يسوع الذي صلبتموه

صعد يسوع إلى السماء. وينبغي على الرسل أن يكونوا له "شهودًا في أورشليم واليهوديَّة كلِّها والسامرة، حتَّى أقاصي الأرض" (أع 1: 8). وما هو مضمون الشهادة؟ قبل كلِّ شيء موت يسوع وقيامته. خمس خطب في هذا المعنى موجَّهة إلى اليهود لكي يفهموا خطيئتهم ويندموا عليها "فتغفَر خطاياهم ويُنعَم عليهم بالروح القدس" (أع 2: 38).

في يوم العنصرة وبعد تعجُّب الناس بما حصل، انطلق بطرس: "يا بني إسرائيل اسمعوا هذا الكلام: كان يسوع الناصريّ رجلاً أيَّده الله بينكم... صلبتموه وقتلتموه بيد الكافرين" (آ23). وتواصل الكلام: "ولكنَّ الله أقامه وحطَّم قيود الموت. فالموت لا يمكن أن يبقيه في قبضته" (آ24). سرُّ الخلاص كلُّه هو هنا. موت يسوع على الصليب وقيامته.

وبعد شفاء المخلَّع. تحدَّث بطرس عن مسيرة الآلام، قال: "إله آبائنا مجَّد فتاه يسوع الذي أسلمتموه إلى أعدائه... أنكرتم القدُّوس البارّ وطلبتم العفو عن قاتل، فقتلتم منبع الحياة، ولكنَّ الله أقامه من بين الأموات" (3: 13-15). "فتوبوا وارجعوا تُغفَر خطاياكم" (آ19).

يوم العنصرة، تفطَّرت قلوب الناس فطلبوا أن يعمَّدوا. ثلاثة آلاف. ثمَّ ألفان. تجاوبوا مع نداء الصليب الذي وَجد ملئه في القيامة. هذا جواب الإيمان والاستعداد لأن نرافق يسوع كما رافقه بولس الذي انقلبت حياته كلَّ انقلاب. أمّا رؤساء الهيكل فاستاؤوا وأرادوا أن يحاكموا بطرس ويوحنّا، كما سبق لهم أن حاكموا يسوع.

أتُرى بطرس يسكت؟ كلا وألف كلاّ. قال: "هذا الرجل تعافى باسم يسوع المسيح الناصريّ الذي صلبتموه أنتم وأقامه الله من بين الأموات" (4: 10). وقال: "لا خلاص إلاَّ بيسوع، فما من اسم آخر تحت السماء وهبَه الله للناس نقدر به أن نخلص" (آ11). أرادوا أن يُسكتوا الرسل. "لا تنطقوا باسم يسوع. لا تعلِّموا باسم يسوع." فكان الجواب: "من نطيع؟ الله أم الناس. أمّا نحن فلا نستطيع أن نسكت عمَّا رأينا وسمعنا" (آ20).

واليوم، يقتلون المسيحيِّين. فلا يعود من ينطق باسم يسوع. أو يهرب المسيحيُّون فتصبح أرض يسوع أرض أعداء يسوع. تألَّم الرسل. جُلدوا. جُعلوا في السجن فما تراجعوا. وصَلُّوا مع الروح القدس: "يا ربّ، انظر إلى تهديداتهم" (آ29). كان التهديد. ولا يزال حاضرًا. أمّا الرسل فما لبثوا "يعلنون كلمة الله بجرأة" (آ31).

 

أعمال الرسل (2: 22-33)

22أيُّها الرجالُ، يا بني إسرائيل، اسمعوا الكلماتِ هذه: يسوعُ الناصريّ، الرجلُ الذي رُئيَ عندَكم من لدنِ الله بالقوّاتِ وبالآياتِ وبالمعجزاتِ التي صنعَ الله بيدِه بينَكم كما أنتم عارفون. 23هذا الذي كان مَفروزًا لهذه بسابقِ معرفةِ الله وبإرادتِه، أسلمتموهُ بأيدي الكفرةِ وصلبتموهُ وقتلتموه. 24ولكنَّ اللهَ أقامَه وحلَّ حبالَ الشيولِ لأنَّه غيرُ ممكنٍ أن يُؤخَذَ في الشيول. 25لأنَّ داودَ قال عليه: "سابقًا كنتُ رائيًا الربَّ في كلِّ حين، وهو على يميني لئلاّ أتزعزعَ. 26لهذا ابتهجَ قلبي وتهلَّلَتْ تسبحتي، وجسدي أيضًا يسكنُ على الرجاء. 27لأنَّك غيرُ تاركٍ أنتَ نفسي في الشيول، ولا واهبٌ أنتَ صفيَّك أن يرى الفساد. 28كشفتَ لي طريقَ الحياةِ وتملأني بهجةً مع وجهِك. 29أيُّها الرجالُ، يا إخوتَنا، يُسمَحُ القولُ لكم على عينٍ جليَّةٍ على رأس الآباء داود، أنَّه ماتَ وأنَّه أيضًا قُبر، وبيتُ قبرِه هو عندَنا حتّى اليومَ هذا. 30لأنَّه كان نبيًّا وعارفًا أنَّ اللهَ أقسمَ له القسَم: مِن ثمارِ بطنِك أُجلِسُ على عرشِكَ. 31وسابقًا رأى وتكلَّمَ على قيامةِ المسيحِ أنَّه لا يُترَكُ في الشيولِ ولا جسدُه يَرى الفساد. 32فيسوعُ هذا، اللهُ أقامَه ونحنُ كلُّنا شهودُه. 33وهو الذي بيمينِ اللهِ رُفِعَ وأَخذَ من الآب وعدًا على الروحِ القدس وأفاضَ الموهبةَ هذه التي أنتم راؤونَ وسامعون.

 

الصليب هو الشجرة

"الصليب هو الشجرة التي كتب لنا عنها، بنبوءته، إشعيا النبيّ: شهيَّة أورقها، ولذيذةٌ ثمارها: وفي أغصانها يحلُّ الروح القدس. هللويا. لك المجدُ ولك الشكرُ."

"الصليب هو المفتاح الذي يفتح باب الفردوس، والشجرةُ الحاملةُ الحياة؛ ومن يأكل منه (ثمرها) في وقته، لن يرى الموتَ إلى الأبد، لأنَّها للموت لا تحو الحياة!...".

"الصليب هو الشجرة تلك التي شاهدها موسى النبيّ، المنصوبة في فردوس الربّ. في ظلّها يجلس الشعوب، وجميعُهم يأكلون من ثمارها، ويسجدون لها بإيمان...".

"الصليب هو الشجرة المنصوبةُ على ضفاف المياه، تلك التي شاهدها داودُ الملك، وأورقُها لا تذبُل، والحياةُ منها تعطى للشعوب الذين يسجدون قدَّامها..."

"الصليب هو شجرة الحياة، المنصوبة في الفردوس، ومن يأكلُ من ثمارها، وإن ماتَ هنا، سيحيا في ذلك العالم...".

 

(البيت غازو المارونيّ، الجزء السادس، ألحان للصليب، 2005، ص 35)

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM