آخذكم إلى البرِّيَّة

قراءة من نبوءة هوشع (6: 1-6)

"تعالوا نرجع إلى الربِّ لأنَّه يمزِّق ويشفي، يجرحُ ويضمِّدُ، يحيينا بعد يومين ويقيمنا في اليوم الثالث فنحيا، لنعرفِ الربَّ كلَّ المعرفة ونتبعه. فيكون ضياؤه كالفجر، ورجوعه إلينا كالمطر، كمطر ربيعيّ يروي الأرض"

ماذا أفعل بكم يا بيتَ أفرايم؟ وماذا أفعلُ بكم يا بيتَ يهوذا؟ طاعتُكم لي كسحابة الصبح، وكالندى الذي يزولُ باكرًا. أكثرتُ لكم الأنبياء وفاضَت عليكم أقوالُ فمي، وأضاءت أحكامي عليكم كالنور. فأنا أريدٌ طاعةً لا ذبيحة، معرفة الله أكثر من المحرقات.

                                                                                                                                   


                                                                                       

كانت مسيرة رائعة بقيادة موسى، فيها نُزعَت منهم أصنام مصر ولاسيَّما "العجل" ذاك الذي صنعوه بعد خبرة سيناء بقليل: أكلوا، شربوا، رقصوا، لعبوا، ونحن نعرف أنَّ هذا يعني الزنى في ظلِّ المعابد. وصلوا إلى أرض الموعد. ذاك هو الهدف الذي جعلوه نصب عيونهم. هم في "أرض الربّ". ولكنَّهم حملوا معهم أصنامهم. لا يريدون أن يتخلَّوا عنها. قبلهم راحيل، زوجة يعقوب، حملت أصنامها وأخفتها. كدت أقول: ألصقتها بجسمها لكي تكون حامية لها.

تجرَّد الشعب من كلِّ شيء، وأخذه الربُّ إلى البرِّيَّة. أمَّن له الطعام يومًا بعد يوم، وكذلك الماء. هم لا يحتاجون إلى شيء. هو عيش التجرُّد مع هدف أوَّل جبل سيناء والوصايا، وأوَّلها: أنا هو الربُّ إلهك، لا يكن لك إله غيري. وسائر الوصايا ولاسيَّما: لا تشتهِ، لا ترغب في شيء، لا بيت قريبك، لا امرأة قريبك... تحرَّرْ من كلِّ شيء فتُعطى كلَّ شيء. ولكنَّ الشهوة ليست في الخارج. هي في الداخل. فالراهب، فالناسك، يأخذ إلى ديره، إلى منسكه، شهواته... والقدِّيس أوغسطين كان يحسُّ بماضيه الخاطئ يشدُّ فيه ويعاقبه: أهكذا تتركنا؟

خبرة رائعة. المضيّ إلى البرِّيَّة، إلى الصحراء. ليس لنا إلاَّ الربُّ رفيقًا. أما هكذا بدأ يسوع حياته العلنيَّة، مضى إلى البرِّيَّة فترة "امتحان" يرمز إليها الرقم أربعون الرقم أربعة يدلُّ على الكون. هذا الذي نريد أن نمتلكه بأقطاره الأربعة، والذي وعد به إبليسُ يسوع شرط السجود. والرقم عشرة الذي يضمُّ الأرقام الأربعة الأولى (1+2+3+4) التي تحمل في ذاتها أرقام الكون كلِّه.

آخذكَ يا ابني، آخذكِ يا ابنتي إلى البرِّيَّة. ولكن من المؤسف أنَّ الذين يطلبون الدير مثلاً في تجرُّد من المال والسلطة، يأخذونهما معهم إلى الدير. يصبح حبُّ المال أقوى، وكذلك حبُّ السلطة والرئاسة. أهذه هي البرِّيَّة التي رحنا إليها؟ اسألوا القدِيس شربل.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM