الخاتمة

الخاتمة

خطوة أولى في الولوج إلى هذه الخلاصة الكتابيّة والآبائيّة. في محطات ثلاث: عودة إلى الينبوع، انفتاح على الدراسات الجديدة. وأخيراً، دخول إلى الاسكندريّة، تلك الكنيسة العريقة في فكرها. والتي لم يبقَ منها الكثير اليوم.

في أي حال، فالاسكندريّة لا تختلف كثيرًا عن أنطاكية والقسطنطينية وأورشليم. فماذا بقي من أنطاكية التي غابت اليوم في الأرض التركية، تركها العنصر اليوناني ماضيًا إلى أوروبا، وهاجر العنصر السرياني، والقسطنطينية صارت اسطنبول. وأورشليم مقسّمة، مشتّتة، ضائعة.

من أجل هذا، نحاول في هذا العالم العربيّ أن نوقظ الهمم من أجل دراسة الكتاب المقدسّ والتعمّق فيه، مفتدين بآبائنا في الإيمان. إن كانت الصعوبات أمامنا، فصعوباتهم لم تكن أقلّ. يكفي أن نتذكّر ما قاساه أثناسيوس من أجل الدفاع عن الإيمان. وأوريجانس كاد يموت شهيدًا. ولكن عددًا من تلامذته سبقوه إلى الموت.

ولا نتحدّث عن الانقسامات داخل البيت المسيحيّ. فهي حاضرة منذ البداية، حين طلب يعقوب ويوحنا أن يكونا الواحد عن يمين المسيح والآخر عن يساره. أما الانقسامات في أيام أوريجانس وأثناسيوس وكيرلس، فهي كبيرة. تنتقل الجماعات من الاريوسيّة إلى الارثوذكسيّة. ومن الارثوذكسيّة إلى الأريوسيّة، وكل هذا بإشارة من الامبراطور. فالحريّة الدينيّة التي نالتها الكنيسة بعد قرار ميلانو، كانت وبالاً عليها، ولاسيّما حينما سلّمت ذاتها إلى الامبراطور. هو دعا إلى المجمع المسكوني الأول، في نيقية، سنة 325. وجعل المركبات في خدمة الأساقفة. وأمّن للكنائس النسخ من الكتاب المقدس، ولاسيّما في مشغل قيصريّة البحريّة، بقيادة أوسابيوس القيصري.

الوضع هو هو. في القرون المسيحية الأولى وصولاً إلى القرن الخامس، كما في أيامنا. لا يحقّ لنا أن نعيش على التقليد، مهما كان عريقًا. ولا أن نتوقّف عند دراسة الآباء، ولو كان اسمهم أوريجانس وأثناسيوس وكيرلس، هذا إذا حصرنا نفوسنا في الاسكندريّة. هم شعّوا الانجيل. ونحن نشعّه. لا داخل البيت، بل على منارة توصل نور الكلمة إلى الذين في الخارج.

ذاك هو الهدف من هذه الخلاصة التي لا تكتفي بمجلد واحد، بل تمتدّ إلى مجلّدات. والله هو الذي يبارك عملنا. وكنيستنا المسيحيّة بكل فروعها تكون السند البشريّ بمحبّتها وتشجيعها.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM