أفرام السريانيّ وتفسير أيُّوب في اللغة الأرمنيَّة

أفرام السريانيّ وتفسير أيُّوب

في اللغة الأرمنيَّة

يبدو أنَّ النسخة السريانيَّة لتفسير أيُّوب بيد أفرام ضاعت، ولكن وُجدَتْ مقاطع في اللغة الأرمنيَّة، في قرابة خمسين مخطوطًا. بعضها يتضمَّن المقدِّمة إلى التفسير. وبعضها الآخر يضيف تفسير 1: 1- 12([1]). نُشر هذا التفسير سنة 1912 من مخطوطات الآباء الميخاتيريِّين في فيينّا. وفئة ثالثة ألَّفها جان فاناكان([2])، ذاك الراهب الأرمنيّ الذي عاش في القرن 13 (1181-1251) وجعل فيها مقاطع من شروح سابقة: أوريجان، أفرام، هيسيخيوس، أوغريس... ويبدو أنَّ حصَّة أفرام في هذا التفسير كبيرة.

أمّا المقطع الذي نقدِّم وهو منقول عن الفرنسيَّة، فيعود إلى مخطوط أرمنيّ غالاتا 132 (يعود إلى سنة 1593، وُجد في مكتبة البطريركيَّة الأرمنيَّة في اسطنبول.([3])

جاء تفسير أيُّوب لأفرام بشكل ميمر. وها نحن نقرأ تفسير أي 30-31 ونضع النصَّ الكتابيّ في حرف مختلف.

اسودَّ جلدي عليَّ بعنف،

(واحترقت) عظامي من الحمّى([4])(30: 30).

تحدَّثَ هنا عن غليان داخليّ في أمعائه (آذھ) (30: 27)،

ولكن صوَّره، فجعله خارج جسده،

لكي يرينا هنا تعذيبات التنانين،

كما يتكلَّم النبيُّ([5]) عن شخص الربّ:

5       «أو أنَّ قلبي يتلوَّى في صدري

أو أنَّ لحمي يتعب من قلَّة الزيت» (أو: السمن).

ثمَّ يتكيَّف (مع الوضع) بعد أن ابتعد الفرح:

حلَّ النواح محلَّ عودي

والبكاء([6]) محلَّ المزامير (30: 31).

10     في أماكن عديدة تحوَّلَ،

إنَّما لا بسبب معاصيه،

ولكن بالنسبة إلى محنته الخاصَّة،

ولئلاَّ يُحسَب أنَّه استحقَّها

قام بهذا الاعتراف:

15     قطعتُ عهدًا مع عينيّ:

لن أتطلَّعَ في عذراء([7])(31: 1).

يصعب علينا، بدون تعليم ولا معلِّم

أن نظفر بالأهواء الطبيعيَّة،

وبالشهوات بشكل خاصّ.

20     أمّا أيُّوب والأبرار الذين شابهوه

فكانت معهم شريعة (الله).

لهذا كان كلُّ هؤلاء الناس معروفين،

فما وُجد فيهم شبهُ رياء.

كانوا مثله بسطاء، فاضلين،

25     وكان يتفقَّدهم. فما كان أجره؟

أرسل الله إليه حصَّة من الأعالي (ܡܢ ܠܥܠ)،

والقدير قسمةً من أعالي السماوات (ܡܪܘܡܐ) (31: 2).

في الأعالي هناك، أعطاه الله هذه الحصَّة في بداية حياته،

والقدير أكرمه إكرامًا،

30     فكان قديرًا ورجل خير،

ووزَّع للخصم أيضًا أجرَه.

أيُّ دمار يكون لفاعلي الشرّ!

أيُّ إبعاد لفاعلي الإثم([8])(31: 3).

فهذا جليٌّ من البدايات:

35     ها هي سقطة الشيطان والإبعاد من الفردوس.

وبعد ذلك، كانت أحداث أخرى

أظهرَتْه في الكتب المقدَّسة.

ولماذا دلَّت عليَّ القُرعة؟

فأنا لا أعرف في داخلي تبكيتَ الضمير!

40     وأنتم لماذا تشتمونني (19: 3)

وكأنِّي عرفتُ (ذنوبًا) خفيَّة؟

أما يَرى هو نفسه سلوكي (أو: طرقي: ܐܘܪ̈ܚܬܝ)؟

أما كلُّ خطواتي معدودة (31: 4)؟

هل مشيتُ مع المستهزئين؟

45     وهل أسرعتْ رجلي إلى الماكرين؟([9])(31: 5).

فمع أنَّ هذه الأعمال يراها البشر،

إلاَّ أنَّ لأفكار البشر سُبلاً خفيَّة

يعرفُها الربُّ وحده، كما يُقرُّ النبيُّ بذلك:

«نسجتَ لي عظامًا وعصبًا وجلدًا» (مز 139: 15).

50     ويُقال هنا: «هو من يراقبُ سبلي.

وكلُّ خطواتي معدودة قدَّامه،

ومثلها أفكاري وعواطفي».

وُزنتُ في ميزان البرِّ،

ولكنَّ الربَّ عرف براءتي (أو: سلامة قلبي: ܫܠܡܘܬܝ) (31: 6).

55     الأعمال المنظورة معروفة لديه

ويكشف أيضًا تلك اللامعروفة.

فالربُّ بسلطانه اليوميّ يثبِّتُ

البساطةَ والبراءة، والسلوك المستقيم.

إن حادت رجلي عن الطريق (31: 7أ).

60     فالجسم الذي يتماهى مع الرِجل، ما حاد

بحسب ميله الطبيعيّ نحو (الطرق) الغريبة.

إن ذهب قلبي وراء عينيّ (31: 7ب).

هنا يتكلَّم عن النفس وعن الروح.

اللذين يعملان معًا لدى البشر الموهوبين.

65     من الصعب أن نحافظ عليهما،

أمَّا هذا فكان متنبِّهًا، حذرًا.

إن قرَّبتُ يديَّ من الهدايا (= الرشاوى)

لأزرَعْ أنا وليأكلْ منه الآخرون (31: 8)

ما من أحد اتَّهمه بذلك،

70     ولكن وجب عليه أن يتكلَّم، لكي يبيِّن

أنَّ الهديَّة تُعمي روح البشر،

وتميل بالإنسان عن دينونة الله.

أمّا أنا (أيُّوب) فما عملتُ هذا،

وليتني أجدُ شرحًا على هذه اللعنات!

75     وإن قيل: ما نعمتَ بنسلك،

ليَروا أنَّه سيكون لي (نسل) جديد!

لأُقتلعْ أيضًا من الأرض

إن تعلَّق قلبي بامرأة (صاحبي) (31: 9).

مع أنَّ بنيه وبناته ماتوا،

80     ما أحسَّ بالتوبيخ، بل آمن، مثل إبراهيم،

أنَّ الله قادر أن يُقيم الموتى (عب 11: 19).

ويضيف إلى ذلك براءة النفس:

وإن كنتُ راقَبْتُ باب قريبي،

لترُقْ امرأتي لقريبي

85     وليكن في التعاسة أولادي (31: 10).

بما أنَّه حَفظ نفسه بلا عيب،

في أعماله الروحيَّة والجسديَّة،

اتَّهم نفسه بذنوب مضافة، وأكَّد على رجائه

بأن ينال أيضًا أولادًا من امرأته.

90     أمّا الروح، أولاده، فهم في الرمز عواطفُه،

التي يجب تربيتها لئلاَّ تضطرم اضطرامًا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM