أين هي العدالة؟

قراءة من نبوءة عاموس (5: 10-15)

يبغضون القاضي بالعدل في المحاكم، ويمقتون المتكلِّم بالصدق. لذلك، بما أنَّكم تدوسون الفقيرَ وتأخذون منه ضريبة قمح، فأنتم تبنون بيوتًا من حجر منحوت ولا تقيمون فيها، وتغرسون كرومًا شهيَّة ولا تشربون خمرها. فأنا عالمٌ بمعاصيكم الكثيرة وخطاياكم العظيمة. تضايقون الصدِّيق وتأخذون الفدية وتحرِّفون حقَّ البائسين في المحاكم. لذلك يسكتُ الغافلُ في ذلك الزمن لأنَّه زمنٌ رديء.

فاطلبوا الخير لا الشرَّ لتحيوا فيكون الربُّ الإله القدير معكم كما تقولون. أبغضوا الشرَّ وأحبُّوا الخير وأقيموا العدلَ في المحاكم فلعلَّ الربَّ الإله القدير يتحنَّنُ على من تبقَّى من بيتِ يوسف.


 

يرتِّل المؤمنون في المزامير: "علِّمِ الملكَ أحكامك، يا الله". علِّمه كيف يحكم. لا بحسب ما يسمع ولا بما يظنُّ أنَّه رأى. مثل هذا سلِّمه. "وكلِّفِ ابنَ الملك بعدالتك" (مز 72: 1). من ملك إلى ملك "يدينُ شعبك بالعدل، وعبادك المساكين (الوضعاء) بالإنصاف" (آ2). عندئذٍ تُزهر الجبال بالسلام والروابي بالعدالة. هي السماء على الأرض، فيسكن الذئب مع الحمل، والدبُّ مع ابن البقرة والولد قرب الحيَّة (إش 11). هل هذا كان الوضع في زمن عاموس؟ كلاّ ثمَّ كلاّ. وهو لا يختلف كثيرًا عن أيَّامنا حيث القويّ يربح الدعوى على الضعيف، والغنيّ على الفقير، وصاحب السلطة على الذين لا "ضهر" لهم. عندنا، تتحوَّل العدالة. الشرُّ يصبح خيرًا والخير يصبح شرًّا.

الفقير يُداس ويرهقونه بالضرائب. فيأخذون منه حتَّى القمح الذي هو أساس حياته (عا 5: 11). الموازين كاذبة. والبضاعة فاسدة. نتخيَّل ماذا يفعلون: "يبيعون الصدِّيق، البارّ، بالمال. ما استطاع أن يدفع الدَين، فباعوه. ولو تعرفون ما كان الثمن: "بنعلين". أو يكون الفقير أخذ حذاء، فيُحكم عليه. أو يكون القاضي ارتشى بحذاء. سعر الفقير بخس. أما هو على صورة الله، شأنه شأن الغنيّ؟

ظلم حين الغنيُّ يأخذ بنت الفقير، ويكون هو وأبوها. وهذا ما تمنعه الشريعة. ظلم حين يُرهَن ثوبُ الفقير ولا يُرَدُّ له قبل المغيب. فهو ينام فيه. وتقول الشريعة: الويل لك إن هو صرخ إلى الربِّ. بالإضافة إلى ذلك: يأخذون خمر المزارع ويشربون "في بيت إلههم" (2: 6-8) أين هي العدالة؟ الله لا يرى! هذا ما يقولون. وإن رأى فهو لا يفعل. جعلوا من الله صنمًا من الأصنام لا يضرُّ ولا ينفع.

النبيُّ يتكلَّم! يطلبون منه أن يسكت. ويعرفون كيف يسكتونه: بالمال، بالتملُّق، بالتهديد، بكلِّ الوسائل. والذي نذر نفسه للربِّ فلا يشرب خمرًا، تجعلونه يسكر (2: 12). والويل للقاضي الذي يحكم بالعدل! الويل للذي يتكلَّم بالصدق (5: 10). فماذا تصبح المحاكم بعد ذلك؟ مغارة لصوص. فيعلن النبيّ: "معاصيكم كثيرة، خطاياكم عظيمة" (آ12) بيوتكم من حجر مقصَّب. كرومكم من أفضل عنب. العقاب يأتيكم: تمضون إلى السبي فلا تقيمون في هذه البيوت ولا تشربون من خمور كرومكم. تهديد تحقَّق حين أُخذَت السامرة.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM