ملعونٌ من عُلِّق على خشبة

جدال بين بولس وبين المسيحيِّين المتعلِّقين بالشريعة اليهوديَّة. اعتبروا أنَّهم يخلُصون حين يمارسون الشريعة. أمّا الرسول فحدَّثهم عن الإيمان. هم وضعوا الشريعة وكأنَّها هدف يريدون أن يصلوا إليه. وبولس قال لهم: "ارتسم المسيح أمام عيونكم مصلوبًا" (غل 3: 1). لا شكَّ في أنَّ التعلُّق بالصليب يعرِّض المسيحيّ للخطر، بعد أن قال الرومان: "المسيحيُّون يجب أن يموتوا." أمّا إذا تعلَّق الغلاطيُّون بالشريعة واعتُبروا يهودًا فينجون من الاضطهاد بسبب الامتيازات التي نعمَ بها اليهود في الإمبراطوريَّة الرومانيَّة. هناك فائدة مادّيَّة. ثمَّ ننجو بحياتنا.

وأوصلهم الرسول إلى الحائط المسدود. هل تستطيعون أن تمارسوا الشريعة كلَّها؟ تتضمَّن، بحسب المعلِّمين، 613 وصيَّة، منها 365 من الممنوعات؟ ومن لا يعمل بكلِّ متطلِّبات الشريعة، الويل له. قال سفر التثنية: "ملعون كلُّ من لا يثابر على العمل بكلِّ ما كُتب في الشريعة" (27: 26). والنتيجة: ما من إنسان بارّ. ولعنة الشريعة تلتصق بالمستندين إليها وحدها. فماذا فعل المسيح؟

"حرَّرنا من لعنة الشريعة بأن صار لعنة من أجلنا" (غل 3: 13). وقال الرسول في موضع آخر: "صار خطيئة من أجلنا." أي حمل خطايانا بعد أن صار "حمل الله" (يو 1: 29، 36). وكيف صار لعنة؟ حين صُلب، حين عُلِّق على الخشبة. وأورد الرسول أيضًا سفر التثنية (21: 23): "ملعون كلُّ من عُلِّق على خشبة." أجل، قبِل المسيح أن يموت وكأنَّه "ملعون" لكي يخلِّصنا من الخطيئة التي وصلت بنا إلى اللعنة، كما قيل في البدايات لآدم: "ملعونة الأرض بسببك" (تك 3: 16).

ولماذا قبل المسيح اللعنة؟ لتصير البركة إلى اليهود وغير اليهود. بركة إبراهيم، حيث قيل له: "فيك تتبارك جميع الأمم." كان وعدٌ في أبي الآباء، وها هو الآن حقيقة. وكيف ذلك؟ بالصليب الذي هو مرفوع أمامنا. نتطلَّع فيه فننال الخلاص. فلا حاجة بعدُ للشريعة اليهوديَّة وأحكامها. بالصليب نلنا ملء الخلاص. بالصليب ماتت الخطيئة. بالصليب أزيلت اللعنة. والله أرسل ابنه إلى العالم "لا ليدين العالم، بل ليخلِّص به العالم" (يو 3: 17). ويتابع يسوع كلامه: "من يؤمن بالابن لا يمرَّ في الدينونة... ومن لا يؤمن ينال الدينونة والشجب. "وهذه الدينونة هي أنَّ النور جاء إلى العالم، ففضَّل الناس الظلام على النور" (آ18-19). ذاك كان وضع الغلاطيِّين. وهو يتهدَّدنا. فماذا نختار؟ البركة أم اللعنة؟ الصليب أم الشريعة؟

                                                               

آلام المصلوب

"فوق الخشبة، أصعد الوقحون فصلبوا ذلك الجبَّار الحامل جميع البرايا، ورموا القرعة، وتقاسموا ثيابَه بينهم، وأعطاه الدنسون خلاًّ ممزوجةً فيه مرارة، وصرخ بصوته، فتزلزلت الجبال، واهتزَّت التلال، وارتعشَ الأمواتُ، وقامَ كثيرون من القبور..."

"شعبُ اليهود الجاهلُ أصعدوا فصلبوا على الخشبة ذلك الجبَّار الحاملَ البرايا، وثقبوا يديه ورجليه، وفتح الوقحون جنبه، فجرى منه دمٌ وماء حيّ..."

"شعبُ اليهود الجاهلُ قد دانَ ذلك الديَّان الذي، بمشيئته، أُدينَ، لأنَّه حسُن له، وصرخَ الوقحونَ ضدَّه: اصلبه! اصلبه! أيُّها الحاكم! هذا الذي يحلُّ ناموس موسى! وكانوا يضربونه بالقصبة، وينثرونَ البصاقَ في وجهه، ويستهزئون به، هم الرافضون للحقّ. تبارك الذي، بخشبةِ صليبه، استأصلهم وشتَّتهم جميعًا، هللويا، في الأقطار الأربعة."

(البيت غازو المارونيّ، الجزء السادس، ألحان للصليب، 2005، ص 27)

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM