العبادة الحقَّة

قراءة من نبوءة عاموس (4: 1- 5)

اسمعنَ هذه الكلمة يا نساء السامرة، يا من هنَّ كبقراتِ باشان. تظلمنَ الفقراء وتسحقنَ البائسين وتقلنَ لأزواجكنَّ: "هاتوا لنشرب."

بقداسته أقسم السيِّد الربُّ أن ستأتي عليكنَّ أيامٌ يرفعكنَّ العدوُّ فيها بالكلاليب، ويأخذُ أعقابكنَّ أخذًا بالصنانير، ويخرجُكنَّ من شقوق الأسوار، كلُّ واحدةٍ على وجهها، ويطردُكنَّ ولا تبقى منكنَّ واحدة، يقول الربّ.

تعالوا إلى بيتِ إيلَ وارتكبوا المعاصي، وفي الجلجال أكثروا من ارتكابها، وعند الصباح قرِّبوا ذبائحكم، وفي اليوم الثالث من عشوركم. وأحرقوا من الخميرِ ذبيحةَ حمد، ونادوا بتقدماتٍ وأذيعوها، فطالما أحببتُم ذلك يا بني إسرائيل، يقول السيِّد الربّ.

 


 

جاء عاموس إلى معبد بيت إيل القريب من السامرة. هنا يأتي الملك والعظماء ويذبحون لله "الممثَّل" بصورة ثور أو عجل، أسمنَ الذبائح، وكأنَّ الله يريد أن يأكل. وهكذا يعتبرون أنَّهم أرضوا الله وأراحوا ضميرهم من الأعمال السيِّئة التي يرتكبون. فشابهوا المثل القائل: "رَدَّ إلى الله ما أخذه من الناس". سرق فبنى بسرقته كنيسة أو جامعًا أو مجمعًا....

"تعالوا إلى بيت إيل وارتكبوا المعاصي، وعند الصباح قرِّبوا ذبائحكم وفي اليوم الثالث عشوركم. ونادوا بتقدمات". ذاك ما قال النبيّ، فاستبق المصلِّين "الراكعين" في زوايا الشوارع والساحات ليراهم الناس. هكذا يعتبر الناس أنَّهم يُرضون الله، يلتقون وجهه. يوم الربِّ هو اليوم الذي فيه يأتي. وماذا يكون حينذاك؟ يوم نور؟ لا، بل يوم ظلمة. "كمن هرب من وجه الأسد فلقيَه الدبّ، أو دخل البيت وأسند يده إلى الحائط فلسعته حيَّة".

هكذا يُرضون الله! كلاّ ثمَّ كلاّ. ما هذه هي العبادة الحقَّة، بل العبادة الكاذبة. قال الربّ: "أبغضتُ أعيادكم ورفضتُها، ولا أرتاح لاحتفالاتكم. إذا أصعدتم لي محرقاتكم وتقدماتكم لا أرضى بها. أَبعدوا عنِّي هزيجَ أغانيكم..." إذًا، ماذا يطلب الربُّ لتكون العبادة صادقة؟ "ليجرِ العدل كالمياه، والصدق كنهر لا ينقطع". العدالة، الاستقامة، معاملة الناس ولاسيَّما الصغار والفقراء والعائشين على هامش المجتمع. ويعطينا النبيّ أمثلة نستطيع أن نسمعها اليوم:

"يبغضون القاضي بالعدل في المحاكم، ويمقتون المتكلِّم بالصدق... تدوسون الفقير وتأخذون منه ضريبة القمح... فأنا عالم بمعاصيكم الكثيرة وخطاياكم العظيمة، تضايقون البارّ وتأخذون الفدية، وتحرِّفون حقَّ البائسين في المحاكم... فاطلبوا الخير لا الشرّ لتحيوا ويكون الربُّ القدير معكم...".

والقصاص؟ "تبنون بيوتًا ولا تقيمون فيها. تزرعون كرومًا ولا تشربون خمرها". أمّا النساء في السامرة فدعاهنَّ: بقرات باشان، وهي مشهورة بسمنها: "تظلمن الفقراء وتسحقن البؤساء وتقلن لأزواجكنَّ: هاتوا لنشرب". والعقاب: "يرفعكنَّ العدوُّ بالكلاليب!" ولكن من يتأمَّل، من يفكِّر في آخرة الأمور؟!


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM