الخاتمة

الخاتمة

فرحة بعد فرحة أن نقدّم للمؤمنين الجديد والقديم الذي يفعله الله في قلوبنا من أجل غنى الكنيسة. فكنيستنا الشرقيّة التي عرفت اللغات العديدة من الاراميّة إلى السريانية، ومن اليونانية إلى القبطية، صارت اليوم لغتها المشتركة العربية. منذ عشرة قرون من الزمن ونيّف، أخذت اللغة العربية تدخل إلى أديرتنا وإلى طقوسنا وكنائسنا، وها جميع ليتورجياتنا اليوم في العربية، إلاّ بعض مقاطع تحرّك فينا الحنين والنوستالجيا إلى الماضي.
كم من ترجمة للكتب المقدسة. منذ العصر الجاهلي بدأت النصوص الانجيلية تتناقل شفهيًا وخطيًا. وكذا نقول عن العهد القديم والتوسعات في النصوص والتقاليد. وما يشهد على ذلك المخطوطات التي بين أيدينا ولا سيّما في دير القديسة كاترينة، في جبل سيناء. ونُقلت النصوص الآبائيّة وخصوصًا اليونانية منها. وبدأت الكتابات اللاهوتية للدفاع عن الايمان، والقانونية من أجل تنظيم الكنيسة، والتاريخيّة لكي لا ننسى جذورنا.
ومنذ مئة سنة تقريبًا، ظهرت كتب دينية وتكاثرت في النصف الثاني من القرن العشرين: تفاسير الكتاب المقدس، ترجمة نصوص الآباء، حياة القدّيسين، صفحات روحيّة وتقويّة، كتب ليتورجية وغيرها. وهكذا يستطيع المؤمنون، كل المؤمنين، إن يغذّوا حياتهم فلا نبقى عائشين على القشور.
وها هو كتاب جديد في خضمّ هذه الكتب الدينية. عنوانه: من الكتاب المقدس إلى الآباء السريان. تعرفنا في قسمه الأول إلى بعض ما تركه لنا الانبياء. مع أشعيا، توقّفنا عند الفصل السابع والآية التي أعطاها الرب لبيت داود، فوصلت إلينا مع «العذراء التي تحمل وتلد ابنًا».
ومع اشعيا تعرفنا إلى ما اعتاد التقليد أن يدعوه «الانجيل الخامس» من الحبل الالهي، إلى ولادة الابن في الجسد، وصولاً إلى الحياة ... والآلام. لا شك في أن كل هذا يقدّم لنا نظرة ناقصة وهي لا تكتمل إلاّ مع يسوع المسيح. وفي أي حال، ان انقطع العهد القديم عن العهد الجديد، لبثت كلماته مبتورة ولا تصل إلى هدفها. لبثت ضائعة. فكل كلمات العهد القديم ينبغي أن تنتهي في من هو الكلمة، يسوع المسيح.
ورافقنا دانيال ومفهوم الزمن في كتابه. هذا النص الذي دُوِّن في القرن الثاني قبل الميلاد، عاد إلى زمن المنفى سنة 587-586 ق.م. وضياع الشعب مع ملكه وهيكله ومدينته المقدسة. والسؤال الذي طرحه: ما يكون وضع المؤمنين في قلب الاضطهاد. فكانت العودة إلى أزمنة سابقة دلّت على أمانة الله تجاه شعبه كما تجاه الشعوب كلها.
وكانت قراءة لنبوءات عاموس وهوشع ويونان. مهما قرأنا النصوص، ومهما تأمّلنا في الأقوال، لا نستنفذ غنى كلام الله، لا سيّما إذا عرفنا أن لا نتوقف عند القراءة الحرفية، بل نصل إلى القراءة الروحيّة.
الكتاب المقدس وحدة متكاملة. وهو يفسّر نفسه بنفسه. المهم أن لا نشوّه النصوص كما تفعل بعض المذاهب والطوائف لكي تصل إلى الهدف الذي جعلته نصب عيونها قبل أن تقرأ النص. عندئذ لا نجد المعنى الالهي الذي أراده الكاتب الملهم، بل المعنى الذي وضعناه نحن.
ومن الكتاب رحنا الى الآباء السريان وقراءتهم للأسفار المقدسة. أي غنى نستطيع أن نستقي منه. هم كانوا أقرب منّا إلى المسيح فحملوا إلينا خبرتهم من أب إلى أب كما كان الأمر من يوحنا إلى بوليكرب اسقف ازمير (تركيا) إلى ايرينه اسقف ليون (فرنسا).
الذي كتب فرحّ. ونرجو أن يفرح ذاك الذي يقرأ. وهكذا نكون مثل الآنية المتصلة حيث غنى الواحد يصل إلى الآخر، وفي النهاية يصبّ غنانا كلِّنا في الكنيسة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM