اثنين العنصرة

النصُّ الكتابيّ (أع 2: 5-13)

5وكانَ هناك رجالٌ مُقيمون في أورشليم، يهودٌ خائفو الله، من كلِّ الشعوبِ التي تحتَ السماء. 6ولمّا كانَ الصوتُ ذلك، اجتمعَ الشعبُ كلُّه وتبلبلَ، لأنَّ واحدًا واحدًا منهم كان سامعًا إيّاهم مُتكلِّمينَ بألسنتِهم. 7وكانوا كلُّهم مُندهِشينَ ومُتعجِّبين، وكانوا قائلينَ الواحدُ منهم للآخَر: "هؤلاء المُتكلِّمونَ كلُّهم، أما هم جليليّون؟ 8فكيف نحن واحدًا واحدًا سامعونَ لسانَه المولودَ فيه: 9فرتيّون، مادّايون، هلنيّون، وأولئك الساكنونَ بين النهرين، يهودٌ وكبادوكيّون والذين من أرضِ البنطُسِ وآسية، 10والذين من أرضِ فريجيَة وبَمْفيليةَ ومصرَ وأراضي ليبيا القريبةِ من كيريني وأولئك الذين أتَوا من رومة، يهودًا ودُخلاء، 11والذين من كريت، والعرب. ها نحن سامعون منهم وهم مُتكلِّمون بألسنتِنا الخاصَّةِ عن عجائبِ الله." 12وكانوا كلُّهم مُتعجِّبين ومُنذهلين، وقائلينَ الواحدُ للآخَر: "ما هو هذا الأمر؟" 13أمّا آخرونَ فكانوا مُستهزئينَ بهم وقائلين: "هؤلاء شربوا سُلافًا وارتوَوا."

*  *  *

وبدأت الرسالة. راح يسوع إلى السماء وتسلَّم الاثنا عشر المشعل. ولكن ليس قبل أن يأتي الروح القدس. الناس مجتمعون "من كلِّ أمَّة تحت السماء". لا اليهود فقط، كما يظنُّ البعض، وكأنَّهم وحدهم مدعوُّون إلى الخلاص. وفي أيِّ حال، في أيَّامنا، تظنُّ هذه الطائفة أو تلك أنَّ الله هو لها وحدها. إذًا، هو صنم نجعله في جيبنا. ونقول: نحن وحدنا مؤمنون، والآخرون! وحدنا نمضي إلى السماء. أمّا أنتم، واحسرتاه! مصيركم إلى النار. وترد أقوال احتقار وتسميات تنسى أنَّ جميع البشر هم على صورة الله.

أمّا الرسل "فكلَّموا كلَّ واحد بلغته." فكلام الله لا ينحصر في لغة ولا في أرض ولا في شعب. ولكنَّ يسوع عاش في فلسطين. فهل نبقيه هناك؟ والرسل هم من اليهود. فالويل لهم إن لبثوا يهودًا وحصروا نفوسهم في أبناء ملّتهم. لو فعلوا، لكانوا حزبًا مثل الفرّيسيّين والصادوقيّين. ولكنَّ الربَّ أرسل إليهم أناسًا من العالم المعروف آنذاك. من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب. ماذا؟ أتطردونهم؟ أتختارون مَن تتوجَّهون إليهم، كما نفعل بعض المرَّات في رعايانا! نمضي إلى هؤلاء ونترك أولئك. بقدر صدقنا يستمع إلينا الناس وإلاَّ يحسبوننا "سكارى" بفعل الخمر. أمّا إذا سكرنا بفعل الروح القدس، فنمضي ونمضي لنصل إلى حيث يرسلنا يسوع، إلى أقاصي الأرض.

 

قوَّة إيماننا

قال الربّ: الإيمان يجعل كلَّ شيء ممكنًا. إن آمنّا بأنَّ الربَّ يقدر أن يصنع شيئًا ما، فهو يقدر أن يعمل هذا الشيء حتَّى وإن كان كلَّ شيء. إذًا، يبدو أنَّ قدرة الربِّ مرتبطة بقوَّة إيماننا. والأمر هو هكذا، بالحقيقة. إنَّه أتى كوسيط أبيه، لا من أجل الذين لا يتعرَّفون إليه، بل من أجل الذين يطلبون أن يتعرَّفوا إليه، بتواضع، ويعيشون من الإيمان، أولئك الذين إيمانهم قويّ بما فيه الكفاية بحيث تتدخَّل كلُّ قدرة الابن في لقاء إنسان حرّ وعارف مع من يتعامل. تنفتح نافذة أمام نعمة الربّ، فالربُّ لا يخلع بعنف هذه النافذة. وهكذا تتوافق طلبتنا مع مشيئة الربّ بحيث تأخذ مشيئته طلبتنا، وفي استطاعته أن يحرّك اهتداءات مفاجئة. كما يقدر على كلّ ما يريد. وتستطيع مشيئتُه كلُّها أن تصبح ما نحن راغبون فيه: فيستطيع أن يجعل إيماننا قادرًا أن يريد إرادتَه كلَّها. ويكون إيماننا من القوَّة الكافية لمثل هذا إذا نظرنا، في الحقيقة، من هو الربّ. فإذا كان عندنا إيمان، يكون كلُّ شيء ممكنًا.

أدرياني فون سباير (+1967)

*  *  *

كان الرسل يقولون لربّنا: ماذا تعطينا، لأنَّنا تبعناك،

وتركنا العالمَ وغناه وشهواته؟

فيقول (ربُّنا) لهم: سوف أُعطيكم الخدرَ والجنَّة

والحياة التي لا تزول.

 

الرسل عمَّال الروح القدس الذين تلمذوا الأرض

بواسطة كرازتهم، ردُّوا الشعوب والأمم

إلى الكنيسة الواحدة، وعمّدوهم باسم الآب

والابن والروح، السرّ الثالوثيّ.

 

في إنجيله، أوصى ابن الله الرسل الاثني عشر:

"لا تقتنوا غنى العالم، ولا مقتنياته."

كما أوصاهم معلّمهم،

فعل الحقيقيُّون، وتلمذوا الخليقة.

                (ألحان للرسل، البيت غازو المارونيّ، الجزء السابع، ص 235-236)


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM