سأُرسلك إلى البعيد

فصل من رسالة القدّيس بولس الرسول إلى أهل رومة (11: 13-24)

 

13ولكُم أنا قائلٌ، أيُّها الشعوب: أنا الذي هو رسولُ الشعوب، مُمجِّدٌ أنا خدمتي. 14لعلّي أُغيرُ بني لحمي وأحيي أناسًا منهم. 15فإذا رذْلُهُم كان مصالحةً للعالم، فكم إذا إرجاعُهم إلاّ الحياة التي من بينِ الأموات. 16وإذا الباكورةُ مقدَّسة، فالجبلةُ أيضًا. وإذا الأصلُ مقدَّسٌ، فالأغصانُ أيضًا. 17وإذا بعضُ الأغصان فُسخَ وأنتَ الذي أنت زيتونةٌ برِّيَّة طُعِّمتَ في مواضعِها، وصرتَ مشاركًا في أصلِ الزيتونةِ ودسَمِها، 18فلا تفتخِرُ على الأغصان. فإذا مُفتخرٌ أنت، فما أنتَ حامِلٌ الأصلَ بل الأصلُ هو حاملُك. 19ولعلَّك تقول: الأغصانُ فُسخَت لأطعَّمَ أنا في مواضعِها. 20حسنًا. فهذه فُسخَت لأنَّها ما آمنَتْ. وأنتَ بالإيمانِ قُمتَ. فلا تترفَّعُ بفكرِك، بل خَفْ. 21فإذا اللهُ ما أشفقَ على الأغصانِ التي من طبعِها، لعلَّه أيضًا لا يُشفقُ عليك. 22فانظُرْ عذوبةَ اللهِ وقساوتَه: على هؤلاء الذين سقطوا، القساوة. أمّا عليك، فالعذوبةُ إذا تَثبُتُ في العذوبة. وإذا لا، فأنتَ أيضًا تُفسَخ. 23وأولئك الذين لا يَثبتون في نقصِ إيمانِهم، هم أيضًا يُطعَّمون، لأنَّ اللهَ قادرٌ بعدُ أنْ يُطعِّمَهم. 24فإذا أنتَ الذي من زيتونةٍ برِّيَّةٍ التي في طبيعتِك فُسخْتَ وطُعِّمتَ بلا طبيعتِك في زيتونةٍ صالحة، فكم أولئك إذا يُطعَّمونَ في زيتونةِ طبيعتِهم.

*  *  *

فشل الرسول مع العالم اليهوديّ، فتوجَّه إلى الأمم. حاول أكثر من مرَّة، ولكنَّه فهم في النهاية كلام الربّ: "لن يقبلوا شهادتك... سأرسلك إلى البعيد، إلى الأمم" (أع 22: 18، 21).

هكذا كانت رسالته. وها هو الآن يتوجَّه "إلى الأمم" إلى الوثنيِّين في كنيسة رومة صاروا الأكثريَّة وبالتالي احتقروا اليهود المسيحيِّين الذين صاروا أقلّيَّة بعد أن هرب القسم الكبير منهم على أثر قرار كلاوديوس الإمبراطور سنة 49-50.

أعطاهم مثلين. الأوَّل، الباكورة والعجين. فهذا يجد أصله في الباكورة. فلا مجال للافتخار عليها. والمثل الثاني: أصل الزيتونة وأغصانها. الشعب الأوَّل هو الأصل. والآتون من العالم الوثنيّ هم الأغصان. أتوا من الخارج. طُعِّموا. "شاركوا في أصل الزيتونة ودسمها" (آ17). هنيئًا لهم.

ولكن ماذا يحصل في كنيستنا حين يكتشف بعضنا وجه المسيح أو ينضمّ إلى جماعة متَّحدة حول الإنجيل؟ يتكبَّرون على إخوتهم. هم وحدهم المؤمنون. أمّا الآخرون؟! إذا كنَّا اقتربنا من المسيح، نقترب أيضًا من تواضعه ووداعته: "تعلَّموا منّي" (مت 11: 29). أمّا إذا تغلَّب علينا التكبُّر لأنَّنا نلنا نعمة خاصَّة، فهذا يعني أنَّنا خادعون أنفسنا وشابهنا ذاك الفرّيسيّ الذي احتقر العشَّار (لو 18: 9ي). العشَّار. برَّره الله. غفر له خطاياه. أمّا الفرّيسيّ فعاد أسوأ ممّا كان حين أتى. ونحن؟

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM