أسرار آلام المسيح-السرّ الأوَّل: نزاع الربّ

"أحبَّ يسوعُ خاصَّته الذين كانوا في العالم، أحبَّهم حتَّى النهاية" (يو 13: 1). حين نتأمَّل في أسرار آلام يسوع، لن نجعل نفوسنا في موقف ألميّ باكٍ، بل نكون في حركة الحبّ. فنرى أمام عيوننا امتدادًا لإمكانيَّة المسيح بأن يحبّ. وأبعد من اعتبارها آلام مباشرة، يعود بنا الربّ إلى الرغبة لكي نقاسمه عواطفه.

"لتكن مشيئتك، لا مشيئتي"

نقرأ النصَّ الكامل في لو 22: 39-46

39وخرجَ وذهبَ كما كان مُعتادًا إلى جبلِ الزيتون، وتلاميذُه ذهبوا أيضًا وراءَه. 40وحين بلغَ إلى المكانِ قال لهم: “صلُّوا بحيثُ لا تدخلون التَجربَة”. 41وهو افترقَ عنهم حوالي رَميةِ حجرٍ ووضَعَ رُكبته ومصلِّيًا كان، 42وقائلاً: “أيُّها الآبُ، إذا أنتَ تشاءُ تَعبُرُ عنّي هذه الكأس، لكنْ لا مشيئتي بل مشيئتُك الخاصَّةُ تكون.” 43وتراءى له ملاكٌ من السماء مُقوِّيًا إيّاه. 44وإذ كانَ في خَوفٍ شديد، كان مُصلِّيًا، وعرَقُه مِثلُ قطراتِ دم سقَطَ على الأرض. 45وقام من صلاتِه وأتى نحْوَ تلاميذِه فوجدَهم نائمينَ مِنَ الضِّيق. 46فقالَ لهم: “ماذا أأنتم نائمون؟ قوموا، صلُّوا بحيثُ لا تَدخلون التجربةَ.”

*  *  *

جُرِّب يسوع في ضعفِه البشريّ أن يتخلَّى عن تتميمِ إرادةِ الآب. هذه التجربةُ الأخيرة هي وقت ضيق خاصّ. فيسوع الإنسان الكامل، ينبغي عليه أن يجاهد لئلاَّ يسقطَ مثل آدم وحوَّاء. عليه أن يجاهدَ ليلبث هذا الابن الطائع لمشيئة الآب المحبَّة.

*  *  *

السلامُ عليكِ يا مريم

نضيفُ في نهاية القسم الأوَّل من السلام الملائكيّ: يسوع المسيح، "الذي سلَّم حياته بين يدي أبيه".

السلامُ عليكِ يا مريم، يا ممتلئة نعمة، الربُّ معك، مباركةٌ أنتِ بينَ النساء، ومباركٌ ثمرةُ بطنِك سيِّدُنا يسوعُ المسيح، الذي سلَّمَ حياتَه بينَ يدَي أبيه. يا قدّيسة مريم، يا والدةَ الله، صلّي لأجلِنا نحنُ الخطأة، الآنَ وفي ساعةِ موتِنا. آمين.


 

اعتاد يسوع خلال وجوده في أورشليم، وفي أيَّامه الأخيرة على الأرض، أن يمضي إلى "جبل الزيتون". هناك يبتعد عن ضجّة النهار ويستسلم إلى الآب السماويّ في صلاة عميقة تعدّه للساعة، التي أحسَّ بها تقترب. أكثر من مرَّة حاولوا أن يرجموه ولكنَّهم لم يفعلوا فقال الإنجيليّ: "لأنَّ ساعته لم تكن أتت بعد."

وكان التلاميذ يرافقونه في تلك الليالي. تارة ينامون، وطورًا يسهرون معه. وتذكَّروا تلك الليلة الأخيرة، حين عاتب التلاميذَ الثلاثة القريبين منه: ألا تستطيعون أن تسهروا معي ساعة؟ ولكنَّ النعاس سيطر عليهم. سمعوا كلامه: لا مشيئتي بل مشيئتك. ذاك ما قاله الربُّ يسوع منذ مجيئه إلى العالم. قال: "ما شئت ذبائح ولا محرقات، فقلتُ: "ها أنا آتٍ لأصنع مشيئتك يا الله". في الحياة مشيئة الآب في الرسالة، في الكلام. في اجتراح العجائب. لتكن مشيئتك. وفي الموت مهما كان نوع هذا الموت: لتكن مشيئتك.

الموت قريب. خاف. صلَّى. تألَّم قبل الآلام، فما كان العرق فقط يتصبَّب منه بل صار مثل "قطرات دم". نتخيَّل يسوع يطلب صلاة تلاميذه. وهو يطلب منَّا كلَّ يوم أن نصلّي معه إلى الآب السماويّ. كما نرافقه في نزاعه الذي يتواصل حتَّى نهاية العالم. هل نرافق يسوع أم نتركه وحده. وإذا كنَّا وحدنا سقطنا في التجربة كما سقط بطرس.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM