يوم الربّ

قراءة من نبوءة عاموس (5: 18-24)

ويلٌ للمتمنِّين يوم الربّ. ماذا ينفعكم يوم الربّ وهو لكم ظلام لا نور؟ أنتم كمن هربَ من وجهِ الأسد فلقيه الدبّ. أو دخل البيت وأسند يده إلى الحائط فلسعته حيَّة. فيوم الربِّ ظلامٌ لا نور، بل هو سوادٌ لا ضياء له؟

أبغضتُ أعيادكم ورفضتُها، ولا أرتاحُ لاحتفالاتكم. وإذا أصعدتم لي محرقاتكم وتقدماتكم لا أرضى بها، ولا أنظرُ إلى ذبائح السلامة من عجولكم المسمَّنة. أبعدوا عنِّي هزيج أغانيكم، فأنا لا أسمع نغم عيدانكم. بل ليجرِ العدلُ كالمياه، والصدقُ كنهر لا ينقطع.


 

اعتاد الشعبُ العبرانيّ أن يتذكَّروا الأيَّام الحلوة في تاريخهم. مثلاً، يوم مديان فيه انتصر جدعون ورفاقه على الآتين من الصحراء للسلب والنهب (قض 7). هذا اليوم تذكَّره إشعيا يوم كان الأشوريُّون سائرين في المنطقة: الشعب يسلك في الظلمة، النير عليهم والخشبة بين أكتافهم (إش 9). ولكن أشرق النور، انكسر النير ومعه قضيب المسخِّرين. ونقرأ في إش 10: 26 ما سوف يفعل الربّ: "أُشهر عليهم السيف وأضربهم كما طريق مديان."

مثل هذا اليوم تمنَّى معاصرو عاموس: بقدرة الربِّ ينتصرون على أعدائهم. يسودون على الأمم. وهي فكرة رافقت الشعب الأوَّل حتَّى زمن يسوع. أي مسيح يريدون؟ ذاك الذي سيكون مجيدًا، فيُخرج الرومان في البلاد ويُحطِّم الأمم. وما قيمة مثل هذا الانتصار الذي لبث يدغدغ الرسل حتَّى يوم الصعود؟ قالوا ليسوع: "هل في هذا الوقت تعيد المُلك لإسرائيل؟" (أع 1: 6).

قال النبيّ: أنتم تعيشون في الأوهام. "ويل للذين يتمنَّون، ينتظرون، يجعلون آمالهم في يوم الربّ" (5: 18). ماذا يكون لكم من هذا اليوم؟ ماذا ينفعكم؟ تنتظرون منه النور، ومع النور الفرح والازدهار. قال النبيّ: "هو لكم ظلام لا نور." حين تمرُّ الجيوش وتقتل، وتدمِّر، لا يبقى سراجٌ مضاء. تسيطر الظلمة على المدن والقرى. وربَّما تُطفأ الأنوار فيعتبر العدوُّ أنَّ لا أحد في البيوت. ينتقل الناس من خطر إلى خطر: الأسد، الدبّ، الحيَّة. "فيوم الربِّ ظلام لا نور، بل هو سواد لا ضياء له" (آ19).

يوم الربّ. اليوم الذي فيه يتدخَّل الربّ، "القويّ القلب بين الجبابرة يهرب عريانًا" (2: 16). هو الخوف في كلِّ مكان. الهزيمة، لا النصر. ماذا يفعل الربُّ "في ذلك اليوم"؟ "أقطع قرون المذابح... أهدم البيت الشتويّ والبيت الصيفيّ..." (3: 14-15).

في يوم الربِّ "نعيِّد" مع الربّ. نذبح الذبائح... ولكنَّ الربَّ يقول: "أبغضتُ أعيادكم ورفضتُها... أَبعدوا عنِّي أهازيج أغانيكم. فأنا لا أسمع... بل ليجرِ العدل كالمياه، والصدق كنهر لا ينقطع" (5: 21).

لهذا السبب يكون يوم الربِّ يوم العقاب، لأنَّ الجور يحلُّ بالبلاد والظلم يُصيب البشر. هل تبدَّل عالمنا عن عالم عاموس النبيّ؟


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM