أحد العنصرة

النصُّ الكتابيّ (يو 14: 15-20)

15إن أنتم مُحبّونَ لي، فاحفظوا وصاياي. 16وأنا أطلبُ من أبي فيهبُ لكم بارقليطًا آخرَ ليكونَ معكم للأبد. 17روحَ الحقِّ، ذاك الذي العالمُ غيرُ قادرٍ على قبولِه، لأنَّه ما رآهُ ولا عرفَه. أمّا أنتم فعارفونَه، لأنَّه عندكم ساكنٌ وفيكم هو. 18أنا لا أتركُكم يتامى، لأنّي آتي إليكم. قليلاً آخرَ 19والعالمُ غيرُ راءٍ لي، أمّا أنتم فترونني لأنّي أنا حيٌّ وأنتم أيضًا تحيونَ 20في ذلك اليومِ تعرفونَ أنّي أنا في أبي، وأنتم فيَّ، وأنا فيكم.

*  *  *

نحن بين الصعود والعنصرة. أحسَّ الرسل أنَّهم وحدهم. بعد أن تركهم يسوع أضحوا "يتامى". هكذا ظنُّوا. ولكنَّهم تذكَّروا ما قال لهم الربّ: الروح "يكون معكم". الروح "يمكث معكم". يرسله الآب باسم الابن. "البارقليط"، يكون عن يمينكم. يقوّيكم. يساندكم. هذا ما لا يعرفه العالم. أمّا أنتم فتعرفونه. ولكنَّ الشرط الأساسيّ: أن تحبُّوني. بالمحبَّة وحدها يكون الروح معكم. وإلاَّ تُشبهون العالم. والخطر كبير. أن تتشبَّهوا بالعالم. فتكتفون بالقول بأنَّكم كنتم معي، رافقتموني. أكلنا وشربنا معًا.

يأتيكم الروح القدس. هذا يعني أنَّكم تتقبَّلونه. وإلاَّ تكونون أمواتًا ولا تدرون. حياة الجسد حاضرة. لا خوف على ذلك. ولكنَّ هناك حياة ثانية يمنحها الروح، على ما قال الربُّ لنيقوديمس. مثل هذه الحياة تُدخلنا في قلب الثالوث. ننطلق من الابن فنعرف الآب. حياة إلهيَّة آتية لنا. ونحن نتقبَّلها بالإيمان ونشعر بها كيف تملأ قلبنا. تشعله، تضرمه بنار يمكن أن تعمل فينا وتصل إلى الآخرين. إذا أحسسنا بالدفء الإلهيّ، لا يمكن إلاَّ أن يصل هذا الدفء إلى الآخرين. وقيل: "إنَّ يومًا لا تشتعلون فيه حبًّا كثيرون حولكم يموتون بردًا." فلا نغشّ نفوسنا ونحسب أنَّنا مملوؤون من الروح. فالذين بقربنا ينبّهوننا. أين هي النار التي عندكم؟

 

اليوم تضحي الأرض سماء

عيَّدنا البارحة صعود الربّ واليوم نحتفل بحلول الروح القدس. أمسِ، رُفعنا بالروح فوق الأرض وصعدنا إلى السماوات حيث دخل المسيح "كسابق لأجلنا" (عب 6: 20). واليوم تضحي الأرضُ سماء.

صعد المسيح إلى السماء، ووهب لتلاميذه الذين أمسوا عمّال الإنجيل (لو 10: 2) روحه مثل منجل، وأرسلهم في الأرض كلّها ليحصدوا خلاص البشر (مت 28: 19)، ويجمعوا أولئك الذين كانوا مشتَّتين عبر آلاف الآراء المختلفة، ويضعوهم في أهراء إيمانٍ واحد وكنيسة واحدة.

الروح القدس هو في الوقت عينه منجلٌ ونار. هو منجل فيقطع، ويفصل الصالح من الرديء. وهو نار، فيدمّر كلَّ خطيئة. لهذا، ظهر فوق الرسل "مثل ألسنة نار انقسمت" (أع 2: 3). ذاك ما رأوا، لكي تعرفوا عمل الروح القدس المخيف الذي يرفعكم، وفي الوقت عينه لتدركوا قدرته المدمّرة لكلّ شرّ، ونشاطه الذي ينير النفوس المختارة. "وحلَّ على كلِّ واحد منهم" (أع 2: 3). ولماذا حلَّ؟ ليجعل فينا سكناه.

أحد رهبان جبل آثوس (+ 1326)

*  *  *

طوباك، أيَّتها البيعة المؤمنة، أيّ مهندس اختار لك،

العريس الذي خطبك ليبني ويُثبت بنيانك

طوباك بالراعي الذي وهبه لك، بأيّ مرعى غذَّاك!

 

البيعة المقدَّسة تفرح وترتكضُ في يوم عيد

بولس المختار والمهندس، لأنَّه أتقنَ وبنى خِربَها،

وثبَّتَ مداميكها على صخرةِ إيمان الحقّ!

 

اطلبْ من سيّدك، أيُّها الطوباويّ سمعان رئيس الرسل،

من اجل الخطأة الذين تعبوا وقرَّبوا الهدايا لعيدك،

ليجدوا المراحم في يوم القضاء بصلواتك النقيَّة.

 

الثالوث الممجَّد، (ثالوث) الآب والابن والروح القدس

الذي كرز به الرسل في الخليقة، هو يحفظُ البيعةَ المقدَّسة،

ويستأصلُ جميعَ العبادات التي زرعها الشرّيرُ في الخليقة.

                (ألحان للرسل، البيت غازو المارونيّ، الجزء السابع، ص 223-225)


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM