من هو إلهنا؟

قراءة من نبوءة هوشع (2: 10-15)

هي لا تعرف أنِّي أنا أعطيتُها القمحَ والخمرَ والزيت، وأكثرتُ لها الفضَّة والذهبَ فصنعَتْ منهما تمثالاً لبعل. فلذلك أستعيدُ منها قمحي في وقته وخمري في موعده، وأنزعُ عنها صوفي وكتَّاني واللذين تكسو بهما عورتَها. فأكشفُ جسدها كلَّه أمام عيون عشَّاقها، وما من أحد ينقذها من يدي، وأُبطلُ كلَّ سرورها وأعيادِها ورؤوس شهورها وسبوتها وكلَّ احتفالاتها، وأدمِّرُ كرمها وتينها ممّا قالت هو أُجرتي التي نلتُها من عشَّاقي، وأصيِّرهما وعرًا فيأكلهما وحشُ البرِّيَّة. وأعاقبُها على الأيَّام التي كانت تبخِّر فيها للبعل وتتزيَّنُ بأساورها وحُليها وتتبعُ عشَّاقَها وتنساني. هكذا قال الربّ.


 

صعد الشعب جبل الكرمل. وقفوا كلُّهم بجانب الملك أخاب وزوجته الملكة إيزابيل. ومن جهة ثانية إيليّا وبعض الأشخاص الشجعان. في الماضي، كانوا يأتون مرَّة لعبادة الله ومرَّات لعبادة البعل. هكذا يستفيدون من البعل ولا يُسخطون الله. شدَّد إيليَّا: لا بدَّ من الاختيار. وهوشع أيضًا.

وإن كان إيليّا ترك لهم أن يختاروا فنيَّته أن يتركوا حالاً كلَّ العبادات ويعودوا إلى الربّ. فالربُّ إله غيور، يشبه الزوج الذي يخاف على زوجته والزوجة التي تخاف على زوجها. الخطأ الأساسيّ: البعل يمنح السعادة، يمنح الوفر والازدهار. هو الذي يمنح المطر والخصب في الأرض، بل في الحيوان والإنسان. فكانت المرأة تمضي "إلى البعل"، إلى تمثاله.

نبَّه هوشع متكلِّمًا بفم الربّ: شعبي لا يعرف أنِّي أنا أعطيته القمح والخمر والزيت. وكيف نستطيع أن نعرف؟ حين يأخذ كلَّ هذا منَّا، في سنة القحط والجفاف. يواصل النبيُّ كلامه: أرجعُ وآخذ قمحي في حينه، ونبيذي في وقته. وأنزع صوفي وكتَّاني... أُبطل الأفراح، وأوقف الأعياد. وقت الحزن، وقت المرض، يحسُّ الإنسان أنَّه إنسان، أنَّه "من التراب"، يحسُّ أنَّه ضعيف فيحتاج إلى سند. عندئذٍ يعود إلى الربّ. يفهم أنَّ لا إله سواه، أنَّ لا أبٌ سواه! لا رفيق سواه، ولا معين، ولا عضد.

واليوم محلّ البعل، المال. هو الذي نعبده تجاه الله. نفضِّله مرَّات على الله. نلمسه. نلمس ما يستطيع أن يقدِّم لنا من عظمة وكبرياء وسيطرة على الذين حولنا. من بحث على الملذَّات وإشباع شهواتنا ونزواتنا. بالمال أستطيع كلَّ شيء. أبني البيوت، أغرس الكروم، أربح الحروب، أُكثر الخدم والحشم. أنا سيِّد. أنا ربّ! كلُّ هذا بالمال. هذا البعل الآخر. قال الربّ: لا تستطيعون أن تعبدوا ربَّين، الله والمال فماذا نختار؟ ومن يأتي في الدرجة الأولى؟


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM