مثل آدم

قراءة من نبوءة هوشع (10: 13-15)

فلحتُم وزرعتُم الشرَّ، فحصدتُم الألم وأكلتُم ثمر الغدر، اتَّكلتم على إدراككم وعلى كثرة جبابرتكم، فسيرتفع عجيجُ القتال في وسطكم وتخربُ جميع حصونِكم. وكما خرَّب الملك شلمان بيتَ أربئيل في يوم الحرب وسحق الأمَّهات مع البنين، هكذا يحدثُ لكم يا بيتَ إسرائيل، جزاء كلِّ المساوئ التي ارتكبتموها. فما إن يبدأ القتالُ حتَّى يهلك ملككم هلاكًا.


 

غريب هذا النبيّ! إلى أين عاد؟ وصل إلى أبي البشريَّة. لا في المعنى التاريخيّ لأنَّ الكلام عن آدم يعود إلى خمسمئة سنة ق.م.، أمّا البشريَّة فعمرها مئات آلاف السنين إن لم يكن أكثر من ذلك.

آدم هو المأخوذ من تراب. ولكنَّه نفخ فيه نسمة حياة. كلُّ ما له هو من عند الربّ. ومع ذلك، تنازل الله وأقام معه عهدًا: أنا أعلِّمك أين الخير وأين الشرّ! أنت لا تقرِّر، لأنَّ الخير ما هو خير لك على حساب إخوتك وأخواتك، والشرُّ هو الذي يؤذيك. نقض آدم العهد. أراد أن يكون "الله" بجانب الله. "يعرف الخير والشرّ". إلى هذا دعاه إبليس هو وامرأته. كما يدعو كلَّ واحد منَّا. ففي أيَّامنا، قال أحد الفلاسفة: أو الله موجود. أو أنا موجود. بما أنِّي أنا موجود، فالله غير موجود. فالعالم لا يحمل إلهين. بما أنِّي أنا "الله" فما حاجتنا إلى إله آخر. أجل، طردنا الله، وحللنا نحن محلَّه. وكانت النتيجة ستِّين مليون قتيل في الحرب العالميَّة الثانية. وتحسَّنت الأمور؟ كان الله موجودًا، ولكنَّه "مات". وهكذا أنشدوا "موت الله".

هذا هو آدم. هذا هو الإنسان منذ بداية الكون. حين أبعد الله، وصار هو الله، قتلَ القويُّ الضعيف، استفرد قايين، صاحب المقتنى، هابيلَ الضعيف، وقتله. وهكذا صارت الأرضُ كلُّها له وحده وأراد لامك أن تكون له "امرأتان"، لا امرأة واحدة. فالمرأة في خدمته، عبدة له، ملبِّية شهواته. ألها نفس مثل الرجل؟ تردَّد الفلاسفة في القرون الوسطى. لا نفس لها. لا إحساس. هي لا شيء تجاه الرجل الذي يأخذ ما يشاء من النساء. الله لا يرى. الله لا يسمع. إنَّه "مات" ولو ذكرنا اسمه في القتل والخراب والدمار. تلك كانت الحالة في زمن هوشع. واليوم، لا حدود للشرّ. ننادي الربَّ ونمضي إلى قتل أولاده ونفتخر. نحن من الأبطال.

وصل الشرُّ في النهاية إلى الطوفان الذي أفنى البشر. ونحن نستطيع في كلِّ وقت أن نفني بعضنا بعضًا. هنا نفهم كلام الكتاب: "تأسَّف الله لأنَّه خلق الإنسان" (تك 6)


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM