ما يفعله الخادم

حين دخل يسوع في حاشه وآلامه، نزع عنه رداءه وأخذ منشفة لفَّ بها خصره. "عرف أنَّ الآب جعل كلَّ شيء في يديه"، فعمله بحرِّيَّة كاملة ينعم بها ذاك الذي هو بكلِّيَّته سيِّد الوضع. نزع يسوع ثوبه، تجرَّد، وظهر في نقاوة كيانه الجذريَّة. فأخذ منشفة، لا لنفسه، بل ليخدم تلاميذه.

سيادة المسيح الذي نهض ليتمَّ رسالته، أحدرته إلى أقدم البشر، بكلِّ لطف، رِجلاً بعد رِجل، غسل جسم البشريَّة المجروحة ومسحها بمنشفة الخادم. هل يتركه الإنسان يعمل؟ هل يقبل أن يكون السيِّد خادمًا؟ أما يتمرَّد على هذه الفكرة؟ ومع ذلك، ما من أحد يستطيع أن يأخذ مكانه، مكانه الفريد، المكان الوحيد الذي يعيد إلى الإنسان نقاوته الأصليَّة.

قال بطرس: "أأنتَ يا ربُّ تغسل لي قدمَيَّ؟" إذا أردنا أن نشارك المسيح، لا نضع حاجزًا لمشيئته. تجرَّد يسوع من ثوبه وأمسك منشفته فأعطانا مثلاً، مثلاً بسيطًا. تجرَّد من ثوبه، وتثبَّتت يداه على الصليب. هكذا يعطي يسوع مثلاً، مثلاً قاسيًا. فإذا أردنا أن نفهم مثله ونتبعه، نتركه يغسل لنا قلبنا ويطهِّر نظرنا. فإنَّ فرح الفصح هو الثمرة الطيِّبة لهذه الثقة البسيطة.

*  *  *

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس يوحنّا (13: 1-11)

 

1وقبلَ عيد الفصحِ، عارفًا كانَ يسوعُ أنَّ الساعةَ بلغَتْ لينتقِلَ من هذا العالمِ إلى أبيه، وأحبَّ خاصَّتَه الذين في العالم، وحتّى المنتهى أحبَّهم. 2وإذ كان العشاء، مَرميًّا كان شيطانٌ في قلبِ يهوذا بنِ سمعانَ الإسخريوطيِّ ليسلِّمَه. 3وهو يسوعُ، لأجلِ أنَّه عارفًا كانَ أنَّ الآبَ وهبَ كلَّ شيءٍ في يديه، وأنَّه من الله خرجَ وإلى الله ذاهبٌ. 4قام عن العشاء، ووضعَ ثيابَه (جانبًا) وأخذ منديلاً ائتزرَ بحقويهِ 5وصبَّ ماءً في مغسَلةٍ وبدأ يغسِلُ أرجُلَ تلاميذِه، ومنشِّفًا كانَ بالمنديلِ المئتزِرِ بحقوَيه. 6وإذ أتى إلى سمعانَ كيفا، قالَ له سمعان: "أأنتَ يا ربُّ، أنتَ غاسلٌ لي رِجلَيَّ؟" 7أجابَ يسوعُ وقالَ له: "الشيءُ الذي صانِعُه أنا، أنتَ غيرُ عارفٍ أنت الآنَ، لكنْ بعد ذلك تعرفُ. 8فقالَ له سمعانُ كيفا: "أبدًا، لا غاسلٌ لي رِجليَّ أنتَ." فقالَ له يسوع: "إذا أنا لا غاسلٌ لكَ أنا، ليس لكَ معي نصيب." 9فقالَ له سمعانُ كيفا: "إذًا يا ربّ، لا تغسِلُ لي فقط رجليَّ، بل أيضًا يديَّ وأيضًا رأسي." 10فقالَ له يسوعُ: "المستحمُّ لا يحتاجُ إلاَّ أن يغسلَ رجلَيه فقط، لأنَّه كلَّه طاهرٌ هو. وأنتم أيضًا كلُّكم أطهارٌ أنتم، لكن لا كلُّكم." 11لأنَّ يسوعَ كان عارفًا ذلك الذي يسلِّمُه، لأجلِ هذا قال: "ما كلُّكم أطهارٌ أنتم."

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM