من الجنوب إلى الشمال

 

قراءة من نبوءة عاموس (7:

وقال أمصيا لعاموس: "أيُّها الذي يرى رؤى! اذهب اهربْ إلى أرضِ يهوذا، وهناك تنبَّأ وكُلْ خبزك، وأمّا بيتُ إيل فلا تتنبَّأ فيها لأنَّها معبد الملك وبيت ملكِه."

فقال عاموس لأمصيا: "ما أنا نبيٌّ ولا ابنُ نبيٍّ، إنَّما أنا راعي غنم وقاطفُ جميَّز. أخذني الربُّ من وراء الغنم وقال لي: اذهبْ تنبَّأ لشعبي إسرائيل. فالآنَ اسمع كلمة الربّ: أنت تقول لا تتنبَّأ شرًّا على بني إسرائيل ولا تتكلَّم سوءًا على بيتِ إسحق.

لذلك هذا ما قال الربّ: تزني امرأتك في المدينة ويسقطُ بنوك وبناتك بالسيف، وتُقسمُ أرضُك بالحبل، وتموتُ أنت في أرض نجسة، ويُسبى شعبُ إسرائيل عن أرضه."


 

كان عاموس من مدينة تقوع، في جنوب فلسطين. تبعد 18 كلم إلى الجنوب من أورشليم. إلى هناك مضى الربُّ ودعا عاموس. ولكن لماذا أخذه إلى الشمال، إلى بيت إيل؟ هو يحتاجه هناك. نقله من مملكة يهوذا إلى مملكة إسرائيل بعاصمتها السامرة. هو لا يعرف المكان ولا اعتاد على السكّان. ثمَّ من هو هذا الرجل الذي يمضي الربُّ إليه؟ هل يستحقُّ كلَّ هذا الاهتمام؟

هو يعمل في خدمة ملك يهوذا. يرعى غنمه ويقطف جميزه. أين تعلَّم ودرس؟ أين تربَّى ومن وجَّهه؟ هذا ما لا يقوله النبيُّ عن نفسه. سمع الصوت: "اذهبْ تنبَّأ" (7: 15). فالربُّ حين يدعو إنسانًا من الناس، فهو يخلقه جديدًا. يملأه بنعمته. ذاك ما فعل الربُّ لداود. راح ودعاه من وراء غنم أبيه. هو لم يكن ذاك المقاتل مثل إخوته الكبار الذين كانوا مع شاول الملك. بل إنَّ والده لم يَدعُه إلى الذبيحة التي أُقيمَت في المدينة، سارت الأمور في غيابه، واستغنى عنه والده وإخوته. هو مع الغنم. ولكنَّ الله لا يستغني عن الذي يدعوه. قال صموئيل: "لا تجلس إلى الطعام حتَّى يأتي هذا الصغير إلى هنا." (1 صم 16: 11).

وهكذا كان الأمر بالنسبة إلى عاموس. كان باستطاعته أن يقول: من أنا؟ وما هي عشيرتي؟ وأين هو بيتي من بيوت القائمين لدى الملك؟ ما كان مستعدًّا لهذه المهمَّة فقال: "ما أنا نبيّ ولا ابن نبيّ" (7: 14). لست مثل إيليّا ولا مثل إليشع. لست من جماعة الأنبياء. الربُّ بملء حرِّيَّته ناداني. لا جدال، لا نقاش. وفي أيِّ حال، اشتكى إرميا، بكى... ولكنَّ كلمة الله مثل نار في أحشائه، لا يستطيع إلاَّ أن يُخرجها، وإلاَّ هي تحرقه.

وعاموس! قال: "زأر الأسد فمن لا يخاف؟ تكلَّم الربُّ فمن لا يتنبَّأ؟" (3: 8). أهكذا يرسله الربُّ إلى "معبد الملك" (7: 13)؟ أما من معبد لله أمضي إليه؟ هو الربُّ يرسل؟ هو من يخطِّط. والإنسان يلبِّي النداء وينطلق. دخل عاموس في سرِّ الله. فهم أنَّ "السيِّد الربَّ لا يفعل شيئًا" بدون الأنبياء. تحاور مع نبيِّه، أفهمه ماذا يجب أن يقول. زوَّده وأطلقه. أما هكذا أرسل يسوع رسله "كالخراف بين الذئاب؟" أما عرف المخاطر التي سوف تجابههم؟ ما حمَّلهم السلاح، ولا المال، ولا رافقهم الرجال. راحوا حفاة، لا يملكون شيئًا. قُوَّتُهم من قوَّة الله. وهكذا انطلقوا.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM