نياحة يوحنا

نياحة يوحنا

هذه تسعية (ܬܫܥܝܬܐ، أو خبر) نياحة يوحنا السلّيح صاحب الانجيل. وكانت نياحته في يوم 26 من أيلول.

كان يوحنا الطوبان (ܛܘܒܢܐ، الطوباوي) مع الاخوة التلاميذ، يوم سبت، جالس فرح بالرب. فلما أصبحوا يوم الأحد اجتمعوا، قال لهم: «يا اخوتي عبيد ربي المسيح الذي قد صار لهم معي حظ في ملكوت السماء. قد علمتم كم أعطاني الرب من القوات والعجائب والعطايا المشفية. وعلم وتعليم وخدمة حسنة. فتشددوا واذتكروا الآيات التي كانت تُعمَل قدامكم، واعرفوا التدبير والسر الذي صنع الرب من أجل حياة الانسان. والرب يطلب ذلك منكم. فإياكم لا تحزنوه ولا ترجزوا (ܕܘܓܙܐ، تغضبوا) الاهنا الرحوم القدوس الطاهر من كل نجس القريب من كل فجور الدايم اله الحق وليس فيه كذب. الذي لا يوجر (أو: يوغر، يحقد)، وهو أرفع من جميع البشر. يسوع المسيح ابن الله يفرح بكل خير تعملوه. واسلكوا بالطهارة والعفة. ويجب أن تشاركوه بالأوجاع، لأنه يفرح بنا اذا كنا وديعين، ويُسؤ بنا إذا سلكنا في سبيله. وكلامي لكم في هذه الساعة، يا إخوتي لأني ذاهب إلى ربي، وأوفي الدين الذي ورَّثناه أبونا آدم. ماذا أكثر (كلامي) عليكم؟ معكم نعمة ربنا وعربون رحمته. معكم فرح قدومه الذي لا بد منه، وهو يغفر لكم ما سلف من جهلكم. وان أنتم رجعتم إلى عملكم الأول من بعد ما قد عرفتموه، فليس يغفر لكم ما سلف من ذنوبكم».

فلما تكلم كلامه هذا، صلى وقال: «هذا الاكليل صنعةُ يديك يا يسوع المسيح، فأنت الذي قرَّبت اليك هذه الزهرة الطيبة التي طيبُها ينحلّ. أنت البهي الذي زَرعْتَ ثمر هذا الكلام، أنت الرحوم وصانع الخيرات، انت الذي ليس تتعظم على الخاطئ. أنت محب البشر، أنت منجّي الصديق، أنت الأبدي قبل الدهور. أنت المحيط بكل، وملك كل، يسوع المسيح ابن الله. استرْ يا رب برحمتك المتكلين عليك. أنت عارف بشِّر عدوِّنا وخبثه. فعين (أو: فأعنْ) عبيدك يا رب برحمتك، لأن بأي سبح، أو بأي قربان يلحق الانسان تمجيدك يا يسوع المسيح مع أبوك وروح قدسك؟ لمجد اسمك يا رب الذي بُعث من الآب. نسبح اسمك يا رب، لأن سُمِّيتَ الابن. نسبحك بطريق الحياة. نسبح اسمك من أجل القيامة التي أُظهرتْ لنا بقيامتك. نسبح سبلك، نسبح زرع كلمتك، نسبحك بأمانتنا.

«أنت كنز الحياة، أنت الفدان (أو: السكة) والشبكة التي اصطدتنا، نسبح لعظمتك. أنت الاكليل الذي من أجلنا دعيتَ ابن الانسان. انت الذي أعطيتنا النور والفرح والحرية والحب. أنت الذي ألهمتنا أن نفرّ إليك من الطغاة. أنت ربنا وعين الحياة الذي لا يموت. الينبوع الذي لا يفنى، أساس كل الخليقة، أنت الاله خالق الخلائق من أجل الانسان. لك ندعو لأنا نعرف تقدمك (أو: مجيئك) الذي لا يظهر في هذا العالم الا للأطهار التي تُظهر لهم لاهوتك من سوى جسدك. أنظر يا رب الى المؤمنين بك، وبارك هذا القربان ولنا (ܘܠܢ. وإيانا) من أجله، لأن لك السبح مع الآب وروح القدس آمين».

وصلّى علينا جميع لنكون أهلاً لرحمة الرب ومتأهّلين للقربان المقدس. وبعد ذلك تقرب وقال: «اجعل لي فيه حظًا ونصيبًا يا رب. سلام الرب يكون معكم يا أحبائي» وقال لبيرس: «خذ معك انسانًا آخر، وقفَّة وفأسًا واتبعني». ففعل بيرس كما قال له عبد الله يوحنا. وخرج منطلقًا حتى انتهى الى قبر انسان من إخوتنا. فقال للاخوة: «إحفروا يا أولادي» فحفروا كما أمرهم. فقال لهم: «اعمقوا الحفرة». وكانوا يحفروا وهو يكلمهم بكلام الرب ويعظهم ويشدّدهم بوصايا الرب. فلما فرغوا من الحفر، أخذ ثيابه التي كانت عليه وألقاها في القبر. ورفع يديه إلى السما وجعل يصلي ويقول: «أنت يا رب الذي اخترتنا رسلاً منك إلى المؤمنين وبعثتنا إلى العالم. أنت الذي ظهرتَ وحدك في الناموس والأنبياء. [أسألك] أن تدبّر عبيدك المؤمنين برحمتك. أنت الذي تجسّدت لأنك أحببت الأنفس الهالكة. والذين كانوا سباعًا باتيانك وعجائبك جعلتهم خراف أعفّاء. وخلصت الخطاة وأنقذت الذين كان قد تغلب عليهم الشيطان، وكتبت لهم ناموساً إذ استغاثوا بك. أنت الذي أعطيتهم يدك وأقمتهم ونجّيتهم من الجحيم وأعماله، أنت الذي جعلتهم يعرفوك يقيناً. ربنا وإلاهنا يسوع المسيح اله المؤمنين بك وناموسُهم.

«فأقبل الآن نفس عبدك يوحنا الذي جعلته مبشراً، وحفظته من دنس الناس، وتراءَيتَ لي عند ما أردتُ أن أتزوج في شبابي. وقلتَ لي: "أنا أريدك يا يوحنا". فلما خطئَت بليتني بالمرض ومنعتني ثلاثة مرار. وفي ثلثة (أو: ثلاث) ساعات من النهار تراءيت لي في البحر فقلتَ: "يا يوحنا لو لا (أو: ما) أني قد أتخذتُك لي لتركتك تتزوج". أنت يا رب الذي أعميتَني سنتين وجعلتني أدعوك باكياً. وفي السنة الثالثة فتحتَ عيناي (أو: عينيّ) وقلبي وأصبت بصري الخارج وحجبت عيناي (أو: عينيّ) بعد ما أبرئَت قلبي عن النظر الى وجه امرأة. أنت الذي حفظت حبّي اياك بالزكاوة (أو: الطهارة). أنت الذي سهّلت سبلي اليك والهمتني الأمانة بك بغير افتراق مع يقين معرفتك. أنت الذي تكافئ كل أحد كعمله. أنت الذي صيّرت نفسي تعظّمك أفضل من كل.

«وفي هذه الساعة يا سيدي يسوع المسيح قد تممتُ الخدمة التي ائتمنتني عليها. فاجعلني أهلاً لملكوتك والحياة الداهرة. أبعد عني النار والظلمة القصوى، وأطفئ نار جهنم. أتبعني بملائكة صالحة لتفرق (أو: لتبتعد) عني أرواحُ الشياطين، وتخزى كل قواتُهم، وتهلك كل ساميعهم. وسهِّلْ لي الطريق إليك بغير دنس ولا خطية. واجزني بما وعدت لأحباك (أو: لأحبائك) الذين حكوا بالطهارة واياك التمسوا».

ثم رسم جسده وقال: «أنت معي يا رب يسوع المسيح الى الأبد». وانه نزل القبر واضطجع فيه. وقال: «رحمة ربنا تكون معكم يا اخوتي الى الأبد آمين». وأسلم روحه على المقام بسلام. وانصرفوا الاخوة. فلما كان الغد أتوه الاخوة. فلم يجدوه في القبر وأصابوا تلك الأرض تفوح ريح طيب. حينئذ ذكروا كلمة الرب الذي قال لبطرس من أجله: «إن أردتُ أنا أن يمكث هذا حتى آتي فما لك أنت». ورجعوا بأمانة شديدة، وكانوا يسبِّحوا الله من أجل العجب الذي كان، ويمجّدوه ويهلّلوه إلى دهر الأدهار. آمين.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM