السرُّ الخامس موتُ الربِّ على الصليب

 

ونادى يسوعُ بصوتٍ عظيم: "يا أبتِ، في يديكَ أستودعُ روحي." ولمّا قال هذا أسلمَ الروح.

نقرأ النصَّ الكاملَ في مت 27: 45-50

45ومن الساعةِ السادسةِ، كان ظلامٌ على الأرضِ كلِّها، حتّى الساعةِ التاسعَة. 46وعلى وجهِ الساعةِ التاسعة، صرخَ يسوعُ بصوتٍ عالٍ وقال: “إيل، إيل، لماذا تركتَني؟” 47وكانَ هناكَ أناسٌ من أولئكَ القائمِين. فلمّا سمِعوا كانوا يقولون: “هذا دعا إيليّا.” 48وفي تلك الساعةِ، أسرعَ واحدٌ منهم وأخذ إسفنجةً وملأها خلاًّ ووضعَها على قصبة، وساقيًا كان له. 49والباقون كانوا قائلين: “دعُوا فنرى إن كان إيليّا آتيًا لخلاصِه.” 50أمّا يسوعُ فصرخَ أيضًا بصوتٍ عالٍ، وأسلمَ روحَه.

*  *  *

الصليبُ هو العقابُ المحفوظُ، بدرجةٍ أولى، للعبيد. ويسوعُ، الربُّ والمعلَّم، لم يرفضْ أن يتَّخذَ حالةَ العبد. فبيَّن لنا طريقَ الطاعةِ والحبِّ الماضي إلى الغاية، لكي ننالَ الحياة.

*  *  *

السلامُ عليكِ يا مريم

نضيفُ في نهاية القسم الأوَّل من السلام الملائكيّ: يسوع المسيح، "الذي ماتَ عنَّا جميعًا".

السلامُ عليكِ يا مريم، يا ممتلئة نعمة، الربُّ معك، مباركةٌ أنتِ بينَ النساء، ومباركٌ ثمرةُ بطنِك سيِّدُنا يسوعُ المسيح، الذي ماتَ عنَّا جميعًا. يا قدّيسة مريم، يا والدةَ الله، صلّي لأجلِنا نحنُ الخطأة، الآنَ وفي ساعةِ موتِنا. آمين.


 

الكلمة، ابن الله، صار إنسانًا مثلنا. شابهنا في كلِّ شيء. وهكذا مات كما يموت كلُّ إنسان. هناك من رفض هذه المقولة: رُفع يسوع ولم يمرّ في الموت وهكذا ننكر أن يكون إنسانًا، وخصوصًا ننكر القيامة. قال لتلميذي عمّاوس: "كان ينبغي على ابن الإنسان، على المسيح، أن يتألَّم هكذا ويدخل في مجده" (لو 24: 26).

الإنسان مات. الطبيعة البشريَّة. والله أخذ على عاتقه هذه الطبيعة وكلّ ما تحمل من ضعف. لهذا نقول: مات ابن الله لأجلنا على الصليب. فإن انفصل الابن عن جسده، لا يكون خلّص الجسد، كلّ جسد. دخل الألوهيَّة في قلب البشريَّة التي راحت بفعل الموت إلى الخطيئة، فنفحها بالحياة. وهكذا، إن كان الناس يموتون في آدم، وهذا أمر طبيعيّ، فإنَّهم يقومون كلّهم في يسوع، وهذا أمر يتجاوز الطبيعة.

وإذ يسوع يموت، لا يترك مكانًا للحقد والانتقام. جميع الذين أوصلوه إلى هنا من يهوذا (يوضاس) إلى اليهود برؤسائهم، إلى الرومان مع بيلاطس الذي يمثّلهم. غفر لهم جميعًا. "اغفر لهم يا أبتِ لأنَّهم لا يدرون ماذا يعملون". قال الرسول في هذا المقام: "لو عرفوه، لما صلبوا ربّ المجد". تخلَّى يسوع عن كلّ ما له: ثيابه، رداءه. وهذا الجسد الذي سار فيه على طرقات الجليل والسامرة واليهوديَّة، سوف يُوضَع في القبر. لم يبقَ له شيء. لهذا استطاع أن يبدو كالطفل فينادي أبَّا: "يا أبتِ في يديك أستودع روحي." ونام في حضن الآب، ليقوم فيكون بكر الراقدين وبكر القائمين من الموت. فهو القيامة والحياة.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM