الفصل الثاني والعشرون والثالث والرابع والعشرون

الفصل الثاني والعشرون

كان في المدينة رجلٌ غنيٌّ اسمه باسيل. واسم امرأته خاريس([1]). وكانت عاقرًا. فجاء باسيل إلى رودون ابن أخي ميرون وقال له: «ما السبب الذي لأجله سُحر عمُّك ميرون بهذا الغريب بحيث لا يأتي بعدُ معنا؟» فأجاب رودون: «نقرُّ أنَّ تعليمه صالح ونسمعه بارتياح». فقال باسيل: «بما أنَّ لهذا الرجل مثل هذا السلطان، قُلْ له لكي يكون لامرأتي ابن». فقال رودون: «إنَّه يملك قوَّة عظيمة باسم إلهه ويستطيع أن يفعل ما ترغب». عندئذ عجَّل باسيل ومضى إلى ميرون لكي يرى يوحنّا، وسأل إن كان يوحنّا يقيم هنا. وقال للعبد إنَّه يرغب أن يراه. فأعلن العبدُ ذلك لميرون، الذي قال ليوحنّا: «باسيل عند الباب ويريد أن يكلِّمك». فنهض يوحنّا حالاً ومضى إلى أمام باسيل الذي تذلَّل أمامه. وقال له يوحنّا: «ليستجب الله كلَّ طلبات قلبك (مز 20: 6). طوبى للرجل الذي لا يجرِّب الربّ (مز 78: 18). فهو من عاقب بني إسرائيل الذين جرَّبوه. آمنْ إيمانًا ثابتًا به وهو يفتقد زوجتك العاقر ويسمع صلاتك». فلمّا رأى باسيل أنَّ يوحنّا أدرك الأفكار التي كانت في عقله، اندهش دهشة. فقال له يوحنّا في الحال: «يا ابني، آمنْ بالربِّ يسوع ابن الله، فيعطيك لأجل ثقتك به، كلَّ ما تتمنَّاه». فأجاب باسيل: «أؤمن بما قلتَ وأرجوك أن تصلِّي إلى الربِّ لكي يكون لامرأتي ابن». فأجابه يوحنّا: «أكرِّر لك، آمنْ فترى مجد الله» (يو 11: 40).

فعاد باسيل إلى بيته وهو ممتلئ فرحًا وأعلن لامرأته ما قال له يوحنّا، وراحا كلاهما وارتميا عند قدمَي يوحنّا. فقال يوحنّا لامرأة باسيل: «يا خاريس، لتُنرْ نعمةُ الله قلبك وقلب زوجك وليمنحك النسلَ الذي ترغبين». وبعد أن كرز

الكتب المقدَّسة، طلب عليهما نعمة الله، وعمَّدهما بناء على طلبهما باسم الآب والابن والروح القدس. وسأل باسيل يوحنّا أن يأتي إلى بيته ويقيم فيه. فما سمح ميرون بأن نترك بيته. ووضعَتْ زوجةُ باسيل ابنًا دُعيَ يوحنّا على اسم معلِّمه، وكان فرحٌ عظيم في الأسرة كلِّها. قبل ولادة هذا الولد، قدَّم باسيل وخاريس ليوحنّا كمِّيَّة كبيرة من الفضَّة لكي يوزِّعها على الفقراء. ولكنَّ يوحنّا قال لباسيل: «امضِ إلى بيتك، يا ابني، بعْ ما تملك فيكون لك كنز في السماء» (مر 10: 21).

الفصل الثالث والعشرون

لبث زوجُ كريسيپ ابنة ميرون، سنتين في وظيفة الوالي، ثمَّ عُزل عن وظائفه وعُيِّن آخر محلَّه. فمضى إلى حميِّه وقال ليوحنّا: «الاهتمام بأمور هذا العالم أحزن نفسي وحرمني من كثير من الذهب والفضة والخيرات الكبيرة. أرجوك أن تعمِّدني وتنقِّيني من خطاياي». فعزَّاه يوحنّا وشجَّعه. وعلَّمه التعليم المقدَّس ونبَّهه إلى أن يؤمن بكلِّ قلبه بيسوع المسيح المصلوب، مخلِّص الجميع. ثمَّ عمَّده باسم الآب والابن والروح القدس.

الفصل الرابع والعشرون

وكان في المدينة عينها رجل اسمه كريسوس([2])، وكان قاضيًا. واسم امرأته سيليني([3]). وكان له ابن يعذِّبه روحٌ نجس. فلمّا علم المدهشات التي يصنعها يوحنّا باسم يسوع، أخذ ابنه وأتى إلى ميرون. فلمّا رآه (الرسول) قال له: «يا كريسوس، خطاياك هي سبب خسارة ابنك. إذا آمنتَ بالإله الحقيقيّ تنال منه الإحسانات العظيمة. لا تقترف الجور في أحكامك وتمِّمْ نظام الله». فأجاب كريسوس: «يا سيِّد، ماذا يجب أن أفعل لكي يُشفى ابني وينجو من الروح النجس؟» فأجاب يوحنّا: «آمن بيسوع المسيح المصلوب فيُشفى ابنك». فأجاب كريسوس: «أؤمن، يا سيِّدي، وليُشفَ ابني». عندئذٍ أخذ يوحنّا يد الولد اليمنى وصنع عليه ثلاث مرَّات إشارة الصليب وطرد الشيطان. فسجد كريسوس عند قدمَي يوحنّا الذي بشَّره بتعليم الكتب المقدَّسة. فمجَّد كريسوس الله وأعلن إيمانه بيسوع المسيح، ورجع إلى بيته. ثمَّ عاد سريعًا مع امرأته وكمِّيَّة كبيرة من الفضَّة (في يده)، وقال ليوحنّا: «خذْ هذا الكنز، يا سيِّدي، وهب لي ولامرأتي ولابني علامة يسوع المسيح». فأجاب يوحنّا: «علامة يسوع المسيح لا تُمتلك بالفضَّة([4])، بل بإيمان صادق. لا تحتفظْ بمثل هذه الأفكار. احمل هذا الكنز ووزِّعه على الفقراء». ثمَّ عمَّدهم وأرجعهم بالسلام إلى بيتهم.

 


[1](1)  Charis : النعمة

[2](1)  Crésus

[3](2)  Silène

[4](3)  نتذكَّر هنا سيمون الساحر. رج أع 8: 18-21. كان جواب بطرس قاسيًا.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM