انتبهوا، احذروا

من رسالة القدِّيس بولس إلى أهل كولوسّي 2: 8-15

 

واحذروا بحيثُ لا يسلبُكم إنسانٌ بالفلسفة، وبالغرور الفارغ بحسبِ تعاليمِ الناسِ وبحسب أركانِ العالم، لا بحسبِ المسيح، الذي فيه ساكنٌ جسديًّا كلُّ ملءِ اللاهوت. وفيه أنتم أيضًا مكمَّلون، لأنَّه هو رأسُ كلِّ الرئاساتِ والسلاطين. وبه خُتنتم ختانة، لا بالأيدي بسلخِ لحمِ الخطايا، (خُتنتم) بختانةِ المسيح. وقُبرتُم معه في المعموديَّة، وبه قمتم معه لأنَّكم آمنتم بقدرةِ الله الذي أقامَه من بينِ الأموات. وأنتم الذين كنتم مائتينَ بخطاياكم وبغرلةِ لحمِكم، أحياكم معه وغفر لنا خطايانا كلَّها. ومحا بوصاياهُ صكَّ ذنوبِنا، ذاك الذي كان مضادَّنا، ورفعه من الوسطِ وسمَّرَه بصليبِه. وبسلخِ جسدِه عرَّى الرئاساتِ والسلاطينَ وأخزاهم علنًا بأقنومِه.

 


 

"انظروا"، انتبهوا، احذروا. أوَّلاً "الفلسفة". لسنا هنا أمام نهج فكريّ نبتعد عنه. فالفلسفة هنا تعني "النظريَّات" التي بدأت تظهر فتنسى أنَّ المسيح صار بشرًا، لأنَّهم قالوا: المادَّة شرِّيرة، فكيف يتَّحد الله بها؟ هذا ما دُعيَ "الغنوصيَّة". هم يعرفون. ما انطلقوا من التقليد الإنجيليّ، بل من "باطنهم". ثمَّ "تقليد الناس". كلام الناس يبقى على مستوى الناس. الشعب اليهوديّ، جعل وصايا الله وصايا بشريَّة وصوَّرها لتكون على مستوى البشر لا على مستوى الله. وبالنسبة إلى المسيح، هو إنسان من الناس، بل ليس بنبيّ. ولا هو قام من بين الأموات، بل لبث "جثَّة" سرقها التلاميذ فأصبح القبر فارغًا. كذب، دجل، وهم. ويفرحون بأن يلبثوا هناك. ويتبعهم أهل كولوسّي. ثالثًا: "أركان العالم" هي قوى تشرف على العالم، تسيطر على الناس. نستطيع أن ندعوها خطيئة العالم التي تدفعنا لأن نعمل ما لا نريد. وفي النهاية هو إبليس من يوجِّه هؤلاء "الرؤساء" الذين اعتاد البعض أن يؤلِّهوهم، والآخرون أن يخافوا منهم.

حسب مَن يسير المؤمنون؟ حسب هذه القوى، أم حسب المسيح؟ في المسيح ملء اللاهوت جسديًّا. هذا اللاهوت الذي حمله يسوع في جسده، ينقله إلينا نحن المؤمنين. وهكذا صارت حياة يسوع حياتنا، بعد أن كان موتنا موته. على كلِّ هذه القوى الحاضرة في العالم والتي تخالف المسيح وتحاول أن تجرَّنا وراءها، قد انتصر عليها المسيح، وجرَّها في موكبه كما كان القوَّاد المنتصرون يفعلون بالأسرى. فلماذا نخاف منهم بعد؟ أم نحن نريد أن نُستعبَد للأوهام وللنظريَّات التي تعود بنا إلى الوراء، لا سمح الله. فنستسلم لله الذي بدأ فينا الأعمال الصالحة لأنَّه يتمُّها فينا حتَّى النهاية، حتَّى مجيء ربِّنا.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM