الفصل الحادي والعشرون

الفصل الحادي والعشرون

وامتلأ يوحنّا من الروح القدس فشرع يروي لهم عظائم الله، وعلَّمهم في الكتب المقدَّسة. فطلبوا منه كلُّهم أن يعمِّدهم باسم الآب والابن والروح القدس. فعمَّد يوحنّا في ذلك اليوم جميع الذين كانوا في بيت ميرون. وزوجة الوالي، ابنة ميرون، واسمها كريسيپ([1]) رأت أنَّ والدها ووالدتها وإخوتها يؤمنون بالله، فقالت لزوجها: «ها كلُّ بيت أبي آمن بهذا الإله المصلوب الذي يكرز به يوحنّا. إذًا، نرغب أن نؤمن نحن أيضًا لكي يتمجَّد بيتُنا مثل بيت والدي. وبما أنَّك تمتلك السلطة، ساعدْنا على الذين يضطهدون يوحنّا». فأجابها زوجها: «لا أستطيع أن أعمل بنصيحتك ما دمتُ واليَ المقاطعة. لأنَّ شيعة المسيحيِّين هي موضوع بغض واحتقار في المسكونة. وإن رأوا يوحنّا وسائر المسيحيِّين يؤمُّون بيتي وبيت أبيك، يظنُّون أنَّنا مسيحيُّون فينتج عن ذلك هجوم قاسٍ على بيوتنا وأُحرَم من وظيفتي. حين كنت حاكمًا في اليونان كنت أتماشى علنًا مع عبادة الأمم، ولكن كنت أراعي في السرِّ المؤمنين بيسوع المسيح. وحين أنهي الزمن المحدَّد لأكون واليًا، يكون مناسبًا أن أعلن أنَّني مسيحيّ. أمّا أنت فخُذي ابننا وادخلي إلى بيت أبيك واستمعي بغيرة إلى كلام يوحنّا، ولينَلْ ابنك العماد معك. لا تستخفَّي بأيِّ كلمة من كلمات يوحنّا ولا تخبريني عنها إلاَّ حين أنضمُّ إلى الإيمان. فإن كانت شرائع اليونان تشجب من يكشف أسرار آلهتهم، فعلى المسيحيِّين أن يكونوا أكثر قساوة في هذا المجال».

وتركت كريسيپ زوجها وأخذت ابنها وأتت إلى أبيها ميرون. ولمّا دخلت حيَّت والديها كما الرسول يوحنّا. فسألها: «لماذا أتيتِ إلى هنا، يا ابنتي؟»

فأجابت: «لكي يتمجَّد بيتي مثل بيت أبي، أيُّها المعلِّم الصالح» (مر 1 : 17). فقال لها يوحنّا: «ليوجِّه الله قلبك وقلب زوجك وقلب ابنك، وليحفظْ كلَّ ما في بيتك». فسقطت كريسيپ عند قدمَي الرسول وقالت: «أيُّها المعلِّم، هب لي ولابني علامة يسوع المسيح». فأجابها يوحنّا: «نمضي أوَّلاً ونكلِّم زوجك لكي تتنقّي بموافقته. فروَتْ له كريسيپ ما قال زوجُها لها، فامتلأ يوحنّا فرحًا حين علم بموافقة الوالي. فعلَّم كريسيپ وابنها، وأوصاها بأن تحافظ على كلِّ فرائض الإيمان، وعمَّدهما باسم الآب والابن والروح القدس.

وحين رأى ميرون أنَّ ابنته وحفيده آمنا بيسوع المسيح ابتهج جدًّا وحمل إلى ابنته كميَّة كبيرة من الفضَّة وقال لها: «هذا ما يكفي حاجاتك. أرجوك، لا تتركي بيتي ولا تعودي إلى زوجك لئلاَّ تكون بينكما منازعة حول يسوع المسيح». فأجابته كريسيپ: «إن شئتَ يا أبي أن أبقى معك، فلتبقَ هذه الفضَّة ملكك. أمضي مع ابني إلى بيتي حيث جمعنا الكثير من الذهب والفضَّة. وإذ نأخذ ما هو ضروريّ، نعود إليك فنكون واحدًا».

حين سمع يوحنّا هذا الكلام، قال لميرون: «ما تَعرضُ على ابنتك غير مسموح. فيسوع المسيح لم يرسلْني لكي أفصل المرأة عن زوجها ولا الزوج عن امرأته([2]). لترجعْ ابنتُك بسلام إلى بيتها، لاسيَّما وأنَّها تؤمن بيسوع المسيح بموافقة زوجها. أنا واثق في الربِّ الذي أرسلني لأكرز بالإنجيل: زوج كريسيپ سيكون في عداد المسيحيِّين. أمّا الفضَّة التي تتكلَّم عنها، فوزِّعْها على المساكين باسم الربّ، لأنَّه قيل في الكتاب: "من يعطي المساكين يُعطي الله" (أم 19: 17). وهكذا أرجع يوحنّا كريسيپ مع ابنها إلى زوجها، ومكثنا مع ميرون. وفي الغد، حمل ميرون كنزه عند قدمَي الرسول وقال له: «خذْ هذه الفضَّة ووزِّعْها على الفقراء». فقال له يوحنّا: «سمعتُ بلذَّة عرضك، لأنِّي أعلم أنَّه آتٍ من حبِّك لله. وزِّعْ بيديك ما تملك للمحتاجين». وميرون الأمين لوصيَّة الرسول، وزَّع ما يملك على المساكين، فباركه الله وفرح كلُّ من نال مساعدة بحسب حاجاته.

 


[1](1)  Chrysippe

[2](2) رج لو 12: 53: «يخالف الأب ابنه والابن أباه...». أيكون معارضًا لما نقرأ في النصِّ هنا؟

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM