12لكن إذا المسيحُ يُكرَزُ به أنَّه قامَ من بينِ الأمواتِ، فكيف يُوجَد فيكم أناسٌ قائلون لا حياة للأموات، 13وإذا حياةُ الأموات غيرُ موجودة، فالمسيحُ أيضًا ما قام. 14وإذا المسيح ما قام، فباطلةٌ هي كرازتُنا وباطلٌ أيضًا إيمانُكم، 15ونُوجَدُ نحن أيضًا شاهدين لله دجّالين لأنَّنا شهِدْنا على الله أنَّه أقامَ المسيح، وهو ما أقامَه. 16فإذا الأمواتُ لا قائمون، فالمسيحُ أيضًا ما قام. 17وإذا المسيحُ ما قام، باطلٌ هو إيمانُكم وأنتم حتّى الآنَ في خطاياكم. 18ولعلَّ هؤلاء الذين رقدوا في المسيح، بادوا هم. 19وإذا نحن مُترجُّون في هذه الحياة فقط، فنحن أشقى من الناسِ كلِّهم. 20ولكن الآن، المسيحُ قامَ من بينِ الأمواتِ فصار باكورةَ الراقدين. 21وكما أنَّه بيد إنسانٍ كان الموت، هكذا أيضًا بيدِ إنسانٍ صائرةٌ حياةُ الأموات. 22فكما أنَّ الناسَ مائتون كلُّهم في آدم، هكذا أيضًا في المسيحِ كلُّهم يَحيَون، 23إنسانًا وإنسانًا برتبته. المسيحُ هو الباكورة، بعد ذلك أولئك الذين هم للمسيحِ في مجيئه. 24وعندئذٍ يكونُ الانتهاء حين المُلكَ مسلَّمٌ هو للهِ الآب، متى أبطلَ كلَّ رأسٍ وكلَّ سلطانٍ وكلَّ القوّات. 25لأنَّه مُزمِعٌ أن يَملكَ حتّى يضعَ أعداءَه كلَّهم تحتَ رِجلَيه. 26وآخرُ عدوٍّ مُبطَلٌ هو الموت.
* * *
ما كان العالم الوثنيّ يؤمن بأنَّ الإنسان يقوم من الموت. فإن هو مات، وُضع تحت التراب أو وراء حجر من اللحد. والعهد القديم، حتَّى القرن الثاني ق.م.، كان يعتبر أنَّ الأموات يمضون إلى الشيول، إلى مثوى يرقدون فيه. لا اتّصال لهم بالذين عايشوهم على الأرض. ولا يستطيعون أن يسبّحوا الربّ. أمسوا مثل الدخان في الهواء. فقالوا: الكلب الحيّ أفضل من الأسد الميت. وفي نظرهم، أيُّ خاطئ هو أفضل من إبراهيم الذي وُضع في قبر وانضمَّ إلى آبائه.
فأراد الرسول أن يعلن "قيامة الأموات". أمّا البرهان فواضح: قام المسيح. إذًا، نحن نقوم. لم يلبث المسيح في القبر، ولا نحن نلبث هناك. ما يبقى هنا في القبر هو اللحم والدم، هو العظام... ما أخذناه من الأرض نتركه على الأرض. أمّا صورة الله، فلا يمكنها أن تزول، أن تموت. هذه الصورة، الأنا، تأخذ جسدًا ممجَّدًا لتكون مع الربّ كلَّ حين.
وكان برهان بالعبث: إذا كنّا نحن لا نقوم، إذًا المسيح لم يَقُم. وما الفائدة من إيماننا؟ وديانتنا كذب بكذب. ولكن يهتف الرسول في فعل إيمان واثق: ولكنَّ المسيح قام وهو بكر الراقدين، وبالتالي هو بكر الذين قاموا ونحن نسير في موكبه. هو البكر ونحن إخوته وأخواته. ومهما كنَّا، فهو لا يستحي بنا. كما قال للآب السماويّ قبل الذهاب إلى الصلب والموت: "أريد للذين يؤمنون أن يكونوا حيث أنا ليروا المجد الذي لي من قبل إنشاء العالم."
الليل الذي اندحر
الجميع يركضون في صباح اليوم الأوَّل من الأسبوع، لا ليلتقطوا الزمن الذي تُرك معلّقًا يوم السبت، بل ليجمعوا قطع لغز تُظهر تماسكًا بالنسبة إلى غياب جسد يسوع الذي وُضع في قبر جديد، وخُتم الحجر الكبير الذي يُقفل القبر الذي يحرسه الجنود حراسة مشدَّدة.
وفي بداية الصباح، لم يصدح الهللويا المتكرّر. هي ساعة اللافهم. ساعة القلق والضياع. ركض التلاميذ، حيارى، وعادوا كما انطلقوا: القبر؟ القبر فارغ!
ينبغي أن نقتنع ونتوقَّف عن الركض، ونلبث هنا في الفراغ والصمت لكي تجتمع قطع الأحداث الأخيرة والأقوال السالفة، ليفجّر اللغزُ اليقين النيّر الذي يكشفه كشفًا شديدًا غيابُ جسدٍ ميت وملموس. لا، ما من أحد سرقَ جسدَ الربّ.
ينبغي أن تفهم: فيسوع شابه عصفور المزمور "الذي أفلت من شبكة الصيَّاد" (مز 124: 7). لم يعُد سجين الموت. وجب أن يقوم يسوع من الموت. فالرداء الذي تمزَّق في الليل، لا يمكن بعد أن يضمَّ شعلة الفرح التي ينشدها الإنجيل، الخبر السعيد، الذي عبرَ الأجيال فوصل إلينا في هذا الصباح، لنعلن اليوم الذي صنعه لنا الربّ: المسيح قام وغلب الموت، هللويا.
بنديكت دوكاتل
* * *
في يوم الأحد، بكَّرتْ مريمُ ورفيقاتُها
لتبكي من أجلِ مخلِّصنا، وعيناها مملوءتانِ من دموعها،
والبكاءُ في فمها، والألمُ في ضميرِها؛
وربُّنا مثلُ البستانيّ، تكلَّم معها، وقال لها:
يا امرأة! لماذا تبكين؟ ومن تطلبين هنا؟
فقالتْ له: لقد أخذوا ربّي! وما عرفنا أينَ وضعوه!
ارتكضي، أيضًا، أيَّتها الشعوب في عرسِ ابنِ سيِّدِ الكلّ
الذي خطبَ له بيعةَ القدُس.
لقد شاهدَ وجهها الذي شحبَ بعطرٍ معفَّن وبرائحة الخطيئة،
فغسلها من عارها بالدم والماء اللذين من جنبه؛
وذاقَ الموت من أجلها؛ وبما أنَّها حزنت في يومِ قتلِه،
ها هي تفرحُ في يوم انبعاثه، هي وأولادها، ويرتّلون المجد.
في هذا اليوم الذي هو بكرُ الأيَّام،
فلنرفعْ باكورةَ المجدِ إلى ذلك البكرِ الذي لا بدءَ له ولا نهاية.
تستطيعُ أن تقتربَ منه؛
وبما أنَّ الشعبَ صرخَ في داخلِ صهيون: اصلبْ، اصلبِ الناصريّ!
فالشعوبُ في داخلِ البيعةِ تهتفُ: قدُّوس، قدُّوس!
للابنِ الذي قامَ من بينِ الأموات؛ وها هو جالسٌ عن اليمين!
(ألحان القيامة، البيت غازو المارونيّ، الجزء الأوَّل، ص 107-109)