي نستخلص أنَّ القوى غير متكافئة. بشريًّا، نعم. ولكن من آمن بالله أُعطيَ قوَّة تتفوَّق على قوى البشر. وهو يفعل اليوم. وسوف يفعل غدًا. هو هو، لا يتبدَّل ولا يتغيَّر. لهذا نؤمن به. نجعل ملء ثقتنا فيه. لا نخاف أن يكون اليوم غير ما كان في الماضي. لهذا يستطيع المؤمن أن يقول باطمئنان: "أنا أرقد وأنام (آمنًا وفي الصباح) أستيقظ لأنَّ الربَّ يعضدني".

ذاك هو الإيمان. إيمان بالله الذي يملأ قلوبنا بالسعادة إن نحن انفتحنا على المسيرة التي يدعونا إليها. وإيمان برجال الله الذين يرسلهم إلينا. إبراهيم، إسحق، يعقوب، يوسف... موسى، يشوع... رجال مشوا قبلنا فاختبروا كلام النبيّ: "ذوقوا وانظروا ما أطيب الربّ. طوبى للمتَّكلين عليه". طوبى للذين جعلوا يدهم بيده وتركوه يقودهم حيث يريد، بواسطة رجال ونساء اختارهم وأرسلهم. كم احتاج الشعب العبرانيّ إلى إيمان لكي يرضى بأن يسير برفقة موسى في هذه البرِّيَّة القاحلة. والذين رافقوا يشوع... والذين سمعوا كلام الأنبياء الآتي من عند الله. مثلاً، قال إشعيا: "إن لم تؤمنوا لن تأمنوا". أي إن لم يكن عندكم إيمان فلن تكونوا في أمان. والذين وثقوا بكلام النبيّ عرفوا ما ينتظرهم لدى الربّ. كانوا "البقيَّة الباقية" التي سينطلق منها الخلاص بعد حلول الظلام في الأرض. وكذا نقول عن الذين وقفوا بجانب إيليّا وبالتالي بجانب الربّ الإله. هؤلاء، قال عنهم الكتاب كانوا سبعة آلاف لم يحنوا ركبهم للبعل. لم يسجدوا لأحد إلاَّ لله. بل كانوا في حضن الله.

إيمان بالذين حملوا كلام الله، وفي النهاية إيمان بابن الله، الكلمة الذي صار بشرًا وسكن بيننا فعرفنا حقًّا أنَّ الله معنا. هذا ما يدعونا الكتاب المقدَّس لكي نعرفه. معه نتعلَّم الإيمان الذي يعطينا الثقة بالله تجاه السراب، ويعطينا الاطمئنان أمام قلق البشر وهمومهم فتُمنع عنهم السعادة التي يدعوهم الله إليها.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM