الفصل الخامس عشر: أرسل الله ابنه

الفصل الخامس عشر

أرسل الله ابنه

في كلامنا عن المرأة في الفكر البولسيّ، لا بدَّ لنا أن نتذكَّر ما قاله هذا الرسول في الرسالة إلى غلاطية: »فلمّا جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة« (غل 4: 4). أظهر العهد القديم أنَّ الله هيَّأ على مدِّ التاريخ خلاص البشر. وها هو يُتمُّ هذا التاريخ في ولادة يسوع المسيح. بواسطة امرأة تجسَّد ابن الله. ولكنَّه ما كان ليتجسَّد لو لم تقل امرأة، اسمها مريم، نعم. ها أنا أمة الربّ. ها أنا في خدمة الربّ، فليكن لي بحسب قولك. من هذا المنظار الرفيع ننظر إلى المرأة في الأدب البولسيّ، الذي لم يرضَ أن تتميَّز عن الرجل فقال: »لا فرق بين رجل وامرأة« (غل 3: 28). في ذلك الوقت، كانت المسافة بين الرجل والمرأة، المسافةَ بين العبد والحرّ، بين اليهوديّ والوثنيّ. ولكنَّنا كلَّنا »واحد في المسيح«، فما عاد تمييز على أيِّ مستوى من المستويات. تجدَّدْنا روحًا وجسدًا، لبسْنا الإنسان الجديد (أف 4: 23) فلا مجال للعودة إلى الإنسان القديم.

1- بين الرجل والمرأة في الزواج

أرسل الكورنثيّون كتابًا إلى بولس يتحدَّث فقط عن الرجل تجاه المرأة، في انتظار مجيء يسوع الثاني: »خير للرجل أن لا يمسَّ امرأة« (1 كو 7: 1). فجاء جواب الرسول يبيِّن التوازن التامَّ بين الرجل والمرأة. الواجبات عينها، الحقوق عينها، المقام هو هو للرجل ولامرأته كما للمرأة وزوجها. كانوا يعتبرون، وما زالوا في أماكن عديدة، أنَّ المرأة مِلك الرجل، شأنه شأن سائر أملاكه. نقرأ مثلاً في سفر الخروج: »لا تشتهِ بيت غيرك، ولا تشتهِ امرأةَ غيرك ولا عبده، ولا جاريته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئًا ممّا له« (خر 20: 17).

ولكنَّ بولس الرسول بدَّل كلَّ هذه النظرة باسم الإنجيل، حيث دلَّ يسوع احترامًا كبيرًا للمرأة، فكانت النساء أوَّل من شهد لقيامته ونادى بها. كانوا يقولون: امرأة الرجل. هو بعلها أو سيِّدها. له أن يطلِّقها ساعة يشاء. كلُّ ما يُطلَب منه أن يؤمِّن لها المبيت والقوت والكسوة، وبعد ذلك لا تستطيع أن تطلب منه شيئًا. أمّا هو فيطلب منها كلَّ شيء فتكون خاضعة له، خضوع العبد والجارية للسيِّد.

»لكلِّ رجل امرأته« (1 كو 7: 2). هي تخصُّه. فقال بولس: »لكلِّ امرأة زوجها«. هي له كما هو لها. لا امتلاك العبد والثور والحمار، بل امتلاك الحبيب للحبيبة والحبيبة للحبيب. أما هكذا قالت عروس نشيد الأناشيد: »أنا لحبيبي وحبيبي لي«.

»الرجل يفي المرأة حقَّها«. أي يطعمها ويسقيها كشخص قاصر في البيت، وهو يُحاكَم إن تأخَّر في هذا المجال. فأضاف الرسول: »كما على المرأة أن توفي زوجها حقَّه« (آ3). هذا يعني أنَّ المرأة تستطيع أن تعطي الرجل لكي يغتني كما هو يعطيها، لا الأمور المادِّيَّة فحسب، بل الأمور النفسيَّة والروحيَّة والجسديَّة.

كانوا يقولون: »لا سلطة للمرأة على جسدها، فهو لزوجها« (آ4). تلك كانت الحياة الزوجيَّة. جسد المرأة لزوجها، وإن أعطته لأحد استحقَّت الرجم. وفي أيّامنا، استحقَّت الهجر والطلاق. أمّا الرجل فهو مسلَّط على جسده. وإن هو زنى، لا بأس. والخبر الإنجيليّ واضح: جاؤوا بامرأة زانية إلى يسوع. »أوصى موسى في شريعته برَجْم أمثالها« (يو 8: 5). والرجل أما قالت فيه الشريعة؟ بلى. ولكنَّ الممارسة ألغتها. قيل يُرجَم الرجل والمرأة معًا. بل، إذا كان الزنى في البرِّيَّة، يُرجم الرجل وحده، لأنَّه قد تكون المرأة استغاثت فما وجدت من يُغيثها.

رفض بولس كلَّ هذا المنطق. ولا سيَّما في إطار الحركات النسويَّة. تقولون: يحقُّ للرجل أن يزني. إذًا، المرأة يحقُّ لها أن تزني. هكذا تكون المساواة ولو في الخطيئة. ولكن هل نسينا أنَّ »الزناة وعبّاد الأوثان والفاسقين والمبتلين بالشذوذ الجنسيّ... لا يرثون ملكوت الله؟« (1 كو 6: 9-10). هل نسينا أنَّ الجسد ليس للزنى، بل هو للربّ (آ13)؟ وما هو أعظم ما نسمع: »الربُّ هو للجسد«، لأنَّ الجسد هو للقيامة.

ونعود إلى التبادل بين الرجل والمرأة. »لا سلطة للمرأة، وكذلك الزوج لا سلطة له على جسده، فهو لامرأته« (1 كو 7: 4). وترد الكلمة الرائعة: الاتِّفاق، لا التسلُّط والاستبداد كما يُقال في لغتنا الفجَّة: وطئ الرجل امرأته (داسها)، من أجل أعظم فعل في الكون، به يصير الرجل والمرأة خالقين مع الله الخالق. قال الرسول: »لا يمتنع أحدكما عن الآخر إلاّ على اتِّفاق بينكما« (آ5).

المرأة مساوية للرجل على مستوى الجسد. وعلى مستوى النفس بعد أن تساءل العصر الوسيط إذا كان للمرأة نفس مثل الرجل. وعلى مستوى الروح، هل يمكن أن تكون المرأة تقيَّة؟ كلاّ، قال الفكر اليهوديّ. هي قاصرة وهي تُعذَر إن لم تمارس الشريعة بحذافيرها. فيجب على الرجل أن يقوِّمها. »المرأة غير المؤمنة تتقدَّس بزوجها المؤمن« (آ14). هو من يقرِّر في مجتمعاتنا كما في الماضي، بحيث لا يحقُّ للمرأة إلاّ أن تتبع زوجها كيفما وجَّهها. ولكن إذا كان غير مؤمن؟ ما نلاحظ هنا هو أنَّ الرسول انطلق من واقع كنيسته فتحدَّث في هذا المجال عن المرأة قبل الرجل. قال: »الزوج غير المؤمن يتقدَّس بامرأته المؤمنة«. هذا ما يرفضه الرجل. هو رأس المرأة وما هي رأسه. هو القائد وهي التابعة! كلاّ يقول بولس الرسول. فإن فُرض على المرأة المؤمنة ما يعارض إيمانها، لن تعود (وزوجها أيضًا لا يعود) خاضعة لرباط الزواج، »لأنَّ الله دعاكم إلى العيش في سلام« آ 15). وفي النهاية، تستطيع االمرأة المؤمنة أن تخلِّص زوجها، كما يستطيع الرجل المؤمن أن يخلِّص زوجته (آ16). أما هذا الذي نراه في جماعاتنا المسيحيَّة؟ وضع بولس البذار وها هو ينمو يومًا بعد يوم بحيث لا يترفَّع الواحد على الآخر، بل ينظر إلى الحال التي جعله الله فيها.

2- المرأة والرجل

كانت نقطة الانطلاق: تغطية الرأس. في الإطار اليونانيّ، كانت الزانية تقصُّ شعرها لكي تُعرَف. والرجل الزاني يطيل شعره. فأراد بعض المؤمنين في كورنتوس أن يتحدّوا هذه القاعدة. أنا أقصُّ شعري، ولست بزانية وآتي إلى الجماعة شأني شأن التي تطيل شعرها. مثل هذه المسألة صارت من الماضي بالنسبة إلينا. قصّي شعرك، أطيلي شعرك. وأنتَ أطل شعرك، اترك لحيتك تطول، أحلق لحيتك. كلُّ هذا لا يؤثِّر على الحياة المسيحيَّة. أمّا في ذلك الوقت، فكان الأمر مختلفًا. وإذ تصرَّف الرسول كما تصرَّف طلب الترتيب في الجماعة المسيحيَّة.

»كلُّ رجل يصلّي وهو مغطّى الرأس يهين رأسه« (1 كو 11: 4). وتجاه ذلك، كلُّ امرأة تصلّي وهي مكشوفة الرأس تهين رأسها« (آ 5). أولا نعرف أنَّ المرأة تستطيع أن تصلّي في الجماعة، شأنها شأن الرجل؟ ويمكنها أيضًا أن تتنبَّأ كما الرجل يتنبَّأ. هي تحمل كلام الله كما هو يحمله. وبالتالي تستطيع أن تبني الكنيسة كما الرجل يفعل.

أمّا الغطاء على الرأس؟ نحن لا نمزج عادات الشرق بمناخها الصحراويّ الذي يحمل الرمل إلى المسافر فيجعله يضع الغطاء على رأسه سواء كان رجلاً أو امرأة، وعادات الغرب الذي لا يعرف هذه المسألة، فيحتاج إلى الشمس التي لا تظهر كثيرًا، لهذا فهو يعرِّض رأسه للشمس، رجلاً كان أو امرأة.

وما يمكن أن يكون هذا الغطاء؟ إمّا هو الشعر الذي هو زينة المرأة. »من الفخر للمرأة أن تطيل شعرها، لأنَّ الله جعل الشعر سترًا لها« (آ15). وإمّا هو الحجاب فقال الرسول: »وإن كانت امرأة لا تغطّي رأسها، فأولى بها أن تقصَّ شعرها. ولكن إذا كان من العار على المرأة أن تقصَّ شعرها أو تحلقه، فعليها أن تغطّي رأسها« (آ6). وما قيل في المرأة يقال عكسه في الرجل. »لا يجوز للرجل أن يغطّي رأسه« (آ7). هذا في الغرب. لا في الشرق، وهو أمر لا نزال نعرفه عند القدماء في محيطنا، كما في العادات التقليديَّة.

هل يفرض الرسول هذا الأمر وكأنَّه من عند الله؟ هذا ما لا يقوله وهو من ميَّز في الفصل السابع من الرسالة الأولى إلى كورنتوس بين »الأمر« و«السماح« (آ6). كما يقول في آ10: »وأمّا المتزوِّجون فوصيَّتي لهم، وهي من الربِّ لا منّي، أن لا تفارق المرأة زوجها« (كما كان يحقُّ له وحده أن يفارقها). إذًا، ما هو الموقف الخيِّر؟ »فإن أراد أحدٌ أن يعارض، فما هذا من عادتنا ولا من عادة كنائس الله«(1 كو 11: 16).

برهان على المستوى البشريّ. ما يليق وما لا يليق، من أجل النظام في الكنائس. فكما على مستوى الأكل وعدم الأكل (رو 14: 3). كما على مستوى الغطاء على الرأس وعدم الغطاء. وجاء من أراد أن يؤسِّس هذا الموقف ببرهان مأخوذ من تعاليم الرابّينيّين أو المعلِّمين اليهود. »الرجل صورة الله«. إذًا، »لا يغطّي رأسه«. »المرأة تعكس مجد الرجل«. إذًا، تغطّي رأسها! ولكن أما يمكن هي أيضًا أن تكون صورة الله؟ ففي سفر التكوين نعرف أنَّ الرجل والمرأة كلاهما على صورة الله ومثاله (تك 1: 26). وتابع المعلِّمون: الرجل هو رأس المرأة، لا المرأة رأس الرجل. وقرأوا قراءة حرفيَّة ما هو معنى رمزيّ، حين الكلام عن الضلع التي أُخذت من آدم وبنى بها الله حوّاء (تك 2: 21-22). قال هؤلاء: »وما الرجل من المرأة، بل المرأة من الرجل«. إذًا، عليها »الخضوع«، وأضاف المعلِّمون: »من أجل الملائكة« (1 كو 11: 10).

لستُ أدري كيف دخل هذا البرهان في مثل هذا الكلام؟ ومتى استند الرسول على الشريعة ليقدِّم تعليمه؟ ومتى أخذ بتعليم الرابّينيّين إن كان لا يوصله إلى المسيح؟ ضاع التوازن الذي أوردناه في كلامنا! لا في نظر الرسول، الذي قلب تعليم الرابّينيّين وأعاد المؤمنين إلى الأساس: »ففي الربّ، لا تكون المرأة من دون الرجل، ولا الرجل من دون المرأة« (آ11). كلاهما معًا على مستوى الخضوع والمحبَّة. لأنَّ التعاسة التعاسة بأن يكون الإنسان وحده. سواء كان رجلاً أو امرأة. فلو كان الرجل وحده »مجد الله« لكانت صورة الله ناقصة على الأرض. وكذلك نقول بالنسبة إلى المرأة.

ويردُّ الرسول على الذين يقولون إنَّ المرأة هي من الرجل! هل يحبل الرجل فيلد؟ هل نحن أمام استنساخ؟ أو ربَّما تقمُّص واتِّخاذ جسد جديد؟ نقدِّم هذه الفرضيّات لكي نبرز الحائط المسدود الذي نرتطم فيه إن نحن قرأنا النصَّ الكتابيّ قراءة حرفيَّة، جامدة. لو فعلنا، لبدت المرأة فرعًا من شجرة نأخذه لنغرس شجرة أخرى.

بدا الرسول وكأنَّه يقبل بهذا البرهان »التقليدي« الذي يعطي جميع الحقوق للرجل. ولكنَّه أضاف: »فالرجل تلده المرأة« (آ12). فإذا قبلنا جدلاً أنَّ آدم الذي يعتبره البعض الإنسان الأوَّل، »وَلد« حوّاء، فحوّاء، التي هي أمُّ كلِّ حيّ، التي هي المرأة، تلد جميع البشر ذكورًا ونساء. فلا تفتخر بعدُ أيُّها الرجل! أنت من المرأة. ومع المرأة تعيش وتنمو. مع أمِّك، مع زوجتك، مع ابنتك.

3- المرأة في الجماعة

نحن في كنيسة كورنتوس. كانت لدى المهتدين الجدد عادة »التكلُّم بالألسنة« فأرادوا أن يحافظوا عليها بعد أن تركوا العالم الوثنيَّ »ولبسوا المسيح«. ولكن دبَّت الفوضى في الجماعة. فاعتُبر أعضاؤها »مجانين« (1 كو 14: 23) بفم الذين جاؤوا من الخارج. إذًا، يجب وضع النظام، كما سبق للرسول أن فعل على مستوى »الهندام الخارجي« أو الاحتفال بعشاء الربّ: »فلينتظر بعضكم بعضًا« (1 كو 11: 33).

هل يحقُّ للمرأة أن تتكلَّم في الكنيسة؟ في العالم اليهوديّ، كلاّ. »فلتصمت نساؤكم في الكنائس، فلا يجوز لهنَّ التكلُّم، وعليهنَّ أن يخضعن كما تقول الشريعة (1 كو 14: 32). ونقولها مرَّة ثانية: ما هذا الاستناد إلى الشريعة! ويتحدَّث الرسول عن »جميع كنائس الإخوة القدّيسين«. أي تلك التي في اليهوديَّة، مع ارتباطها بما نعرف من عادات ظهرت في ما قاله يعقوب في »مجمع أورشليم«.

ثمَّ ألا نرى بعض التعارض بين ما قال بولس في آ27 حيث لا استثناء (وإذا تكلَّمتم بلغات فليتكلَّم منكم اثنان أو ثلاثة على الأكثر) وما يقول في آ34 (لا يجوز لهنَّ التكلُّم)؟ بل هناك تراجع بالنسبة إلى ما قيل في البداية من مساواة بين الرجل والمرأة، في الحياة الفرديَّة كما في الحياة الجماعيَّة: »هي تصلّي وتتنبَّأ« (1 كو 11: 5). ولماذا هذا التراجع؟ بسبب تصرُّف النساء في الجماعة، ومحاولة السيطرة في الكنائس. ولمّا أُخذت الإجراءات القاسية في هذا الشأن برزت حركات في الإطار الغنوصيّ تريد أن تكون مريم المجدليَّة أقرب إلى المسيح من بطرس ويوحنّا ويعقوب. وهذا الخطر يتربَّص اليوم بالكنائس، حيث المطالبة بالحقوق في إطار بشريّ، لا كما يقول الرسول: »عندما تجتمعون ولكلِّ واحد منكم ترنيمة أو تعليم أو وحي أو رسالة بلغات أو ترجمة، فليكن كلُّ شيء للبنيان« (1 كو 14: 26). وإذ لم يكن في الجماعة من يترجم »الكلام بالألسن«، فليصمت المتكلِّم »ويحدِّث نفسه والله« (آ28). وما قيل في الرجل يقال في المرأة. زوجها هو من »يترجم«، لا شخص آخر.

من جعل كلام الرسالة يتعارض؟ من عاد بكلام بولس إلى الوراء في هذا المجال؟ لا شكَّ، الذين جاؤوا بعده وجعلوا رسالته في صيغتها النهائيَّة، مستندين إلى كلام الرسول: »الله ليس إله فوضى، بل إله السلام« (آ32). ونحن نعرف كيف يكون التزاحم فيسيطر ما هو »إنساني« على ما هو »إلهي«. المهمُّ هو الكلام »الذي يبني ويشجِّع ويعزّي« (1 كو 14: 3)، لا ذاك الذي يكون للتظاهر بحيث يكون الله في خدمتنا وخدمة طموحنا، ولا نكون نحن في خدمته.

الخاتمة

توقَّف قرّاء الرسائل البولسيَّة عند بعض الأقوال التي تشدِّد على النظام في الكنائس، فاعتبروا أنَّ ذاك هو فكر بولس العميق. هم مخطئون. فشخص مثل بولس لا يتراجع بهذه السهولة، بل إن تلاميذه لم يستطيعوا أن يسيروا في انفتاحه، فعادوا إلى الوراء لكي يستطيعوا أن يجعلوا الهدوء في الجماعات. ما اكتفوا بما وضعوا في الرسالة الأولى إلى كورنتوس، بل راحوا أبعد من ذلك إلى ما في الرسالة الأولى إلى تيموتاوس: »ولا أجيز للمرأة أن تعلِّم ولا أن تتسلَّط على الرجل، بل عليها أن تلزم الهدوء، لأنَّ آدم خلقه الله أوَّلاً ثمَّ حوّاء، وما أغوى الشرّير آدم، بل أغوى المرأة فوقعت في المعصية« (1 تم 2: 12-13). هي عودة إلى ممارسات عرفتها الكنائس الآتية من العالم اليهوديّ، بحيث ضاع الأساس الذي جعله المسيح وأعلنه بولس الرسول. فوضْعُ الخضوع هو وضعُ الإنسان بعد الخطيئة (تك 3: 16). ولكن في المسيح تمَّ لنا الخلاص. وقالت الرسالة إلى تيموتاوس: »ولكنَّها (أي: المرأة) تخلص بالأمومة، إذا ثبتت على الإيمان والمحبَّة والقداسة والرسالة«. من آدم إلى المسيح، ومن الخطيئة والموت إلى البرّ والحياة. ومن حوّاء إلى مريم، ومن المعصية إلى الطاعة. ما خسرته »حوّاء« استعادته »مريم« واستعادته بغنى لا يُحدَّ. ولدت لنا حوّاء أولئك العائشين في حكم الشريعة. ولكنَّ الهدف أن نصير كلُّنا »أبناء الله« (غل 4: 5). وبناته، فنهتف إليه من كلِّ قلوبنا: »أبّا، أيُّها الآب«.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM