كونوا قدِّيسين

من رسالة القدِّيس بطرس الأولى 1: 10-16

 

هذه الحياةُ التي تعقَّب عليها الأنبياءُ حين تنبَّأوا على النعمةِ المزمَعةِ أن تُوهَبَ لكم. وبصُّوا في أيِّ زمنٍ روحُ المسيح الساكنُ فيهم مظهرٌ هو وشاهدٌ على آلامِ المسيح العتيدةِ ومجدِه الذي من بعدُ. وانجلى لهم كلُّ ما كانوا باصِّين، لأنَّهم ما كانوا طالبينَ لأنفسِهم، بل كانوا لنا نحنُ مُتنبِّئينَ، تلك التي انجلَتْ لكمُ الآنَ بيدِ الذينَ بشَّروكم بالروحِ القدس الذي أُرسِلَ من السماء، ذاك الذي فيه حتّى الملائكةُ مُشتهون أن يُحدِّقوا. لأجلِ هذا، شدُّوا أحقاءَ ضمائرِكم واستيقظوا استيقاظًا تامًّا، وترجَّوا على الفرح الآتي عليكم في تجلّي ربِّنا يسوعَ المسيح. مثلَ أبناء مُطيعينَ ولا تشاركونَ أيضًا في شهواتِكم السابقةِ التي كنتم مُشتهينَ بلا معرفة. بل كونوا قدِّيسين في كلِّ تصرُّفاتِكم، لأنَّه قدُّوسٌ ذاك الذي دعاكم. لأنَّه مكتوب: كونوا قدِّيسين كما أنا أيضًا قدُّوسٌ.


 

"مبارك الله أبو ربِّنا يسوع المسيح" (1: 3). هكذا تبدأ رسالة بطرس بعد التحيَّة في البداية: "لتكثُر لكم النعمة والسلام". كيف برزت هذه النعمة؟ بالخلاص الذي نلناه. "خلاص نفوسنا" (1: 9). عن هذا الخلاص بحث الأنبياء، فتَّشوا. ولكنَّهم لبثوا في الظلام. إنَّما كانوا يتوقون إلى ما حصلنا عليه نحن. على ما قيل عن إبراهيم: "أبوكم إبراهيم تهلَّل بأن يرى يومي فرأى وفرح" (يو 8: 56). هم عاشوا بالرجاء. أمّا نحن ففي الحقيقة. تساءلوا: متى يأتي هذا الخلاص فانتظروا. أمّا نحن فعرفنا "ملء الزمان حيث أرسل الله ابنه من امرأة". والظروف؟ الله وحده عيَّنها. فالروح الذي حلَّ على المسيح في بداية رسالته، هو ذاته الذي كان يعمل في الأنبياء، كما هو يعمل فينا نحن المؤمنين: في قراءتنا الكتب المقدَّسة، في سلوكنا اليوميّ، في كلامنا، في حياتنا.

ويأتي النداء: كونوا قدِّيسين. يعني انفصلوا عن هذا "العالم" وشهواته. تسلَّحوا بسلاح الروح. كونوا صاحين لا نائمين. فأنتم أبناء النور، لا أبناء الظلمة. مثالنا هو "القدُّوس الذي دعانا". ذاك كان كلام الله في العهد الأوَّل. وها هو يتردَّد في العهد الجديد: "كونوا قدِّيسين في كلِّ سيرتكم"، في سلوككم. هكذا تدلُّون أنَّكم "طائعون". تتردَّد هذه النصيحة أكثر من مرَّة في هذه الرسالة. والسبب؟ لأنَّ المؤمن حين يبتعد عن محيطه ينسى وصايا الله، ينسى الأمور التي تعوَّد عليها في رعيَّته: ينسى القدَّاس الأسبوعيّ، ينسى التعاون مع الذين حوله، يتخلَّى عن روح الأخوَّة، فيصبح كلُّ واحد باحثًا عن مصلحته وأنانيَّته. وإذا اغتنى يظنُّ أنَّه صار أهمَّ من إخوته وأخواته. أهذه هي الطاعة؟ "أحبب قريبك كنفسك".

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM