22- فيا إخوتي القديسين عب 3: 1-6

22- فيا إخوتي القديسين

عب 3: 1-6

أحبائي نعود ونتحدث عن يسوع الكاهن. وإذ أراد صاحبُ الرسالة أن يرينا من هو هذا الكاهن، جعل مع يسوع موسى، موسى كاهن ويسوع كاهن. وها نحن نقرأ الفصل 3 من الرسالة إلى العبرانيين.

فيا إخوتي القديسين المشتركين في دعوة الله بما لنا من رجاء. قرأنا أحبائي الرسالة إلى العبرانيين الفصل 3 من 1 إلى 5.

فيا اخوتي القديسين المشتركين في دعوة الله. كل كلمة لها أهميتها. يا إخوتي. نعم، الكاهن هو أب ولا شك، ويُطلَب منه أن يعامل رعيته كالأب مع بنيه وبناته. لا يفضّل بيتاً على بيت، ولا أحداً على أحد، ولا يتعلق بشخص من الأشخاص، ولا بفئة من الفئات. هو أب الجميع، يحبهم كلهم، ولا ينسى أحداً منهم مهما كان وضعه الديني والاجتماعي والحياتي والعائلي. ومع ذلك هو يدعو الجميع: يا إخوتي. نعم، هم إخوته. قال

نعم، هنا تبرز القداسة في الأمانة. يسوع هو الأمين كما سبق وتحدثنا عنه، هو الثابت، هو الذي لا يطلب إلاّ مشيئة الأب، لا مشيئته قال: طعامي أن أصنع مشيئة الأب الذي أرسلني. أنا لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني.

فهو أمين للذي اختاره. نتخيل الله يختار الإبن. فالابنُ مساوٍ للآب، ونكون على مستوى الأعمال الخارجية في الله، نكون على مستوى الخلاص. خلاصنا هو عمل الأب والابن والروح القدس. ولكن هنا هذا الاختيار هو اختيار بشريّ. نعم قبل الآب ابنه، وهذا ما نعرفه وقت المعمودية: نزل في الماء فسمع صوت: أنت هو ابني الحبيب، أنا اليوم ولدتك. هذا هو ابني الحبيب عنه رضيت. نعم، الرب نظر إلى ابنه كإنسان من الناس، وخصوصاً كانت هناك وجوه، كان هناك أشخاص سبقوا الابن في هذا الاختيار.

ابراهيم اختاره الله ليكون رسول الإسمان: أُترك أرضك وعشيرتك وبيت أبيك وتعال إلى المكان الذي أدلك إليه. نعم. وقال الكتاب: آمن ابراهيم فحسب له إيمانه براً. واختار موسى كما سوف يختار داود واشعيا وارميا. أما هنا فنتوقف في الرسالة الى العبرانيين مع شخص موسى: كان موسى أميناً لبيت الله أجمع. نعم، هو الذي أعطى الشرائع، هو الذي رافق الشعب واحتمله في تذمّراته المتواصلة، بل في تجديفه حين سأل: هل الله معنا أم لا؟ هل يقدر الله أن يفعل أم لا؟ كان أميناً لبيت الله، وبيتُ الله هو الجماعة التي خرجت معه من مصر، عبر مستنقعات صارت اليوم قناة السويس. نعم، هو كان مع بعض الرعاع، فجعلهم جماعة صاروا بيت الله. فالكنيسة بيت الله، ليست فقط الحجارة التي نَبني بها الكنيسة. بيت الله هو الجماعة، الجماعة المؤمنة. هكذا كان العبرانيون في البرية بعد أن تطهروا: بيت الله. والذين مضوا إلى المنفى البابلي 587 ق.م كانوا بيت الله ولهذا السبب يقول النبي حزقيال: تركوا الهيكل، تركوا بيت الله الذي من حجر. نعم، ترك الرب بيته الذي من حجر ووقف إلى الشرق من أورشليم، وانتظر المنفيين ليرافقهم. نعم، هؤلاء الذاهبون إلى المنفى بقيادة الله، هم بيت الله، هم خيمة الله. ويقول النبي حزقيال: لما عاد المنفيون عاد الرب معهم. نعم صاروا بيت الله. مضوا في الحزن وفي البكاء، مضوا في العري وفي الفقر، وعادوا أغنياء لأنهم عادوا مع الله بشكل تطواف.

نعم، في بيت الله كان موسى أميناً، ولهذا أقام الله معه عهداً.

ولكن الفرق كبير بين يسوع وموسى. موسى يبقى انسانًا من الناس. أمّا يسوع، وان كان إنساناً من الناس، فهو ابن الله.

والمقابلة: كان أهلاً لمجد يفوق مجد موسى، بمقدار ما لباني البيت من كرامة تفوق كرامة البيت.

نعم، صار موسى البيت، أو بعض البيت، دعا المؤمنين الذين رافقهم. ولكن يسوع المسيح هو الباني، هو الذي يجمع المؤمنين، هو الذي يبني بيت الله. وفي أي حال، حين طرد الباعة من الهيكل، قال: انقضوا هذا الهيكل وأنا أبنيه في ثلاثة أيام. ما كان يتكلم عن بناء من حجر، لم يبقَ فيه حجر على حجر الا ويُنقض. كان يتكلم عن جسده. فالمؤمنون هم جسد المسيح، والمسيح يبنيهم واحداً واحداً، هم أعضاء في جسده. إذاً الفرق شاسع وشاسع جداً، بين الابن وبين موسى. موسى هو البيت وبعض البيت، أما الابن فهو باني البيت، وبدونه لا بيت ولا هيكل جديد، ولا كنيسة ولا جسد المسيح.

ونتذكر هنا بعض المجد الذي ظهر على وجه موسى، حين كان يأتي من على الجبل. شعَّ عليه بعضُ مجد الله فما استطاع العبرانيون أن ينظرواً إلى بهاء وجهه. لهذا كان يضع برقعاً لئلاً يتضايق الآتون إليه من هذا الشعاع الآتي من عند الله.

وما هو هذا الشعاع؟ هو انعكاس مجد الله كما في المرآة. ولكن شتان ما بين الحقيقة وما بين الصورة في المرآة.

إذا كان مجد الله أشعّ، انعكسَ على وجه موسى كما ينعكس الضوء في المرآة فمع يسوع لسنا أمام انعكاس. هو وجهُ الله. هو نور الله، هو شعاع الله كله، في الحقيقة لا في الرمز ولا في الانتظار.

الفرق شاسع. يقول يوحنا الانجيلي: الله ما رآه أحد قط، ما رآه انسان. والابن هو الذي أخبر عنه.

وتحدّث الانجيل عن مجد فوق مجد. المجد البشري يبقى محدوداً، أمّا مجد الله فلا حدود له. ويتابع الرسول: فكل بيت له من يبنيه، وباني كل شيء هو الله.

كان لموسى في هذا البيت، إذا كان قام بعمل في خلاص شعبه، في قيادة هؤلاء الهاربين من مصر، كان له بعض الدور. ولكن ما هو دوره المحدود في المكان والزمان تجاه دور ابن الله الذي لا يحدّه الزمانُ ولا المكان.

بنى موسى جماعة من الجماعات، أما الابن فيبني كل جماعات العالم. وتتواصل المقابلة: ماذا كان موسى؟ الخادم الذي يأتي بعده من يكمّل خدمته. أما المسيح فهو الابن. الفرق شاسع بين العبد والابن. الابن هو الوارث، وارث كل شيء، والعبد لا يكون له شيء. الفرق شاسع بين الابن وبين موسى، هو أمين لكونه ابن الله، ونحن بيته إن تمسكنا بالثقة والفخر بما لنا من رجاء.

نحن بيت الله. كل واحد منا حجر في هذا البناء حدّثنا بطرس الرسول، قال: أنتم حجارة حية في بناء الله. ولكن أي نوع من الحجارة وهنا تقول الرسالة: الثقة، الفخر، الرجاء. نتمسّك بها كما الولد يتمسك بوالديه في ظلمة الليل. نحن نتمسك بالله، وكيف يكون تمسّكنا؟ بأيدينا هو تمسّك خارجي. نتمسّك بالله، بالثقة، بالإفتخار وخصوصاً بالرجاء. نعرف أننا نحن أبناء الرجاء، أبناء الحياة مع الله.

هل نقبل أن نرافق موسى مثل اليهود كما فعلوا لما يسوع كسر الأرغفة؟ قالوا له: موسى أعطانا الخبز أعطانا المن. أم نتعلّق بيسوع المسيح وحده، نجعل ثقتنا فيه وحده، نفتخر به وحده، نترجى أن يرافقنا يوما بعد. يوم يرافق كنيسته، يرافق مؤمنيه، ويرافق الكهنة لكي يعملوا ليس فقط مثل موسى، بل مثل ابن الله، فيبنون يوماً بعد يوم بيت الله. آمين.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM