الفصل الثاني والعشرون: الرسالة إلى فيلبي في تفاسير ديونيسيوس الصليبي

الفصل الثاني والعشرون

الرسالة إلى فيلبي في تفاسير ديونيسيوس الصليبي

نشرت مجموعة الكتّاب الشرقيّين، في لوفان، شرح الأناجيل وأعمال الرسل والرسائل العامَّة وسفر الرؤيا، دوَّنها ديونيسيوس الصليبي، مطران آمد (ديار البكر) المتوفّى سنة 1171. ولكن لم تُنشَر إلى الآن شروح بولس الرسول. لهذا اخترنا النصَّ من مخطوط تكرَّم علينا به الأب روجيه أخرس، من الكنيسة السريانيَّة في معرَّة دمشق. كتبه أوَّلاً أفرام مدياي ܐܦܪܐܡ ܡܕܝܝܐ ، وانتهى من كتابته في 7 آب سنة 1869، في أيّام البطريرك إغناطيوس يعقوب الثالث، ومار إيوانيس أسقف طور عبدين. وجاءت النسخة من نسخة قديمة كتبها يوحنّا برملكا قرمز الذي من مزياح القرية الواقعة في طور عبدين، إلى الشرق من مديد وإلى الغرب من قرتمين أو دير مار غبريال. »كُتب هذا الكتاب من أجل مار ميليطيوس برنابا مطران حمص وحماة«.

العنوان: شرح الرسالة إلى الفيلبّيّين، الدافع إلى (كتابة) الرسالة إلى أهل فيلبّي. هؤلاء كانوا في مقاطعة مقدونيَّة. ومدينتهم كولونيا. وبسبب إيمانهم الحقيقيّ أحبَّهم بولس ولاسيَّما من أجل فضيلتهم.

وفي مدينتهم عُذِّب بولس وسيلا. وفيها كانت امرأةٌ بائعة أرجوان، آمنت (أع 16: 14-15). وفيها أيضًا توسَّل رؤساء الجند إلى بولس وسيلا ليقيما (عندهم). وكثيرون من الفيلبّيّين تألَّموا من أجل المسيح. لهذا أحبَّهم بولس. هذا ما نعرفه من الرسالة.

1: 1. بولس وتيموتاوس عبدا يسوع. سمّى نفسه عبدًا، لا رسولاً، مع أنَّه كان موقَّرًا لديهم أكثر من الإخوة. وحين أراد أن يعلِّم ويضع ناموسًا، دعا نفسه رسولاً. هنا دعاه عبدًا لأنَّهم كانوا ملوكًا وفضلاء.

إلى كلِّ القدّيسين، الذين في يسوع المسيح، الذين في فيلبّي. دعاهم (قدّيسين) لأنَّ اليهود دعوا نفوسهم قدِّيسين بسبب العطايا الأولى، إلاَّ أنَّهم لم يكونوا قدّيسين في المسيح.

مع القسس والشمامسة، أي دعا الأساقفة قُسسًا. كانوا يدعون بهذه الكنية في ذلك الزمان، أساقفة وقسسًا. ودعا شمامسةً كلّ الإكليروس، وبما أنَّهم كانوا يحبُّونه، قرَّب إليهم ثمرةً، أفروديتس، الذي كان منهم.

1: 3. أشكر الله على ذكركم (لي). أي شكر الله على الفرح الذي كان له حين ذكرَ فضيلتهم. متضرِّعًا على مشاركتكم. أي أصلّي وأنا فرحٌ، لا وأنا مضايَق. فهناك أيضًا صلاة الكآبة. وأيضًا أشهدَ عليهم أنَّهم شاركوه كما سائر الرسل، بكرازة الإنجيل وفي المتاعب. لا في وقت واحد فقط، بل في جميع الأوقات.

1: 6. فالذي بدأ فيكم الأعمال الصالحة. الله بدأ، فكمَّل الإصلاحات الإلهيَّة لا البشريَّة، بمساعدة الله الذي يُتمُّ فيكم.

1: 7. لأنَّكم موضوعون في قلبي. بيَّن لهم حبَّه الكبير. ومع أنَّه سجين، فهم موضوعون في قلبه، من أجل كرازة الإنجيل وبسبب فضيلتهم.

وفي قيودي وفي دفاعي عن حقِّ (الإنجيل). هي قيودُ حقيقة الإنجيل، وفيها يفرح أن يتألَّم من أجل الله، لا في الضلال، والله هو من يجازي الأعمال. أنتم مشاركون في النعمة. دعا نعمةً القيود والعذابات والاضطهادات، بحسب الكلمة: تكفيك نعمتي.

1: 8. يشهد الله لي كم أحبّ. يدعو الله ليشهد على حبِّه من أجلهم، ليس كما أنَّهم لا يعتقدون أنَّه أحبَّهم، لا برحمة حسب الطبيعة (البشريَّة)، بل تلك الرحمة الحميمة، برحمة المسيح.

1: 9. أيضًا تكثر فيكم وتتفاعل في المعرفة. أي يكثر حبُّكم ولا يكون عاديٌّا. بل في المعرفة أي في الحكم وفي الإدراك، لا بكلامٍ لا تمييزَ فيه تجاه كلِّ إنسان.

1: 10. لكي تكونوا مميِّزين المناسبين. أي المتلألئين، لئلاّ يفسدكم تعليم الهراطقة. هكذا تكونون أنقياء بلا تعثُّر.

1: 11. قال: تكونون أنقياء في يوم المسيح أو ممتلئون ثمارًا صالحة، فلا تشكِّكون إنسانًا، لا في التعليم ولا في السلوك. ومملوءين ثمار البرِّ التي في يسوع. دعا الصدقة ثمار البرّ، لكي يتمجَّد الله أيضًا بهذه.

1: 12. أريد أن تعرفوا أيُّها الإخوة، أن عملي. أراد أن يعرِّفهم أنَّ الكرازة لم تكن باطلة، لأنَّه سجين. بل بالأحرى أتت إلى أمامهم وكأنَّهم أحبّاء الله، فدفعتهم نحو جهادات الفضيلة.

1: 13. تجلَّت بالمسيح في دار الولاية. دعا الدار مملكة نيرون في المدينة.

1: 14. حيث كثرةُ الإخوة الذين في ربِّنا. أي الإخوة الكثيرون الذين رأوا قيودي، تشجَّعوا بالكرازة، وبالأحرى كنتُ مشجِّعًا للآخرين. فأقدموا بالأحرى بلا خوف. قال: وبالأحرى تجرَّأوا، لأنَّ كثيرين شرعوا يكرزون بعد أن اتَّكلوا على قيودي.

1: 15. وأناس (كرزوا) عن حسد وخصام. أي أناس كثيرون لا يؤمنون، كرزوا بالمسيح لكي يحتدَّ الملك حين تنمو الكرازة، فيفرِّغ غضبه كلَّه على بولس. وذلك لأنَّهم حسدوه في تمجُّده ووقوفه (ثابتًا).

1: 17. أناس بإرادة صالحة. أي ببشاشة وبعيدًا عن الممالقة. لأنّي وُضعت للدفاع عن الإنجيل. أي آخذُ التبعات من أجل الإنجيل الذي أكرز به. سواء آمن الكثيرون أو القليلون، فلي الأجر أو العذاب.

1: 16. فهؤلاء في خصام يكرزون بالمسيح. لا بنقاوة (قلب). بل يظنُّون أنَّهم يزيدون قيودي (قيودًا). وهكذا يغتاظ الملك وتبطل الكرازة، وتكثر القيودُ عليّ.

1: 18. بهذا فرحتُ وأفرح، لا في لحظة فقط، بل في كلِّ قوت أفرح من أجلكم.

1: 19. لأنَّ هذا يؤول إلى الخلاص. إن كان بعلَّة أو بحقّ (آ18). سواء كرز الضالُّون بالحقيقة أو الضلال، يبقى أن اسم المسيح يُكرَز به في العالم. بطلبتكم وبموهبة الروح. فإن كنتُ أهلاً لصلواتكم، صرتُ أهلاً لموهبة الروح. وأنجو من الخطر الذي أنا فيه.

1: 20. كما أظنُّ وأنتظر. أي أنا متعلِّق بالرجاء الذي هو علَّة الخيرات، والمضلُّون لا يقدرون عليَّ، لأنَّ رجائي في الله لا يخيب، والآن أيضًا يتعظَّم المسيحُ في جسدي، في كلِّ وقت. في أخطار الموت سقطتُ. والآن يطلب المضلُّون أن يقتلوني فتبطل الكرازة. هم الذين يُخزَون. إن بالحياة وإن بالموت.

1: 21. الحياة لي هي المسيح. وإذا أموت، المسيح يحيى فيَّ، وإن متُّ جسديًا فأنا حيّ، لأنَّ في المسيح الحياة الحقَّة.

1: 22. سواء في حياة بشريَّة لي ثمار بأعمالي. لي حياة الجسد، ولي حياة الدهر. قال: الحياة التي في الخطيئة ليست حياة. قال: الحياة التي في الطبيعة الجسديَّة تحمل ثمار الأعمال الصالحة والحسنة. ماذا أختارُ لي؟ حين قال »اختار« (أعلن) أنَّ الربَّ هو (من يختار). سواء نحيى أو نموت، أختار الربّ الذي يريدني عبدًا له.

1: 23. أشتهي أن أنتقل لأكون مع المسيح. الآن صنع لهم أهمِّيَّة موته، حين ينحلُّ ويكون مع المسيح. يتحمَّلون بعزيمة ولا يتضايقون.

1: 24. ولكن إن أبقى في جسدي ملزمٌ. من أجل نموِّ الكرازة، ومن أجل تعزيتكم، أنا متضايق لكي أبقى في الحياة.

1: 25. لأمكثَ وأبقى. بيَّن الآن أنَّه من أجلهم أراد البقاء، لا لأنَّه يشتهي الحياة الجسديَّة، ولا العاديَّة. بل أبقى معكم لأراكم. فانظروا. لا تخجلوا لبقائي وأنا أُودِعُكم المسيح. لفرحكم ولتقدُّمكم. قال: تقدُّمكم. لا تتوقَّفوا عن التدرُّج في الإيمان، لكي يأتي الآخرون بأيديكم إلى تقدُّم الإيمان، فتكونوا أنتم وهم ثابتين.

1: 26. حين أجيء إليكم يزداد بي أي حين آتي تفتخرون ويفرح قلبكم بمجيئي. ساعة هؤلاء المضلُّون يُذَلُّون، أنتم تتثبَّتون في الإيمان.

1: 27. لكي تكونوا سالكين كما يليق بالإنجيل. هذا ما يُطلَب، ولا شيء آخر. إذا كنتُ بعيدًا. سواء كنتُ بعيدًا أم قريبًا، أسمع أنَّكم قائمون بروح واحد وبنفس واحدة. إذ أسمع أبتهج أنَّكم في الوفاق والبشاشة، بحيث لا يقلقكم شيء.

1: 28. لتبيان هلاكهم. أي لهم الهلاك، ولكم الخلاص

1: 29. وهذا وُهب لكم من الله. كلُّ شيء يعود إلى الله. فبحسب الكرامة والمنحة، لأنَّنا نتألَّم من أجل المسيح، بحيث لا يأتي الخجل إلى أحد.

1: 30. وتحتملون الجهاد كما رأيتم. هم قاموا بالجهاد، ذاك الذي رأيتموه فيَّ. فأنا أحمل إليكم الفرح. فقاتلوا كما رأيتهم فيَّ وسمعتم، هو يحثُّ الجميع على الجهاد والقتال ويحثُّهم.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM