حبٌّ واعٍ ومستعدٌّ

ما من انتظار غير متوقَّع. فحين نقرأ إنجيل الآلام نعرف نوايا أعداء يسوع. ويسوع نفسه، حين تقبَّل قبل أن يموت تقدمة الطيب من تلك المرأة، هي تقدمة تشير إلى دفنه. ومع ذلك، لا ثورة وتمرُّد، لا المرارة أو الانصياع الحزين من قبل ذاك الماضي إلى الموت. هو رجل حرّ يمشي نحو الصليب، ويمشي وحده. واحد من تلاميذه سلَّمه. والثلاثة الأقرب عليه (بطرس، يعقوب، يوحنّا) كانوا غرباء عمّا يحصل في بستان الزيتون. بطرس أنكره، وجميعهم تركوه وهربوا. أيُّ تعارض مع هتافات الجماهير حين الدخول إلى أورشليم! ولكنَّ يسوع الذي لا يجهل شيئًا من هذا التقلُّب والجبانة من قبلنا، لا يُغَشُّ حول قلب الإنسان هو لا يستند إلاَّ على أبيه، ولا ينتظر من سواه العون والقوَّة. مع أنَّه ابن الله، فهو حقًّا إنسان من الناس ويقاسم بشكل عميق قرفنا من العذاب وخوفنا من الموت. ففي بستان الزيتون، توسَّل إلى أبيه بكلِّ حرِّيَّة، بحسب الضيق الذي يشعر به في لحمه وفي نفسه. ثمَّ، بكلِّ حرِّيَّة، قبل أن يُتمَّ مشيئة ذاك الذي أرسله كسفير رحمته وحبِّه وهكذا يستطيع أن يعزِّي القلب المتعب، كما قال إشعيا (50: 4). في جتسيماني كان يسوع وحده. منذ الآن هو ينضمُّ إلى البشر الذين يسحقهم المرض والحقد والظلم واليأس، ويرافقهم، كما رافق تلميذي عمَّاوس، وأعاد إليهما الفرح والرجاء.

*  *  *

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس يوحنَّا (12: 1-8)

 

1ويسوعُ قبلَ ستَّةِ أيّامِ الفصح، أتى إلى بيتَ عنيا حيثُ كان لعازرُ، ذاك الذي أقامَه يسوعُ من بينِ الأموات. 2وأعدُّوا له هناك عشاء، وكانتْ مرتا تخدُمُ، وكانَ لعازرُ واحدًا من المتَّكئينَ الذينَ معه. 3فأخذتْ مريمُ قارورةَ طيبِ الناردينِ، رئيسيّ، كثيرِ الثمن، ومسحَتْ رجلَيْ يسوعَ، ومسحَتْ بشعرِها رجليه، فامتلأَ البيتُ من رائحةِ الطيب. 4فقالَ يهوذا الإسخريوطيُّ، وهو واحدٌ من تلاميذِه، وذاك الذي كان مُزمِعًا أن يسلِّمَه: 5"لماذا ما بيعَ الدهنُ هذا بثلاثِ مئةِ دينارٍ ووُهبَ للمساكينِ؟" 6وقالَ هذه، لا لأنَّه كان مُهتمًّا بالمساكين، بل لأنَّه كان سارقًا وكان الصندوقُ عندَه وكان حاملاً الشيءَ الذي يسقطُ فيه. 7فقالَ يسوع: "اترُكْها، حفظَتْه ليومِ وضعي في القبرِ. 8ففي كلِّ زمان، المساكينُ عندكم، معكم، أمّا أنا فلا أكونُ عندَكم في كلِّ زمان.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM