الأنبياء الكبار

ونعود إلى الأنبياء اللاحقين. الكبار ثلاثة: إشعيا وإرميا وحزقيال. وأتبع بهم دانيال. والأنبياء الصغار اثنا عشر. الكبار دعوا كذلك لأنَّ كتبهم كبيرة، والصغار لأنَّ ما تركوه من أقوال هو قليل.

إشعيا. هو نبيّ قداسة الله. انطلق من الهيكل حيث تراءى له الله، فنبَّه أورشليم إلى خطيئتها. وتكلَّم بشكل خاصّ عن "السلام" وتصوَّر الفردوس على الأرض حيث يكون الذئب مع الحمل والأسد مع الجدي والدبّ مع البقرة. وحيث يتحوَّل السلاح إلى أدوات للفلاحة والحصاد. وهو نبيّ الإيمان بالله والاتِّكال عليه: ماذا تشكِّل مملكة يهوذا أمام الممالك الكبرى، بل الصغرى مثل أرام بعاصمتها دمشق وإسرائيل بعاصمتها السامرة. أمّا إشعيا فهو الحاضر وسط الشعب يشجِّعهم. وكان لأورشليم أن تنجو مرَّتين من الدمار ببركة الله وحضوره. فالنبيّ لا يخاف.

وراح تلاميذ إشعيا يرافقون الماضين إلى السبي البابليّ، يشجِّعونهم على الحفاظ على الإيمان. ولمّا عادت البقيَّة الباقية بعد نهاية المنفى بأمر كورش الفارسيّ، كان تلاميذ إشعيا هنا يشدِّدون العزائم. وهكذا كان كتاب إشعيا الكبير ابن النبيّ وابن مدرسة واصلت قراءة نبوءته وتطبيقها على ما يستجدّ من أوضاع في حياة الأفراد والجماعة.

وعاش إرميا في أصعب فترة من تاريخ الشعب العبرانيّ: حصار أورشليم، الجوع بحيث أكلت الأمَّهات أولادهنَّ. أمّا هو فلبث ذاك الحامل كلام الله بكلِّ واقعيَّة. لا حاجة لمصادمة البابليِّين. والذين مضوا إلى المنفى، أفهمهم أنَّهم لا يرجعون غدًا ومعهم الآنية المقدَّسة. فليبنوا البيوت ويزرعوا ويأكلوا ويلدوا الأولاد. هي مسيرة آلام مع الربِّ باسم شعبه. وارتبط بإرميا كتاب المراثي الذي فيه يبكي المؤمنون الحالة التي وصلت إليها أورشليم. ثمَّ سفر باروك الذي دُوِّن في القرن الثاني ق.م.، فقدَّم نظرة إلى الحكمة مبنيَّة على الاعتراف بالخطايا والندامة من أجل انطلاقة جديدة.

وحزقيال مضى إلى المنفى في أوَّل حصار لأورشليم سنة 597 ق.م. ومن بابل تنبَّأ وشدَّد عزائم المهجَّرين: لو كنتم مثل عظام يابسة فالربُّ يجمعكم ويعيدكم إلى الأرض: هيكل جديد، مدينة مجدَّدة وأرض تُقسَم بين القبائل بالعدل.

 

أمّا دانيال فهو العائش في القرن الثاني ق.م. يوم الهجمة السلوقيَّة على أورشليم ويهوذا. عاد إلى الماضي واستقرأه فاكتشف أنَّ الله أمين: اليوم كما أمس كما غدًا. إذًا، الثقة التامَّة هي مطلوبة من الشعب. وفي أيِّ حال، هي إطلالة على الآخرة: يضيء الصدّيقون مثل الكواكب في السماء.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM