السبت الثاني بعد القيامة (1 بط 2: 11-17)

11يا أحبّائي، أنا طالبٌ منكمُ الآن، مثلَ ضيوفٍ ومثلَ غرباء، افترقوا من كلِّ ملذّاتِ الجسد، هذه الصانعةِ حربًا قبالةَ النفس. 12وتكون تصرُّفاتكم حسنةً قدَّامَ الناسِ كلِّهم، والذين هم مُتكلِّمون عليكم كلماتٍ شرّيرة، يرون أعمالَكم الحسنة ويمجِّدونَ اللهَ في يومِ الامتحان. 13وكونوا خاضعينَ للناسِ كلِّهم لأجلِ الله، للملوكِ، لأجلِ سلطانِهم، 14وللقضاةِ، لأجلِ أنَّهم مُرسَلون لملاحقةِ الجهّال ولمدحِ صانعي الصالحات. 15لأنْ هكذا هي مشيئةُ الله: تُغلِقون بأعمالِكم الحسنةِ فمَ الجهّال، أولئك اللاعارفينَ الله. 16مثل أحرار، لا مثلَ أناسٍ صَنعتْ لهم حرِّيَّتُهم غطاءً لشرِّهم، بل مثلَ عبيدِ الله. 17الناسَ كلَّهم وَقِّروا، إخوتَكم أحبُّوا، ومن اللهِ خافوا، والملوكَ وقِّروا.

*  *  *

المسيحيّ هو في العالم ولكنَّه ليس من العالم. هو لا يلتصق بهذه الحياة وكأنَّه يريد أن يدوم عليها. إنَّه يعرف أنَّه في حجّ يتوقَّف فيه هنا بعض الوقت متطلّعًا إلى الحجَّة النهائيَّة. هكذا يبدو "غريبًا" بحيثُ لا تشبهُ أعمالُه أعمالَ اللامؤمنين. ويبتعد عن الزنى، عن الفجور والشهوات اللحميَّة. أخبرَنا بولس الرسول ما كانت عليه الحال في مدينة رومة. ومن المؤسف أن لا يكون عالمنا في القرن الحادي والعشرين مختلفًا كثيرًا عن عالم رومة وكورنتوس وسائر المدن الكبرى حيث الفلتان وصل إلى أقصى الحدود.

أمَّا المسيحيّ فقال له الربّ: "أنت نور العالم" (مت 5). والنور هو الأعمال الحسنة التي تمجّد الله الذي في السماوات. وعكس ذلك، إن عاش المسيحيّ بحسب العالم، يجدَّف على اسم الله بسببه. ذاك ما يقوله بولس وبطرس الرسول: سلوك حسن وسط الوثنيّين. كانوا يستغربون حياة المسيحيّين وتصرُّفاتهم ويفترون عليهم. أمّا سلوكهم "المسيحيّ" فيجعلهم يوقّعُون كلَّ الكلام الكاذب، ويجدون النور الذي يضيء لهم على حياتهم. هي مسؤوليَّة كبيرة بعد أن صار الإنجيل، في عالمنا، أشخاصًا يعيشونه، ولا يكتفون بأن يقرأوه أو يتلوه غيبًا. فشهادة الحياة أقوى من شهادة الكلام. وهي تدلُّ على صدق ما نقول وما نفتخر به. إذا كنَّا الملح في الطعام، كما طلب منَّا الربّ، فما نفعُ ملحٍ خسر طعمه؟ هو فحص ضمير هامّ حول حياتنا في العالم.

 

                                             فضيلة التواضع

يجب على هؤلاء الآتين إلى الحياة الرهبانيَّة من حياة البؤس والشقاء ألاَّ يترفَّعوا وألاَّ يتغطرسوا، بل أن يُظهروا كلَّ وداعة وتواضع، متذكّرين ومماثلين إحسانات الربّ في الوقت عينه. وكم انتشلهم من المسبّبات المحزنة لهذه الحياة. قد يكون ذهنُهم تشتَّت في لحظة ما كناكري الجميل من المحن كما قيل في المزمور: "لأنَّ الإنسان وإن كان في كرامة ولم يعتبر، قيسَ بالبهائم التي لا عقل لها، وتشبَّه بها" (مز 49: 12).

لهذا أيُّها الأحبَّاء، دعونا نخدم بتواضع كبير، وفي كلِّ حياتنا، الربَّ الذي أنهض الفقير من التراب، والذي يرفع البائس من المزبلة (مز 113: 7) لكي يؤهّلنا بعد موتنا أن نتمتَّع بمجد الودعاء والمتواضعين، لأنَّه مكتوب: "لأنَّ الربَّ يبتغي الحقّ ويجازي الذين يسلكون في الكبرياء" (مز 31: 23). وأيضًا: "يقاوم الله المستكبرين وأمّا المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع 4 :16). به يليق المجد إلى الدهور. آمين.

*  *  *

القدرة الحاملةُ كلَّ البرايا، ولا تحدُّها البرايا،

حملتْها مريمُ مثلَ طفلٍ؛ وبأناشيد جميلةٍ

من شفتيها هدهدَتْ ذاك الذي علَّمَ

السرافينَ الغناء؛ وعلى ذراعيها حملتْ وزيَّحَتْ

تلك (النار) التي رآها موسى، ولم يمسَّها أذًى

من شدَّة بهائه. إذًا، جميعُ الأجيالِ

فلتؤدّ لها الطوبى العظمى، لأنَّها أهلٌ لكلّ التطويبات.

 

يا إشعيا! لماذا أنت صامت؟ خُذْ كنَّارتك الروحانيَّة،

وادعُ داودَ وجميعَ الأنبياء؛

فها إنَّ أقوالهم قد فُسِّرت، وتمَّت بالفعل كلُّها

في تلك بنتِ داود، المملوءة كلَّ محاسن،

لأنَّ الله انحدرَ وحلَّ في هيكلِ أعضائها النقيّ.

ذلك غيرُ المتجسّد، منها تجسَّد.

تبارك الذي جاء وتمَّمَ أقوالَ الأنبياء الذين صوَّروها.

وعظَّم والدتَه.

                (ألحان لوالدة الإله، البيت غازو المارونيّ، الجزء الأوَّل، ص 155-156)


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM