القسم الأوَّل:

القسم الأوَّل

1: 1         كان رجل في أرض عوص. وأيضًا في أيّامنا، هناك موضع في الأرض العربيَّة يُدعى عوص. دعاه اليونانيّ أوسطيديوس(*)، حسب عادة لسان اليونان، الذين يبدِّلون الأسماء ويركِّبونها. أشار (الكتاب) إلى اسم أرضه لامتداح البارِّ ومآثره: في موضع كلُّ سكّانه أشرار وفاسدون، كيف وُجد بينهم مثلَ المرجانة داخل الرمل([1]). وليبيِّن أيضًا أنَّ معرفة الله هي في كلِّ زمان وفي كلِّ إنسان، بدون تعليم إنسان، قال (الكتاب): «إذا كانت الأمم الذين لا ناموس لهم يصنعون من طبعهم (فرائض) الناموس، إلخ» (رو 2: 14). ثمَّ «ولكي يتعقَّبوا الله (ويجدوه انطلاقًا) من الخلائق، إلخ» (أع 17: 27). ولهذا فأصدقاؤه عرفوا أيضًا وجدلوا (ܓܕܠ، أو نسجوا) حول الله تعليمًا عظيمًا. فزرع الفضيلة مزروع بيد الله في كلِّ إنسان. أمّا بروزُه ونموُّه (فيرتبط) باجتهادنا نحن.

1: 3         وهذه (الكلمة): وهذا الرجل كان أعظم من كلِّ بني المشرق([2])، واليونانيّ: وكان هذا الإنسان في جنسه أجمل ما في مشرق الشمس. دعاه جميلاً في جنسه، لأنَّه تحدَّ ث عن سام الذي كانت له البركات الإلهيَّة (تك 9: 26). وكنّاه أيضًا بالمشرقيّ (ܡܕܢܚܝܐ) بسبب إبراهيم الذي أتى من هذا القطر([3]).

1: 5         وكان إذا اقتربت أيّام الوليمة. أي: حين بدأت. قال اليونانيّ: حين تمَّت (أيّام الويمة). وهذه الكلمة: قدَّسَهم. أي طهَّرهم بماء الرشاش وبالذبائح التي قرَّبها لأجلهم. وبما أنَّ البارَّ كان له ملء الاتِّكال بأنَّ بنيه محرَّرون من الخطايا المنظورة (أو: الظاهرة)، بسبب تربيته وتعليمه لهم، قرَّب ذبائح من أجل الخطايا الخفيَّة والأفكار (قائلاً): ربَّما خطئ أبنائي وجدَّفوا على الله في قلبهم.

1: 6         وهذه (الكلمة): أتى أبناء إلوهيم، الذين هم الملائكة، للقيام قدَّام الربِّ، وأتى أيضًا الشيطان، وبقيَّة المقطع (1: 6-12). لا إنَّه كان اجتماع خاصّ، أو أنَّ الشيطان تجرَّأ فتكلَّم، أو أنَّه كان سؤال وجواب، لا أبدًا. ولكن قيلت هذه الأمور بحسب العادة السرديَّة (ܬܫܥܝܬܢܝܐ) لتعليم السامعين. وكما قيل في سفر الملوك: «وخرج الروح من قدَّام الربّ» (1 مل 22: 21)، وبقيَّة المقطع (1 مل 22: 19-22)، ساعة هذه الأمور لم تكن بالفعل هناك، لا كلام ولا سؤال، كذلك هنا أيضًا. لا أنَّ الشيطان اقتنى الدالة ليتكلَّم مع الله أو ليراه، وهو الذي لايقدر أن يراه النوريُّون والروحيُّون (مز 104: 4)، ولكن حسبَ في قلبه. أم ذاك الذي يتحرَّى القلوب ويسبر الكلى (إر 17: 10) فعرف مكره. وهذا يشبه الكلمة حيث «أصعد ربَّنا إلى جبل (عال)» (لو 4: 5) والباقي. ثمَّ هذه: وأتى (معهم) الثلاّب. فتبيِّن أنَّ (الشيطان) أيضًا يخضع لله، وأنَّه مع (الملائكة) في هذا العالم. فكما يختلط البشر الصالحون والطالحون، هكذا الملائكة والأبالسة.

1: 11 وهذه: إذا كان لا يجدِّف عليك في وجهك. وهذه: جدِّفْ على الله ومتْ([4]). وغيرها من مثل هذه الأقوال. اليونانيّ قال، باحترام، يباركك([5]). ثمَّ: بارك. لئلاّ يقتدي بالشيطان وبهذه (المرأة) الوقحة([6]).

 

1: 9 أباطلاً يخاف أيُّوب (الربّ)، إلخ. أي: هو هكذا، لا من حبِّه تجاهك، بل للأجر. فأنت سوَّيتَ هذه له باهتمام كبير.

1: 12 فالشيطان بعد أن نال الموافقة من الله، جمعَ قوَّاته كلَّها، وأمر بعضًا منهم بأن يُبيدوا مقتنى البارّ، وبعضًا آخر منهم بأن يكونوا مبشِّرين بالشقاوات.

1: 16 وهذه: نار الله سقطَتْ من السماء. وهذا لكي تزداد مرمرةً البارِّ وتشكُّكه، إن كان هذا جاء من عند الله الذي خدمَه بأمانة. فمِن قدَّامه أُرسلَتْ نارٌ لتبيد([7]) مقتناه. هذا لا يعني أنَّ (الشيطان) خلق نارًا طبيعيَّة، ولكن شُبِّه هكذا أنَّه أَحرق كلَّ شيء.

1: 17 وبهذه الكلمات: انقسم الكلدانيُّون ثلاث فرق، أراد أن يزرع في قلبه (قلب أيُّوب) ثلاثة (أفكار) شرِّيرة: الأوَّل، الكلدانيُّون هم سحرة وعرَّافون. بعدها، أنَّهم عديدون جدًّا بحيث انقسموا ثلاث فرق. والثالث، لئلاَّ يُعرَفَ ملجأهم([8]) والطرق التي فيها مضوا. وهكذا يتحطَّم ويتبلبل. ولأجل هذه الأسباب الثلاثة، لا تكون له إمكانيَّة بأن يلحق بهم (ܒܬܪܗܘܢ، في إثرهم).

*  *  *

2: 4 وهذه الكلمة: جلد بجلد، والباقي. دعا الجلد بدل الجسد كلِّه حسب عادة الكتاب([9]) الذي يُسمِّي الكلَّ (باسم) الجزء. وهذا ليقول: مرَّات عديدة يهبُ الإنسان الجسد بدل الجسد. هكذا، إن جُرح إنسان على رأسه أو على عينيه أو على قلبه، يمدُّ يديه ويقبل الضربة بحيث ينجو من أذيَّة قاسية. (وقال الشيطان): ليس من العجب أيضًا أن يكون أيُّوب خاف أن تُهمله ربَّما العنايةُ (الإلهيَّة) التي (تسهر) عليه، فتَقبَّل بإرادة صالحة إبادة مقتناه، بدل نفسه، أي من أجل خلاصه.([10])

2: 7 وهذه: فضرب جسمَه كلَّه بقرح خبيث([11])، أي بمرض الأسد([12]). فهذا حين يشتدُّ على إنسان، يتعفَّن جسمُه كلُّه، ويذوب لحمه، وتُفسَد صورةُ وجهه. يَبطل منخراه، ويخرج على الدوام من جسمه قيحٌ منتنٌ، قاسٍ، لاذع، ويفيض عليه. وما كرِهَهُ واشمأزَّ منه (أي: أيوب) الآخرون فقط، بل صار أيضًا كريهًا في عينَي نفسه.

اليونانيّ: (8)([13]) وأخذ له شحفة ليجرِّد قيحه، وجلس على الزبل خارج المدينة. (9) وإذ امتدَّ زمنٌ كثير، قالت له امرأته: «حتّى متى أنت متحصِّن وتقول: (9أ)»  ها أنا أيضًا ثابتٌ وقتًا قليلاً، وأنتظرُ وقت([14]) الخلاص (9ب) ها ذكرُك مُحيَ من الأرض، أبناء وبنات أحشائي، أوجاع الحبل والأتعاب، هذه التي تعذَّبتُ فيها عبثًا. (9ج) فأنتَ جالس في عفونة الدود وتقضي لياليك بلا فائدة تحت الأثير، فتُنجِّس فقط بقيحك قلعات (التراب)([15]) (9د) وأنا تائهة وتعيسة أدور من مكان إلى مكان ومن بيت إلى بيت. أنتظر الشمس حتى تغيب لكي أرتاح من أتعابي وأوجاعي هذه التي تضايقني الآن. (9هـ) ولكن بارك الله([16]) في شيء ما ومُتْ» (10) أمّا هو فنظر إليها وقال: «كما تتكلَّم إحدى...([17]) والباقي.

2: 8 إذا كان الله أجلسه خارج المدينة([18]) فلكي يجعله «منظرًا للعالم» (1 كو 4: 9)، ولئلاَّ يرفضوا بعد ذلك أن يصدِّقوا (ܢܬܗܝܡܢ) أنَّه هو من تحمَّل هذه المضايق، ولكي يستفيد زمنًا طويلاً الزائرون (ܚܙܝܐ، الذين ينظرون) الكثيرون. وكما ترك ربُّنا لعازر أربعة أيَّام (يو 11: 39) لكي ينتن جسمه بحيث لا يرفضون أن يصدِّقوا قيامته، كذلك تُرك هذا (= أيُّوب) زمنًا طويلاً في محنته. ولكن كم من الوقت لبث في عذابه، هذا ما نقوله في آخر الكتاب.

2: 13 وهذه: جلس لديه أصدقاؤه الثلاثة ثلاث ليالٍ (وثلاثة) أيّام([19]). هذا قيل بشكل مفرط. فبأيِّ شكل يجلسون سبعة أيَّام وهم صامتون فقط، أو يبيتون الليالي وهم صائمون؟ ومن يظنُّ أنَّهم لبثوا كلَّ هذه الأيّام والليالي من دون طعام؟ أصدقاؤه الثلاثة الذين أتوا إليه كانوا ملوكًا صغارًا([20]) في هذه الأماكن.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM