ماذا رأى النبيّ؟

قراءة من نبوءة عاموس (7: 1-

هذا ما أراني السيِّدُ الربُّ:

كان يجبلُ جرادًا بعد أن اقتطع الملك حصَّته وحلَّ طلوع النبتِ المتأخِّر، فلمّا فرغ الجرادُ من أكل عشب الأرض، قلتُ: "أيُّها السيِّدُ الربُّ، عفوك! كيف يقوم لبني يعقوبَ قائمةٌ؟ فهم شعبٌ صغير." فندم الربُّ على ذلك وقال: "هذا لا يكون."

وهذا ما أراني السيِّدُ الربُّ: كان السيِّدُ الربُّ يدعو إلى الهلاك بالنار، فأكلتِ النارُ الغمرَ العظيمَ وأخذَت تأكلُ الأرضَ اليابسة. فقلتُ: أيُّها السيِّدُ الربّ، توقَّف!...

وهذا ما أراني: كان الربُّ واقفًا على حائطٍ مبنيٍّ على الشاقول، وبيده شاقول. فقال لي: "ماذا ترى يا عاموسُ؟ فقلتُ: "شاقولاً". فقال: "سأجعلُ الشاقولَ في وسط شعبي إسرائيل ولا أعودُ أغضُّ النظرَ عن اعوجاجهم من بعد. فأدمِّر معابدَ ذرِّيَّة إسحق على المرتفعات وأخرِّبُ كلَّ موضع مقدَّسٍ في أرض إسرائيل، وأقومُ على بيت يربعام بالسيف."


 

قال الكتاب إنَّ شاول ورفيقه مضوا إلى صموئيل. والنبيّ كان يُدعى في الماضي: الرائي. هو يرى لا بعيون البشر، بل بعين الله. هذا ما حدث لصموئيل حين أراد أن يختار خلفًا لشاول. مضى إلى بيت يسَّى في بيت لحم. رأى ألياب واعتبر أنَّ الله اختاره. فقال له الربّ: "لا تلتفتْ إلى منظره وطول قامته... فالربُّ لا ينظر كما ينظر الإنسان. فالإنسان ينظر إلى المظهر، وأمّا الربُّ فينظر إلى القلب".

هذا هو النبيّ. وقدَّم لنا عاموس رؤية بعد رؤية. الأولى، رؤية الجراد. ذاك أمر معروف في العالم القديم ولاسيَّما في الشرق. وقد عرفناه في لبنان خلال الحرب العالميَّة الأولى. كان الناس يعتبرون ذلك عقابًا من الله على خطايا الناس. لذلك تشفَّع النبيّ، وهذا هو دوره بعد حمل كلام الله: "كيف يقوم ليعقوب (أي: الأسباط الاثني عشر) قائمة؟ فهُمْ شعبٌ صغير". واستجاب الربُّ صلاة نبيِّه وغفر لشعبه. هكذا يصلِّي القدِّيسون اليوم ورجالُ الله من أجل المؤمنين. فهم ضروريُّون في المجتمع وإن كانوا منعزلين في الدير أو في المنسكة.

والرؤية الثانية هي النار. جاء الجفاف وتوقَّفت السماء عن المطر، فجاع الناس وعطشوا كما البهائم والأشجار. فالخليقة هي عمل الله. فهل يدمِّر الله ما فعله ورآه حسنًا جدًّا؟ توسَّل النبيّ أيضًا. فندم الله. نلاحظ هذا الإله الذي يشبه الأب والأمّ. "يهدِّد" ولكنَّه يتراجع حالما تطلُّ التوبة. أما هذا الذي حصل مع نينوى حين دعاها يونان باسم الربِّ وهدَّدها بالدمار؟

والرؤية الثالثة، الشاقول. هكذا نعرف إذا كان البناء مستقيمًا. في نظر نفسي، كلُّ ما أعمله حسن! يا للغباوة. وفي نظر الذين يمتدحونني، كذلك. ولكن قال الربّ: "الويل لكم إن امتدحكم الربّ". المهمّ، ماذا أنا في نظر الربّ، في ميزان الربّ، على ما قال يسوع في سفر الرؤيا. "وزن خفيف في نظر الربّ".

والرؤية الرابعة: سلَّة الفواكه. هي نهاية الصيف وبالتالي نهاية الذين "يبغضون البائسين ويبيدون المساكين في الأرض". يقولون: "نفتح سوق الحنطة. نصغِّر القفَّة، نكبِّر المثقال ونستعين بموازين الغشّ. وبذلك نقتني الفقراء بالفضَّة، والبائس بنعلين ونبيع نفاية الحنطة".

ذاك ما رأى النبيّ، ويا ما أتعس ما رأى!


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM