بطرس صورة عن المسيح في موته وقيامته

قال بعض الشرَّاح إنَّ لوقا رفض الكلام عن موت بطرس وبولس، لأنَّه لم يكن في النهاية على وفاق معهما! ما هذه القراءة المبتورة والقصيرة النظر! إذا كان لوقا دوَّن أعمال الرسل حوالي سنة 85، أتُرى نسيَ الرسولين اللذين قُتلا في عهد نيرون، هذين اللذين ائتُمن واحد منهما لرسالة الختان (اليهود) والآخر للأمم؟ هذا مستحيل. فإذا هو حدَّثنا في طريقة رمزيَّة عن صعود بولس إلى أورشليم على مثال يسوع الذي صعد إلى أورشليم، فقد كلَّمنا أيضًا عن موت بطرس وقيامته على مثال يسوع المسيح. فلوقا فنَّان من الدرجة الأولى، وهو يُدخلنا في نهاية حياة بطرس عبر بعض الكلمات والعبارات.

أراد بيلاطس أن يرضي اليهود، وخاف على مركزه، فسلَّمهم يسوع. وهكذا فعل هيرودس: "رأى أنَّ ذلك (أي قتْل يعقوب بالسيف، أع 12: 2) يُرضي اليهود، فعاد وقبض على بطرس أيضًا" (آ3). والجنود أيضًا قبضوا على يسوع. وعلاقة موت يسوع بالفصح اليهوديّ واضحة حيث يتكلَّم يوحنّا عن عيد الفصح (يو 13: 1). ويشير إلى الحمل الذي لا يُكسَر له عظم (يو 19: 36). ولا بدَّ أن يموت بطرس "في عيد الفطير" (أع 12: 3).

وُضع بطرس في السجن كما وُضع يسوع في القبر، وكما حرس الجنود قبر يسوع وكأنَّهم يريدون أن يمنعوا القيامة، كذلك حرسوا سجن بطرس (آ4). نام بطرس في السجن "مربوطًا بسلسلتين" (آ6). ويسوع كان ملفوفًا بالأكفان والمنديل على رأسه (يو 20: 6-7) بحيث لا يستطيع أن يتحرَّك.

"وأتى ملاك الربّ" (أع 12: 7)، كما كان عند قبر يسوع. وكما خرج يسوع من القبر، خرج بطرس من السجن: سقطت السلسلتان. ومرَّ من باب إلى باب والملاك يرافقه. واعتُبر بطرس ميتًا. ولهذا، لم يصدِّق المؤمنون كلام "رودا" الجارية (آ13)، كما لم يصدِّقوا قيامة يسوع. قال بطرس: "أخبروا يعقوب والإخوة" (آ17)، كما أوصى يسوع النسوة بأن "يذهبن ويقلن لبطرس وللتلاميذ" (مر 16: 7).

وينتهي الخبر برمز رائع: "وخرج (بطرس) وذهب إلى مكان آخر" (آ17). ما عادوا يرون بطرس. كما أنَّ يسوع اختفى عن عيون التلاميذ يوم صعد إلى السماء، كذلك بطرس. وهكذا روى لوقا استشهاد بطرس بطريقة رمزيَّة. فهو مات في عيد الفطير أو عيد الفصح على مثال الربّ. وكما يسوع قام فتبلبل الحرَّاس الذين كانوا عند القبر، كذلك خرج بطرس من السجن، فحصل اضطراب بين العسكر. فالتاريخ يعيد نفسه في الكنيسة. بطرس هو الرسول، وهو كلُّ واحد منَّا.

قسطنطين وهيلانة

"... شاهده (الصليبَ) الملكُ قسطنطين الظافر، وهو يلمعُ في السماء، وجاءه صوتٌ من العلاء: هذه هي علامةُ الانتصار لجميع المؤمنين. هللويا وهللويا."

"الظافر قسطنطين، الملكُ البارُّ والصدّيق، آيةَ الذهل شاهدَ في السماء: رايةَ الصليب العظيمة الحاملةَ الأقاصي والأقطار، فاعترفَ أنَّه هو صليبُ السامي...".

"عندما أخرجتِ (هيلانةُ) الصليبَ من حيثُ طمرَه الشعب، رائحةُ الطيوب العذبة كانت تفوحُ منه؛ ووضعوه على ميتٍ فعاش؛ وشرعوا يرتّلون التسبحة ويهتفون جميعهم بفم واحد: لك المجدُ، يا ربّ!".

"فليكن ذكرٌ صالحٌ لقسطنطين ولتلكَ الملكةِ هيلانة أمّه القدّيسة، لأنَّهما كانا بدايةَ كلِّ الصالحات؛ ومنهما، وحتَّى الآن، تواصلتِ الحياة لكلِّ من آمن. أقاما سينودسًا عظيمًا، والصليبَ أظهرا، وقد كان مطمورًا، واستأصلا جميع عباداتِ الأصنامِ القبيحة."

"من روما مدينة الملوك حتَّى أورشليم، خرجتْ هيلانةُ لتطلبَ صليب السامي، وتمسَّكتْ بشعب اليهود لكي يُظهروا لها صليبَ السامي. فكانوا يقولون لها: إنَّ بيننا أناسًا من الأقدمين، فتمسَّكي بهم، وهم سيُظهرون لك صليبَ السامي."

(البيت غازو المارونيّ، الجزء السادس، ألحان للصليب، 2005، ص 66-67)

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM