القسم الخامس عشر:

القسم الخامس عشر

40: 10 (15) راجع ص 122.

40: 11 (آ16) قوَّته([1]) في ستره (ملجإه)([2]) أي القوَّة والشدَّة تكمنان في شخصه (ܩܢܘܡܗ). بما أنَّ الحيوانات تعتاد أن تستتر (أو: تختبئ في أماكن مختلفة، قال: هذا الحيوان) لا يحتاج إلى هذا (الملجأ). اليونانيّ: ها قوَّته في متنيه، وشدَّتُه في سور بطنه.

40: 12 (آ17) وتنتصب أعصاب حلقه. ܦܘܚܕܐ: العصبان في جهتي الحلق، اللذان بهما يفتح (الحيوان) فمه ويغلقه.

40: 14 (آ19) هذه: هو رأس خلائقه (خلائق الله). أي: جميع الحيوانات. اليونانيّ: هذا هو رأس (أو: بداية) خلق الله، الذي صُنع لكي يهزأ به الملائكة (كما في السبعينيَّة).

40: 15 (آ20) هذه: كثرة الجبال تحمله. أي هو يتجوَّل على الجبال الكثيرة.

40: 16 (آ21) هذه: في ملجأ (ستْر) قصب يتربَّع. أي يتجوَّل([3]) في الغابات. اليونانيّ: ينام تحت أشجار من كلِّ جنس (في الهكسبلة).

40: 17 (آ22) هذه: تحيط به الظلال. بسبب عظمته (=الحيوان) قال (الكاتب): حيث يمضي يصنع الظلَّ حواليه. هذه: تحيط به غربان السبيل. هي عادةُ هذا الطائر حين يرى شيئًا مخيفًا أن يقترب منه ويصرخ (أو: ينعق).

40: 19 (آ24) هل يأخذونه في سُحُبه؟ إلخ. وهب (الكاتب) برهانًا في أنَّ التنانين ترتفع في السحب، وتنتقل إلى الأماكن الخربة بإشارة (ܪܡܙܐ) من الله لئلاَّ تسعى على العالم.

40: 21 (آ26) هذه: هل تثقب فكَّه بشقّه؟ أي: هل تستطيع أن تثقب فكَّه وترمي فيه خزامة([4])؟ أي ܩܠܕܐ (خزامة في فم الجمل).

40: 24 (آ29) هذه: هل تضحك عليه؟ أي: هل تضحك عليه كما الصبيان يربطون العصفور بخيط ويضحكون منه؟

40: 26 (آ31) هذه: رأسه على ظلِّ النار. أي (هل تأخذه) لتقرِّب رأسه من النار كما (يُعمل) مع سائر الحيوانات ليحلقوها.

40: 28-41 (41: 1-2) ها رجلك([5]) حرَّة و(الله) أيضًا (يأخذ مرارته([6]) أي: يسمح لك (أن تقترب منه)([7]) والله يعينك حين يُسكت مرارته. وحين يستيقظ عليك لا تخف، لأنَّ (الله) يُبعده عنك. (قال) آخرون: وإن أصمتَ الله مرارته وأنامَه وسمح لك أن تقترب منه، لا تستطيع أن تحتمل ذلك خوفًا منه.

41: 5 (6) هذه: دائرة أسنانه رعبٌ في الوادي. أي إن نظر إنسانٌ داخل فمه فهو لا يختلف عن ذلك الذي ينظر في الوادي العميق. (قال) أناس: ܕܘܪܐ هي تجويف الأسنان.

41: 10 (11) ومثل شرارات نار يشتعلون. أي اللهاث الذي يخرج من فمها لا يختلف عن النار. شرارات نار. هكذا دعا (الكاتب) اللمعانات. قال حنانا: الشيء الذي يُولَد من تلَّة جمر، اللهاث القاسي والمتَّقد([8])، الذي قال عنه (الكاتب): كان يشتعل.

41: 11 (12) مثل دائرة([9]) القدر (التي تغلي). دعا (الكاتب) ܕܘܪܬܐ: الدخان. قال حنانا: الموقدة.

41: 12 (13) نفَسُه يُشعل الجمرات. أي: يلهب (ܬܕܠܩ). (قال) إليشع: حين يلهث تخرج منه جمرات.

41: 15 (16) ܨܘܦܡܐ (الرخام). هو حجر قاسٍ جدًّا. يدعونه في موضع آخر: ܨܢܡܐ. يقول أناس: لونه أسود.

41: 17 (18) باب الرفيق أو السيف([10]) لا يقدر أن يقاوم. أي عدَّة القتال والسيف لا تقدر أن تقف قدَّامه. هذه: يحتمل تفكُّرات([11]) العظماء. فكلُّ حِيَل العظماء تُحسَب له نافلة.

41: 21 (25) قوَّته تمشي على التراب. أي كما على الأرض (الصلبة)، هكذا يمشي في اللجَّة (آ20ب أو 24ب). يدعو الترابَ، الأرضَ.

41: 25 (26) هذه: يصنع للهلاك كلَّ رفيع. أي يسهل عليه أن يُهلك كلَّ شيء يراه وإن يكن كبيرًا جدًّا. هذه: صار ملكًا على كلِّ الزحّافات. عرَّفنا (الكاتب) هنا أنَّ (التنِّين) هو حيَّة (زاحفة).

والتنانين أيضًا لا يتناسلون بالولادة([12])، بل يُجبَلون من الأرض. وشيئًا فشيئًا يأكلون أرض مسكنهم فتتوسَّع بحيث تحتضنهم([13]).

40: 10 (15) بهيموت([14]). هو تنِّين لا مثيل له([15]). دعاه المفسِّر تنِّين الخدعة([16]). اخترعه الكاتب من قلبه بشكل شعريّ، كما ركَّب أيضًا الأقوال العديدة باسم أيُّوب وأصدقائه وباسم الله، تلك التي لا تليق بالحقيقة ولا هي قريبة منها([17]). وقال: ليس في الخليقة حيوان واحدٌ وحيد لا يكون ذكرًا ولا يكون أنثى، فجميع ما خُلق خُلق أزواجًا.

أمّا الذين قالوا إنَّ هذا الكتاب كُتب بيد موسى الطوباويّ، فهم الذين يقولون بحقيقة بهيموت([18]). قالوا: هو صورة عن الشيطان، وكما يُبيد (بهيموت) كلَّ ما يراه (أي 41: 25 [26]) بشكل جليّ، هكذا الشيطان (يفعل) بشكل خفيّ. فصار ابن سرِّ (أو: شريك) الشيطان في الشرّ. فهو باسمه وبأعماله يرمز إلى الشيطان. فبهيموت يكرز بكنيته: به الموت([19]). أي به دخل الموت على البشر (حك 2: 24). ولكن اليهود قالوا: هو ثور([20]) ومنه ومن لاويثان سوف يغتذون عندما يعودون([21]).

ويقولون([22]): ما يقوله (الكتاب): صنعه ليصنع الحرب (40: 14[19] يشبه: أجعل عداوة بينك (صيغة الجمع، Lذئذ؛) وبين المرأة (تك 3: 15). وهذه: كثرة الجبال تحمله (تثقله) (40: 15أ [20أ]) أي: بشكل جليّ يعرِّفنا بهيموت بشكل خفيّ. الشيطان الذي تحمله الجبال أي الملوك ورؤساء الأرض الذين يخدمونه ويتمِّمون مشيئته. وهذه: وكلُّ وحوش البرِّ تنام تحت ظلاله (40: 5ب [20ب])، أي الأشرار والخطأة الذين يسعون على بني جنسهم مثل الوحوش. وهذه: في ملجأ من القصب يتربَّع (40: 16 [21]) يسمِّي (الكتابُ) القصب، لسانَ البشر. إذ هو أصغر وأضعف جميع الأعضاء (يع 3: 5-6) وتُصنَع به كلّ (الأفعال) الشرِّيرة. وحسنًا قال: وتربَّع، ليعرِّفنا باللذَّة التي لدى الشيطان من أقوال اللسان.

وبالنسبة إلى ما يقول الصادقون([23]): ليس من حيوان واحد وحيد في الخليقة. فهم يأتون بالشمس والقمر والسماء والعناصر الأربعة التي صُنعت واحدًا واحدًا (أي: هي فريدة). وأيضًا الفينيق([24]) الذي هو طير واحد في جنسه: مرَّة كلَّ 500 سنة يأتي من معابر العالم في مصر وهو يحمل في فمه (منقاره) الكافور، وعلى المذبح (أو: المحرقة، ܥܠܬܐ) الذي بُنيَ هناك وكأنَّه له. يوقد نفسه مع الكافور في النار التي تخرج بفعل الاحتكاك([25]). والسمندل([26]) هو طائر يُخرج بيضة واحدة ويحضنها إلى أن تخرج منها النار وتأكلها. وبعد ذلك يُولَد من هذا الرماد (طائر) شبيهٌ به، يواصل جنسَه وحده([27]). ويقولون (أيضًا) هذه من داود: «والبعير على الجبال والثيران» (مز 50: 10). قال العبريّ: «بهيموت مرعاه([28]) على ألف جبل». والباقي الذي يتخيَّلونه في شأنه.

(يقول) آخرون([29])، بهيموت هو الشيطان نفسه. (قال) يعقوب الرهاويّ: «بهيموت هو جراد». وفسَّر نوعه وأسنانه ومأكله، والباقي، وبيَّن أنَّه جراد.

*  *  *

42: 6 هذه: أُبعَث من على التراب ومن على الرماد. أي ارتاح على التراب، والباقي. أسألك شيئًا واحدًا: أي أن أُبعث من هذا التراب ومن (هذا) الرماد الذي أنا مرميّ عليه.

 

أن يكون الله تكلَّم من قلب الزوبعة ومن العاصفة، بدعة من وجدان الكاتب، لأن الله ما اعتاد أن يبيّن وحيَه للقدّيسين في الزوبعة بل في نسيم وديع كما فعل مع إيليّا (1 مل 19: 12).

وينبغي أن نعرف أنَّ مع الوحي الإلهيّ (لأيُّوب)، أبعد (الله) عنه كلَّ وجع ونجّاه بسرعة من مرضه. وكما قال ربُّنا للأبرص: شئتُ فكن طاهرًا (مت 8: 3)، وفي ساعته تبعَ العملُ الكلمة. وكذلك أيضًا نعمان (2مل 5: 14): ما إن استحمَّ في الأردنِّ بحسب أمر النبيِّ حتى مضى عنه البرص (ܓܪܒܐ، الجرب)، هكذا أيضًا أيُّوب: مع صلاته (أي 42: 16)، وفي رفَّة عين سريعة، أبعد (الله) عنه الاثنين: جيش الشيطان ومرض الجسد. فاغتسل وبدَّل ثيابه، إلخ.([30])

كم لبث أيُّوب في حزنه، هذا ما لا نعرفه. قال كتاب اليوبيلات: إنَّ زمن جهاده امتدَّ 12 سنة. وقال حنانا وآخرون: سنة واحدة. وقال يوانيس (أو: يوحنّا الذهبيّ الفم): هناك أناس يُحبُّون العمل التقوا في كتاب البارِّ أنَّ أيَّامه كانت 248 سنة، وعاش منها 170 سنة بعد نجاته (42: 16 حسب السبعينيَّة)، فقالوا بثقة: سنوات ضْربَتِه كانت سبعًا. وأتوا بالبرهان فقالوا: أخذ أيُّوب من الله ضعف ما اقتناه قبل الجهاد، ما عدا الأولاد. ومن المعلوم جدًّا أنَّ الزمن الذي فيه امتدَّت حياته السابقة تضاعفت له أيضًا، مع سائر الخيرات. إذًا، إن كان عاش بعد الضربة 170 سنة، كما قيل، فمن المعلوم أنَّه حتّى النجاة هذه، عاش 85 سنة أي نصف هذه، الـ 170 سنة. والحال بما أنَّ هذه الـ 85 سنة تُعدُّ مع 190 سنة المذكورة (التي قيلت، ܕܐܬܐܡܪ)، فيكون جمع السنين 255 سنة. هذا من جهة. ومن جهة ثانية يشهد الكتاب أنَّ (أيُّوب) عاش 248 سنة. فينبغي أنَّ السنوات السبع التي نقصت تكوِّن زمنَ ضربته. فإنَّ 7 و78 إذ تترافق مع 170 تصبح 255. ما كان يليق بالكتاب الإلهيّ أن يعدَّ مع 248 هذه السبع سنوات التي فيها ضُرب، لأنَّها كانت أقرب إلى الموت منه إلى الحياة.

ولكنَّ الله ما ضاعف (عدد) بنيه، لأنَّ نفوسهم كانت محفوظة، بحيث يتضاعف (العدد) في الانبعاث (أو: القيامة). وما ذَكر الكاتبُ أسماء بنيه، لأنَّ (أيُّوب) سمّاهم بأسماء (بنيه) الأوَّلين. أمّا بناته فوضع لهنَّ أسماء تُعرِّفنا بالأحداث التي حصلت له، لأنَّ هذه (الطريقة) كانت محبوبة لدى القدماء.

42: 14 (اسم) الأولى بينهنَّ ܐܝܡܡܐ (النهار). فهي مشعَّة مثل النهار، في اليونانيَّة hmera، إذ إنَّ الله بدَّد وأجاز، كما بنور النهار كلَّ ظلمات المضايق التي أحاطت به.

واسم الثانية ܩܨܘܥܐ (عقد، يُقطع العهد، ܩܨ). أي: جاءت نهاية شروره، وعاد (أيُّوب) إلى الحياة بالشفاء الذي قُطع له من قبل الله. اليونانيّ دعاها ܩܣܝܐ([31]) أي هنيئة بجمالها([32]) مثل العطور.

الثالثة ܩܪܢܦܘܟ (ܩܪܢܐ ܢܦܘܩ: القرن يخرج) أي وإن هاجمته ربوات من المحن فصار فريبًا من الهلاك، عاد قرنه([33]) (ܩܪܢܐ) إلى النصر، وعاد (أيُّوب) إلى الصحَّة وإلى الازدهار اللذين تجاوزا الزمن السابق. (قال) المفسِّر: ܩܪܢܦܘܟ: قرن الآلاهة. وسمَّى أيُّوب بناته باسم إلاهات.

42: 16 هذه: عاش أيُّوب 140 سنة. اليونانيّ قال: 170 سنة (كذلك في الهكسبلة). وكان قبل ضيقه ابن 78 سنة.

ويُسأل: إن كان موسى أدرك (ܗܪܓܝܫ، أو عرف) (أيُّوب)، فلماذا لم يذكره في موضع ما؟ ولكن من الواضح أنَّ (أيُّوب) عاش قبل الشريعة (ܢܡܘܣܐ، الناموس)، لكي نعرف في كلِّ زمان ومكان أنَّ معرفة الله موجودة في كلِّ إنسان بدون تعليم بشريّ، كما نسج (ܓܕܠ) أصدقاء (أيُّوب) تعليمًا رفيعًا حول الله([34]). أوغريس: هل كان زمن لم يكن موجودًا؟ ليس من زمن لم تكن فيه الفضيلة موجودة. ولن يكون زمنٌ لن تكون فيه موجودة. فزروع الفضيلة لا يُفسدها شيء. هذا ما اقتنعتُ به، إلخ.([35])

كمل بعون ربِّنا، تفسير كتاب المجالس([36])

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM