الربُّ الذي هو الخبز الحيّ (يو 6: 51) بعد أن دلَّ وهو يسلِّم الخبز ذاك الذي يسلِّم الخبز، قال له: "افعل بسرعة ما أنت عامله" (يو 13: 27). هو ما أمره بأن يقترف الجرم، ولكنَّه حدَّث يهوذا (يوضاس) عن الشقاء ونحن عن الخير. هي عاقبة وخيمة ليهوذا وخير كبير لنا أنَّ المسيح سلِّم بيده لخسارته، من أجلنا نحن بمعزل عنه.

"افعل بسرعة ما أنت عامله." كلام إنسان مستعدّ، لا ساخط. كلام يعبِّر عن إحسان الفادي لا عن عقاب الخائن. لهذا قال: "اعمل بسرعة ما أنت عامله." هو ما تحمَّس ليعجِّل في هلاك ذاك الذي كان بدون أمانة، بل عجَّل من أجل خلاص المؤمنين "لأنَّه أُسلم من أجل خطايانا" (رو 4: 25)، و"لأنَّه أحبَّ كنيسته وبذل نفسه لأجلها" (أف 5: 25).

فإن كان المسيح لا يسلِّم نفسه، ما من أحد يسلِّم المسيح، سلَّم يهوذا المسيح، والمسيح سلَّم نفسه! واحد أتمَّ عمليَّة البيع وآخر عمليَّة افتدائنا. افعل بسرعة ما أنت عامله، لا لأنَّك تستطيع، بل لأنَّ الذي يستطيع كلَّ شيء يريد ذلك. (القدِّيس أوغسطين)

*  *  *

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس يوحنَّا (13: 21-32)

21قالَ يسوعُ هذه وارتعشَ في روحِه وأشهَدَ وقال: "آمين آمين أنا قائلٌ لكم: واحدٌ منكم يسلِّمُني." 22فتطلَّع التلاميذُ الواحدٌ بالواحِدِ لأنَّهم ما كانوا عارفينَ عمَّن هو قال. 23وكانَ واحدٌ من تلاميذِه، وكانَ متَّكئًا في حضنِه، وهو ذاك الذي كانَ يسوعُ مُحبًّا له، 24إلى هذا رمزَ سمعانُ كيفا ليسألَه: "من هو ذاكَ الذي قالَ عليه؟" 25وسقطَ ذلكَ التلميذُ على صدرِ يسوعَ وقالَ له: "يا ربُّ، مَنْ هو هذا؟" 26فأجابَ يسوعُ وقال: "ذاكَ الذي أنا غامسٌ الخبزَ وواهبٌ له أنا؟" وغمسَ يسوعُ الخبزَ ووهبَه ليهوذا بنِ سمعانَ الإسخريوطيّ. 27حينئذٍ، بعد الخبز، دخلَ فيه الشيطان. فقالَ له يسوعُ: "الشيءَ الذي أنتَ فاعلٌ، افعلْهُ بعجَل." 28ولكنْ ما عرَفَ إنسانٌ من المتَّكئينَ ماذا قالَ لهُ. 29فأناسٌ ظنُّوا أنَّ الصندوقَ كانَ عندَ يهوذا، فأمرَه أمرًا فيشتري الشيءَ المطلوبَ للعيد، أو يهبَ شيئًا للمساكين. 30أمّا يهوذا فأخذَ الخبزَ في ساعتِه وخرَجَ إلى الخارج، وكانَ ليلٌ. ولمّا خرجَ، 31قالَ يسوعُ: "الآنَّ مُجِّدَ ابنُ الإنسانِ والله مُجِّدَ به. 32وإذا اللهُ مُجِّدَ به، فاللهُ أيضًا مُمجِّدُه فيه، وحالاً مُمجِّدٌ له.